قال الله تعالى: (الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الانسان من طين) (1) فخبر بأن كل شئ خلقه فهو حسن غير قبيح، فلو كانت القبائح من خلقه لنافى ذلك حكمه بحسنها، وفي حكم الله تعالى بحسن جميع ما خلق شاهد ببطلان قول من زعم أنه خلق قبيحا (2). وقال تعالى: (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) (3) فنفى التفاوت عن خلقه (4)، وقد ثبت أن الكفر والكذب متفاوت في نفسه، والمتضاد (5) من الكلام متفاوت ! فكيف يجوز أن يطلقوا على الله تعالى أنه خالق لافعال العباد وفي أفعالهم من التفاوت والتضاد (6) ما ذكرناه مع قوله تعالى: (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) فنفى ذلك ورد على مضيفه (7) إليه وأكذبه فيه.
---
(1) السجدة: 7. (2) ليس هذا الكلام وحده ولا هذه الاية وحدها شاهد الفئة العدلية وشيخها الشارح - طاب ثراه - عند إبطاله لنظرية الجبر وتصحيحه لاسناد أفعال العباد الى أنفسهم، إذ كل آية نزهت ربنا سبحانه عن الشرور وخلق الاثام تؤيده، وكذلك الدلائل التي قضت بأن الشرور امور سلبية غير ثابتة في متن الاعيان ولا مبدأ لها ولا علة تقوي أيضا كلام الشيخ - طاب ثراه - وكذلك القياسات التي أقامها علماء اللاهوت بغرض إثبات أن المبدأ الاول (واجب الوجود) مصدر كل خير وجود، ولا ولن يرى شر ما من ناحيته القدسية. ش. (3) الملك: 3. (4) يجوز أن يكون الخلق هنا مصدرا مرادفا للايجاد لا اسم مصدر مرادفا للموجود، كما ذكر في المتن، فيكون المراد - والله أعلم - أنه سبحانه لا يتفاوت عليه خلق الاشياء صغيرها من كبيرها، أو حقيرها من خطيرها، أو قليلها من كثيرها، ولا يلزم من العدول عن تفسير الشيخ - قدس سره - وهن ما في أصل رأيه. ش. (5) (ق) (ش): والتضاد. (6) ليست في بقية النسخ. (7) (ق): من يضيفه.
--- [ 46 ]
صفحة ٤٥