وأما قوله تعالى: {الله أعلم حيث يجعل رسالاته} (¬1) [37ب] فليست (حيث) ظرفا ل (أعلم) لفساد المعنى، ولا مجرورا؛ لأن (أفعل) لا يضاف إلا إلى ما هو بعضه؛ فتعين أن يكون منصوبا بفعل آخر مضمر يدل عليه (أعلم) (¬2).
الثالثة: اختلف في بناء هذا القسم هل ينقاس؟ فالأكثرون على أنه لا ينقاس، وذهب المبرد في الكامل (¬3)، وتبعه ابن الدهان في الغرة إلى أنه منقاس.
ومنها (¬4): النكرة مع (لا)، نحو: (لا رجل) فإن حركتها للبناء على الأصح (¬5)، خلافا للزجاج، والجرمي، والسيرافي، والرماني، وغيرهم (¬6).
وجوابه: أنه اختلف في علة بنائه على أقوال:
أحدها: أنها بنيت لتضمنها معنى الحرف، ثم اختلفوا، فقيل: تضمنها معنى اللام المفيدة لاستغراق الجنس. ورد بأنه لو كان كذلك لكان معرفة، ونعت بها، كقولك: (أمس الدابر). وقيل: بل معنى (من) الاستغراقية (¬7)؛ وذلك لأن أصل: (لا رجل عندي): (لا من رجل)؛ لأنه جواب من يقول: (هل من رجل عندك؟) على سبيل إثبات (¬8) واحد من جميع الأفراد التي يصدق عليها أنه رجل؛ فيجب أن يكون الجواب بحرف الاستغراق الذي هو (من) ليكون مطابقا للسؤال ومتضمنا لنفي ما سأله. ويدل على أن الأصل ذلك، وجهان:
أحدهما: ظهوره في بعض المواضع، كقول الحماسي (¬9):
صفحة ٥٧