فيختار البناء ويجوز الإعراب، وإن صدرت بفعل معرب أو مبتدأ فالإعراب متعين (¬5) عند البصريين، ويجوز البناء عنده وعند الكوفيين (¬6)؛ فقد تبين أن البناء في هذا القسم غير لازم، ويجوز إعرابه، والكلام في علل ما يوجب البناء؛ ولهذا اعترض ابن إياز على ابن معط (¬1) في ذكر هذا في جملة علل البناء، وقال: "هذا مجوز لا موجب؛ فذكره في معرض الوجوب تسامح" (¬2).
وقال الجرمي (¬3): (مثل) في الآية (¬4) منصوب على الحال من (حق) (¬5). ورد بامتناع عمل (إن) في الحال (¬6). وأجيب بأن ابن جني جوزه في كتاب (التمام) (¬7).
وقال أبو علي: هو حال من الضمير في (حق)، لأنه مصدر (¬8)، وأما سيبويه: فيقول: هو مثل (كما أنك ههنا فعلت)، فتنصب الكاف ب (فعلت) (¬9). قال: (¬10) وأبو عثمان جعل (ما)، و(مثل) شيئا واحدا فبناهما.
الثاني: لا نسلم أن هذا مبني، ولكنه (¬11) لما جاور المبني اكتسب منه البناء، كما تقول في تذكير المؤنث وعكسه، نحو: (قطعت بعض أصابعه)؛ فإنه في حالة الاكتساب لا يزول عنه حكمه الثابت له قبلها.
الثالث: أنها أشبهت [35ب] الحرف في الافتقار؛ لأنه لا تتم (¬12) دلالتها على ما يراد بها إلا بما تضاف إليه، نص عليه الناظم في شرح التسهيل في باب الإضافة، قال: "مع مناسبتها للحرف بعدم قبولها للنعت والتعريف بالألف واللام والتثنية والجمع، وبعدم اشتقاقها، والاشتقاق منها. وهذا صالح لجعله سبب بناء مطلقا، لكنه ألغى في الإضافة إلى معرب، واعتبر في الإضافة إلى مبنى، قصدا للمشاكلة، وبعضها أحق بالبناء من بعض؛ لكونه أزيد مناسبة، ك (غير) فإنها تقع موقع (إلا) وموقع (لا) (¬13) ".
وقال في موضع آخر: الإضافة إلى غير متمكن لا توجب البناء، وإلا وجب بناء المضاف إلى سائر المضمرات والأسماء التي لا تمكن [19أ] لها، وهو باطل، وإن بني شيء من ذلك فلعلة أخرى، كما ذكرنا (¬14).
وههنا فوائد:
صفحة ٥٥