وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ أَخْبَارِ رُوَاةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ إِلَيْنَا ابْنُ سُفْيَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ أَبُو إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ رَافِعٍ، وُمُحَمَّدَ بْنَ أَسْلَمَ الطُّوسِيَّ، وُمُحَمَّدَ بْنَ مُقَاتِلٍ، وَسُفْيَانَ بْنَ وَكِيعٍ، وَعَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَوِدِيَّ، وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِيَّ، وَمُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ الْقُشَيْرِيَّ وَكَانَ مِنَ الْمُلازِمِينَ لَهُ.
رَوَى عَنْهُ الصَّحِيحَ، وَصَحِبَ أَيُّوبَ بْنَ الْحَسَنِ النَّيْسَابُورِيَّ الزَّاهِدَ، وَكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الْمُجْتَهِدِينَ وَالثِّقَاتِ الصَّادِقِينَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ الْعَدْلِ، يَقُولُ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ فِي مَشَايِخِنَا أَزْهَدَ وَلا أَكْثَرَ عِبَادَةً مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ الْحَاكِمُ: تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانِ وَثَلَثِمِائَةٍ.
قُلْتُ: وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى الْكِسَائِيُّ، رَوَى عَنْهُ صَحِيحَ مُسْلِمٍ وَهُوَ مُتَكَلِّمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ، بَقِيَ دَهْرًا يُعَلِّمُ الْعَرَبِيَّةَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَثَلاثَ مِائَةٍ، وَأَمَّا ابْنُ سُفْيَانَ فَلَهُ فَوْتٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، يَقُولُ فِيهِ عَنْ مُسْلِمٍ فِرَوَايَتُهُ لِذَلِكَ الْفَوْتُ بِالإِجَازَةِ أَوْ بِالْوِجَادَةِ، فَقَدْ غَفَلَ عَنْ تَوْضِيحِهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ فِي ثَلاثَةِ أَمَاكِنَ مُحَرَّرَةٍ فِي الأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ: وَهِيَ فِي الْحَجِّ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، بِرِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ إِلَى بَعْدِ ثَمَانِيَةِ أَوْرَاقٍ أَوْ نَحْوِهَا عِنْدَ أَوَّلِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ «إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ» وَثَانِيهَا: أَوَّلهُ فِي أَوَّلِ الْوَصَايَا حَدِيثُ ابْنُ عُمَرَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ إِلَى قَوْلِهِ فِي آخَرِ حَدِيثٍ رَوَاهُ حُوَيِّصَةَ، وَمُحَيِّصَةَ فِي الْقَسَامَةِ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنْبَأَ بِشْرٌ وَمِقْدَارُهُ عَشْرُ وَرَقَاتٍ.
وَثَالِثُهَا: أَوَّلهُ قَوْلُ مُسْلِمٍ فِي أَحَادِيثِ الإِمَارَةِ وَالْخِلافَةِ حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ حَدِيثَ إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ، إِلَى قَوْله فِي الصيد والذبائح، ثنا مُحَمَّد بْن مهران الرازي، نا حماد بْن خَالِد الخياط، حَدِيث: إِذَا رميت سهمك، وَهُوَ ثمان عشرة ورقة فاعلم ذَلِكَ، وأيضًا فلابن سُفْيَان نَحْو بضعة عشر حَدِيثًا، رواها لعلها عَن شيوخه هُوَ منها فِي طبقة مُسْلِم، قَدْ أفردت فِي جزء.
أَبُو بَكْر النَّيْسَابُورِي الأشقر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى الشَّافِعِي أَبُو بَكْر النَّيْسَابُورِي الأشقر شيخ أهل الْكَلام فِي عصره بنيسابور.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الحاكم صدوق فِي الْحَدِيث، سمع إِبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب، وَجَعْفَر بْن سوار، وجماعة.
توفي فِي آخر سنة تسع وخمسين وثلاث مائة.
قُلْت: رَوَى الصحيح، عَن أَحْمَد بْن عَلِي القلانسي، عَن مُسْلِم، وعنه الحاكم، وَأَبُو العلاء بْن ماهان.
