[سنة تسعة وثمانين وستمائة]
ذكر فتوح برج اللاذقية
وهذا البرج شم في أنف تلاع الجهات، وآفة عليها من اكبر الآفات، طالما أصبح وأمسى حسرة في قلب المسلمين، وذخيرة لأعداء الدين. وذلك أنه في وسط البحر ،لالك إليه طريق من برا، ولا ينقب له سور، و کیف و خندقه البحر، وكان يتحصل به الفرنج مال كثير من مينة اللاذقية التي هي مثل مينا الإسكندرية، فقدر الله أن زلازل في شهر المحرم من هذه السنة كثرت، وفي الحصون اثرت، فمنها ما أثر في أسوار قد الحروسة وتدارك مولانا السلطان تلاقيها و إصلاح ماتهدم فيها. وذلك في نصف الحرم.
ومن ذلك ماحصل في قلة مص في حادی عشرين المحرم من هدم أسوارها، وماكاد يأتي على تمحو آثارها، وتدارك ذلك بالعمل والإتقان، حتى كان الهدم ما كان.
ولما كان ليلة السبت خامس صفر، جاءت زلزلة عظيمة في جهة اللاذقية قدمت أكثر زجها الذي في وسط البحر لأمر يريده الله للمسلمين من الخير. وهذا البرج كان مالك عصمتها، وروح حرمتها، فهدمت الزلزلة منه ربعه، وهدمت مرج الحمام ومكان القنديل الذي يستضاء به منها ويستدل به في البحر. وكانت زلزلة عظيمة شديدة. وكان ذلك من الأسباب التي ستلت فتحه، ومردت صرحه.
صفحة ١٥١