المظنون أنها مدينة بيبلوس القديمة، وفي التوراة جيبال (ملوك أول 5 : 18 حزقيال 27 : 9)، وهناك آثار قديمة من أعمدة ونواويس، وفيها قلعة عظيمة شاهقة، وفي جوارها آثار قديمة معتبرة، وروى بعضهم أنها في القديم كانت تدعى بيبلوس عند اليونانيين، وكانت تدعى جبلة أو بئر سبع، وتذكر غالبا أنها مدينة فينيقية واقعة بين طرابلس وبيروت، وأرضها تدعى أرض جبلية - انظر (يشوع ص13 عدد 5) - وسكانها مذكورون في جملة بنائي حيرام ملك فينيقية، الذي ساعد الملك سليمان في بناء هيكل القدس، وقيل أيضا إنها مكان مولد «أدونيس»، وهي الآن كائنة على شاطئ بحر الروم إلى الشمال مع انحراف إلى الشرق من بيروت، وقد استولى عليها العرب مرة تحت قيادة الخليفة عمر، وقد خربت مينا جبيل في زمن حروب الصليبية الذين أخذوها واستولوا عليها سنة 1100ب.م، وبقيت مدة في حوزتهم أي مدة تملكهم في سورية، ثم استولى عليها حالا الإسلام ثم المصريون، ثم أخذتها الدولة العلية من عزيز مصر سنة 1840ب.م، ومعنى «أدونيس» كما روي على حسب ما جاء عندهم في معرفة سيراي حكايات آلهة عبدة الأصنام أن أدونيس هو معشوق فينوس إلاهة الجمال والمحبة، وأن أدونيس هو ابن سينيراس ملك قبرس، وأنه كان مغرما في الصيد، وأن خنزيرا بريا جرحه بنابه جرحا مميتا، وأن فينوس إلاهة الجمال والمحبة معشوقته قد ناحت وتأسفت على فقده، ونقلته - أي حولته - إلى شقيق نعماني. «ونعماني منسوب إلى النعمان بن المنذر ملك العراق؛ لأنه مر بمكان قد انفرش فيه هذا الزهر فقال ما أحسن هذه الشقائق، وأمر بحمايتها، فنسبت إليه، وقيل إن المراد بالنعمان الدم تشبيها لها به لحمرتها»، وأما البترون فهي المسماة عند اليونانيين بتريس، قيل بناها إيثو بعل ملك صور في عصر إيليا النبي، وعلى مسافة نصف ساعة منها قلعة قديمة على رأس صخرة عظيمة في بطن واد منفرج يقال لها قلعة المسيلحة، وهي على جانب طريق طرابلس، لكنها الآن مهجورة.
الجدري البقري:
إن الجدري، هي بثور حمر بيض الرءوس، تنتشر في جميع البدن أو في أكثره تتنفط وتتقيح سريعا، وهي في الغالب لا تصيب الإنسان إلا مرة واحدة، وقد تصيبه في النادر مرتين، وليس لها نظير في ذلك غير الحصبة التي هي شعبة منها، ولذلك تسميها العامة موسما تشبيها بما لا يكون في أوقات متعددة، ثم إن مرض الجدري البقري عرفه «إدوار جنر» الطبيب الإنكليزي المشهور، الذي ولد في سنة 1749ب.م، وقول بعضهم سنة 1746، ومات سنة 1823ب.م، وأول معرفة له كانت أن الطبيب المذكور لاحظ أن عامة الناس الذين كانوا مكلفين بأن يعتنوا في حلب البقر في البراري كانوا يسلمون من الجدري، فالطبيب المومأ إليه بعد أن نظر في ضرع إحدى البقرات رأى فيه مرضا حبيا ذا عدوى مختص في هذه الحيوانات، استدل منه وحكم أن ذلك هو تلقيح الجدري عارض من السم الذي هو تلك المادة المعدية الموجودة داخل هذه الحبوب، وأن هذه المادة المذكورة كانت تقي بنات المزارع من الجدري، ومن ذلك الزمان صار اكتشاف تلقيح علة الجدري البقرية، وصار جنر الطبيب المومأ إليه معدودا في جملة أولئك الذين لهم أوفى فضل عظيم على الجنس البشري، وكان اكتشاف هذا الطبيب لهذا التلقيح في سنة 1776ب.