قال الشيخ المفيد - رحمه الله -: ليس وجه إضافة الروح [ والبيت ] إلى نفسه (1) والنسبة إليه من حيث الخلق فحسب (2)، بل الوجه في ذلك التمييز لهما بالاعظام والاجلال والاختصاص بالاكرام والتبجيل من جهة التحقق بهما، ودل بذلك على أنهما يختصان منه بكرامة وإجلال لم يجعله لغيرهما من الارواح والبيوت (3)، فكان الغرض من ذلك دعاء الخلق إلى اعتقاد ذلك فيهما والاعظام لهما به.
---
= التدريجية المحسوسة في نمو الانسان تشبيها لها بحركة الجراب المنفوخ أو نحوه فيه، فالتشابه بين نمو الانسان وبين الحركة التدريجية المحسوسة في الجراب المنفوخ يسوغ استعارة لفظ النفخ لمعنى نمو الجسد المحسوس من ولوج الروح فيه، فترى القرآن يصور نمو الانسان من محرك خفي في داخله أعني الروح الشبيهة بحركة الجراب من محرك خفي في داخله أعني الريح، ولكن بتصوير بليغ في لفظ وجيز. أما الروح فهي بمعناها الشائع وغنية عن كل تأويل، والنرض منها الاشارة إلى نمو الانسان في بدء أمره بواسطة الروح غير أن المهم هو كشف السر عن سر إضافتها إلى الله تعالى، فان الاضافات تختلف وجوه الاعتبارات فيها حسب اختلاف المضافات، فالخلق عبيد الله باعتبار رقيتهم له، والرقية من أظهر صفات العبيد، والانبياء سفراء الله باعتبار ابلاغهم أحكام الخالق إلى الخلائق، وهذا التبليغ من أظهر صفات السفراء، والكعبة بيت الله باعتبار اجتماع المسلمين فيها كاخوة، ومن أظهر مزايا البيت جمع شمل الاخوة والعائلة، والمسيح روح الله باعتبار ظهور الكمالات الملكوتية فيه، ومن أظهر صفات الروح أنها مرآة كمالات الملكوت. إذن فالروح تستحق الاضافة الى الله بهذا الاعتبار، إذ هي مرآة كمالات الملكوت والمظهر الاتم لكمالات الرب وأسراره الغيبية، وهذه الوجوه أرضى من أوجه الشيخين الجليلين. ش. (1) أي في الايات الكريمة: (وعهدنا إلى إبراهيم وإسمعيل أن طهرا بيتي للطائفين) (سورة البقرة: 126) - (وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين) (سورة الحج: 26). ج. (2) (أ) (ح) (ز) (ش) (ق) (م): حسب. (3) (ق): والبيوتات.
--- [ 33 ]
صفحة ٣٢