- الجلودي مُحَمَّد بْن عيسى بْن عمرويه أَبُو أَحْمَد الجلودي النَّيْسَابُورِي الزاهد العابد، سمع عَبْد اللَّهِ بْن شيرويه، وَأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّهِ، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن سُفْيَان، ومحمد بْن إِسْحَاق بْن خزيمة، وغيرهم، وصحب من السادة أَصْحَاب الشيخ أَبِي حفص النَّيْسَابُورِي، وَكَانَ ينسخ ويأكل من كسب يده، وَكَانَ فقيهًا عارفًا بمذهب سُفْيَان الثَّوْرِي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّهِ الحاكم، وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن بندار الرازي، وَأَبُو سَعِيد عُمَر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السجزي، وعبد الغافر بْن مُحَمَّد الفارسي، وأخر.
ونسبه أَبُو عَبْد اللَّهِ الحاكم، فَقَالَ: مُحَمَّد بْن عيسى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الشيخ الصالح الزاهد من كتاب عباد الصوفية قَالَ: توفي ﵀ يَوْم الثلاثاء الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاث مائة، ودفن فِي مقبرة الحيرة، وَهُوَ ابْن ثمانين سنة، وختم بوفاته سماع كتاب مُسْلِم، وكل من حدث بِهِ بعده، عَن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن سُفْيَان فَإِنَّهُ غَيْر ثقة.
قُلْت: يشير بِهَذَا إِلَى جرح الْكِسَائِي وأمثاله.
- عَبْد الغافر الفارسي عَبْد الغافر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الغافر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد الفارسي، ثُمَّ النَّيْسَابُورِي أَبُو الْحُسَيْن.
ترجمه حفيده عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل، فَقَالَ: الشيخ الثقة الأمين الصالح، الصين الدين، المحفوظ من الدنيا، الملحوظ من الحق تَعَالَى بكل نعمى، كَانَ يذكر أَيَّام أَبِي سهل الصعلوكي ويذكره وَمَا سمع منه شيئًا، وَكَذَلِكَ لَمْ يسمع من أَبِي عَمْرو بْن مطر، وأبي عَمْرو بْن نجيد، مَعَ إمكان السماع منهما، وسمع غريب الخطابي بسبب نزول أَبِي سُلَيْمَان عندهم حِينَ كَانَ حضر نيسابور، وَلَمْ تكن مسموعاته إلا ملء كمين من الصحيح والغريب وأعداد قليلة من المتفرقات من الأجزاء، ولكن كَانَ محظوظًا مجدودًا فِي الرواية، رَوَى قريبًا من خمسين سنة منفردًا عَن أقرانه مذكورًا مشهورًا فِي الدنيا، مقصودًا من الأفاق، سمع والصدور، وَقَدْ منه الأئمة قرأ عَلَيْهِ الحافظ الْحَسَن السمرقندي صحيح مُسْلِم نيفًا وثلاثين مرة، وقرأه الشيخ أَبُو سَعِيد البحيري نيفًا وعشرين مرة، هَذَا سِوَى مَا قرأه عَلَيْهِ المشاهير من الأئمة، استكمل ﵀ خمسًا وتسعين سنة، وطعن فِي السادسة، وألحق أحفاد الأحفاد بالأجداد، وعاش فِي النعمة عزيزًا مكرمًا فِي مروءة وحشمة إِلَى أَن توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة، قُلْت: توفي يَوْم الثلاثاء بَعْد العصر خامس شوال بنيسابور.
رَوَى عَن: ابْن عمرويه الجلودي، وإسماعيل بْن عَبْد اللَّهِ بْن ميكال، وبشر بْن أَحْمَد الإسفراييني، وأبي سُلَيْمَان حمد بْن مُحَمَّد الخطابي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الفتح نصر بْن الْحَسَن التنكتي، والحسين بْن عَلِي الطبري نزيل مَكَّة، وعبد اللَّه بْن أَبِي القاسم القشيري، وعَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي عُثْمَان الصابوني، وإسماعيل بْن أَبِي بَكْر القاري، وَأَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن الفضل الفراوي، وفاطمة بنت زعبل العالمة، وآخرون سواهم.
1 / 1