م، وما أشهره إلا في 14 أيار سنة 1796ب.م، بعد أن تحققه بالملاحظات والفحص والامتحان مدة عشرين سنة، وفي حزيران سنة 1798 أشهر كتابه في العالم، فرسم ديوان أعيان دولة إنكلترا مكافأة لهذا الطبيب على عمله المبرور جزاء بمبلغ خمسمائة ألف فرنك، وقال بعضهم ثلاثين ألف ليرا إنكليزية، وذكر المؤرخون من المظنون أن أصل هذه العلة كانت في بلاد الهند أو بلاد الصين، ولم تعرف في أولاد العرب حتى سنة 622ب.م، وأنها امتدت من هناك بالتدريج شمالا وغربا، ولم تبلغ إنكلترا حتى النصف الثاني من الجيل التاسع ب.م، وقبل جنر المذكور كانوا الأطباء في أوروبا يستعملون ما تعرفه العرب بالطعم أو المطعوم، وهو قيح يأخذونه من جدري المجدرين فيدخلونه تحت الجلد من الأصحاء، فإن المطعمين يأخذون بذلك الجدري الحقيقي، وهو لخفته لا يتضرر منه كثيرا، فلذلك لم يمت به إلا القليل إلى أن ظهر جنر المومأ إليه فأصلح العلاج كما مر.
جزيرة سسيليا:
هي جزء من مملكة نابولي، وإلى الجنوب منها جزيرة مالطة، وهي أكبر وأظرف وأثمر وأشهر جزيرة في بحر الروم، ومعظم طولها مائة وثمانون ميلا، وعرضها ينيف عن مائة ميل، وهي منفصلة من طرفها الجنوبي لجهة إيطاليا ببوغاز مسينا الضيق الذي هو نحو ميلين من الجانب الواحد إلى الجانب الآخر، وهذه الجزيرة على شكل مثلث الزوايا، وهي تضيق بالتدريج كلما تقدمت نحو شطوطها الشرقية إلى أقصى حدها الغربي، وتتوسطها بالطول سلسلة جبال تصل إلى جوار الشط الشمالي، وترى أن أسفل قسم من هذه الجبال يبلغ علوه ستة آلاف قدم، كناية عن ألفين وخمسمائة ذراع إسلامبولي، وكلها مملوة زروعا ومن النباتات الكثيرة الفاخرة، وكلما صعد الإنسان إلى أعلاها يرى الغابات التي فيها أشجار كثيرة تحيط بهذه الجبال، ولكن القسم الأعلى هو أجرد خال عن الأشجار ومسود من جري نيران فوهات البراكين المتواترة فيها. أما أودية هذه الجزيرة فهي مملوة سكانا، وبها كثير من أشجار الزيتون والعريش والحبوب والأشجار ذات الأثمار والأعشاب أو الحشايش العطرية، وتأتيها المياه من الجداول الكثيرة الصغيرة وميناها حسنة، وبقرب الطرف الشمالي من هذه الجزيرة ترى جبل أتنا العظيم ذا شكل مخروطي محيط، قاعدته ثمانون ميلا، وعلوه العجيب 10872 قدما، كناية عن أربعة آلاف وخمسمائة وثلاثين ذراعا إسلامبولية فوق سطح بحر الروم، وهذه القاعدة معمورة بالمزروعات، وفي أعلى المكان المملو أشجارا توجد فوق الحرش الخرابات السوداء المنقذفة من فوهة هذا البركان الذي دائرة فوهته مقدار ميلين، ناهيك عن غيره من البراكين الصغيرة هناك التي بقيت النار داخلها، وكانت تنبعث من جوانبها المتقطعة شذر مذر من جري النيران، وهذه الجزيرة كانت في الأعصر القديمة كرسيا لكثير من بلدان اليونان الزاهية، فكانوا يرحلون من بلادهم ويقطنون فيها، وكان في هذه الجزيرة قبلا من السكان أضعاف ما فيها الآن، ثم على التوالي استولت عليها حكومة قرطجنة ثم الرومان والغوثيون وملوك اليونان والعرب والخلفاء الفاطميون ... إلخ والنورمان والفرنسيس، إلى أن صارت أخيرا مستقلة أولا تحت حكومة إسبانيا وتحت حكومة نابولي، ومذكور في التاريخ أيضا أن استيلاء الفينيقيين على هذه الجزيرة لم يكن زيادة عن قرن ونصف، حتى إنهم لم يتملكوا ساركوس «أحد مدنها قديما، وأما من مدنها المشهورة الآن فهي مدينة بالارمو» ولا النواحي المحيطة بها، وأن أهل قرطجنة المذكورين قد استولوا على القسم الغربي من هذه الجزيرة، وذلك بمعاهدة سنة 340ق.م، ويستدل من خرابات الهياكل العظيمة التي كانت في هذه الجزيرة قديما أنها كانت ذات ثروة وأهمية إلى سكانها اليونانيين، ومن جملة هذه الهياكل المشهورة فيها كان هيكل يدعى هيكل الجبابرة وهيكل المشتري المنسوب إلى أولمبيا «مدينة في اليونان» الذي هو الأكبر فيها بعد هيكل أقسوس المشهور، الذي كان أكبر بناية، وكان معدا عندهم لمقاصد دينية وهيكل الكونكورد قرب محل يدعى «جبرجنتي»، ولا محل هنا لذكر تفاصيل الغارات التي شنت عليها وتواريخ الذين استولوا عليها المذكورين قبلا، ولقد اقتصرنا على ملخص الحال. انتهى.
الجزار:
أصله من إيالة بوسني في بلاد الترك في أوروبا، وكان مملوكا وبيع في مصر، ثم ارتقى بالتدريج من رتبة مملوك إلى رتبة وزير أو باشا. اسمه أحمد، وكان مشهورا في قساوته. تولى سنة 1776ب.م، وتوفي سنة 1219 هجرية، الموافقة لسنة 1805 أو 1804ب.م، وكانت وفاته في عكا، وتولى إسماعيل باشا ثم قتل، وتولى عوضه سليمان باشا حينئذ، ومات سليمان باشا سنة 1819ب.م، وتولى عوضه عبد الله باشا الخزندار.
جعفر: «ويقال لقومه الجعافرة»، هو جعفر البرمكي وزير هارون الرشيد العباسي، وهو ابن يحيى بن خالد بن برمك المجوسي، وإليه تنسب البرامكة، وهو سادس إمام من نسل علي، ولد في المدينة سنة 702ب.م، ومات سنة 765ب.م.
الجغرافيا:
والجغرافيا بتخفيف الياء صناعة، يبحث فيها عن هيئة الأرض وأقسام سطحها وأنواع أهلها وحواصلها ... إلى غير ذلك، ويقال لها رسم الأرض أيضا، وهي يونانية مركبة من: جي؛ أي أرض، وكرافي؛ أي وصف، فيكون تحريرها: رسم الأرض. فأول من سعى في توسيع حدود المعرفة الجغرافية وأنشأ فيها سفرا مخصوصا للاكتشاف الملك «نيكو» ملك مصر سنة 406ق.م ، فإنه أرسل إلى البحر الأحمر، وإلى الأوقيانوس الهندي عمارة بحرية مملوة رجالا من الفينيقيين، الذين رجعوا في ثالث سنة بعد أن طافوا حول أفريقية، ووصلوا إلى عواميد الملك هرقلوس أو بوغاز جبل طارق في بحر الروم إلى مصر، وعلى ما ذكر في التاريخ أن فن الجغرافية قبل هذه المدة المذكورة كان أصله منسوبا إلى الفينيقيين، الذين كانوا يكتشفون اكتشافات عظيمة، وجالوا أفريقيا وأوروبا ثم أخذ عنهم هذا العلم واتسع عند المتأخرين الذي لا يسعنا أن نورد أسماءهم هنا.
صفحة غير معروفة