الفاتحة
المقدمة
1 - في تاريخ القسطنطينية وأصل الأتراك
2 - أسماء السلاطين من آل عثمان والسلالة الطاهرة العثمانية
3 - في فوائد تاريخية نثرية، ومسائل استطرادية، وحوادث، وفنون اختراعية
الفاتحة
المقدمة
1 - في تاريخ القسطنطينية وأصل الأتراك
2 - أسماء السلاطين من آل عثمان والسلالة الطاهرة العثمانية
3 - في فوائد تاريخية نثرية، ومسائل استطرادية، وحوادث، وفنون اختراعية
صفحة غير معروفة
التحفة السنية في تاريخ القسطنطينية
التحفة السنية في تاريخ القسطنطينية
تأليف
سليمان بن خليل بن بطرس جاويش
الفاتحة
بسم الله الأزلي السرمدي
الحمد لله الأزلي القديم، الذي بيده الملك وهو بكل شيء عليم، سبحانه لا إله غيره، عديم الابتداء والانتهاء، فسبحانه من إله جعل الأولين عبرة للآخرين، وأسأله العون في ما قصدت وهو المعين، وأحترس بنور هديه من الخطأ المبين، أما بعد، فإن أجل ما يقتنيه المرء من درر اللطائف، ويستودعه من غرر الأعمال بيض الصحائف، هو الفوز بحمد إله أزلي تنزه عن أن يكون له أول فيؤرخ، أو آخر يمر مع كرور الدهور وينسخ، ومنتهى توسلي إليه عز وجل أن يحفظ قطب دائرة العدل والإنصاف، من تفتخر به الأواخر على الأوائل، ويعجز اللسان والقلم عن أن يترجما عظم اهتمامه العالي الهامي بتكثير الفوائد والمعارف، حضرة مولانا الأعظم عبد الحميد خان أيده الحميد الرحمن، من ثبت له الفخر والمجد، وسمت أيامه بطوالع السعود والإقبال، فلا زال يرفل في حلل المفاخر والإجلال، ويسمو الأفلاك وأسنى المحال، فلا تلت له الأيام عرشا، ولا زالت لسطوته الأنام تخشى ما ضاء النيران، وتعاقب الجديدان، آمين اللهم آمين.
المقدمة
يقول العبد الفقير إلى مولاه الغني سليمان بن خليل بن بطرس جاويش من مدينة دير القمر: إنني طالما صبوت إلى الاطلاع على تاريخ القسطنطينية المحروسة، وأصل الدولة العلية التي هي في بسطة العدالة والمرحمة مغروسة، وشاقني إدراك تواريخ الأقدمين من فتوحات واختراعات وفنون وفوائد تاريخية نثرية ومسائل استطرادية، كيف وإن جاذب ومجد هذه الدولة قد جد بتوقياتي وهيامي فيها، فطفقت أستعين بما ألف بهذا الشأن في العربية والتركية والفرنساوية والإنكليزية؛ للتوصل إلى المقصود من طريق مختصرة، فأنهج بمشروعي هذا فيها بالإيجاز، فجمعت هذا الكتاب، وسميته: التحفة السنية في تاريخ القسطنطينية، وقسمته إلى ثلاثة أجزاء؛ الأول: يشتمل على تاريخ القسطنطينية وأصل الأتراك. والثاني: يشتمل على جدول السلاطين آل عثمان العظام والسلالة الطاهرة العثمانية من عهد نوح حتى عهد المرحوم السلطان عثمان الغازي بن أرطغرل. والثالث: يشتمل على فوائد تاريخية نثرية ومسائل استطرادية وفلكية وحوادث وفنون اختراعية. فجاء بعون الله كتابا في إفادته كبيرا، وإن كان في حجمه صغيرا، ولا أقول مع ذلك أنه خلي من الخلل، أو عري من الزلل؛ فإن ذلك لا يتبرأ منه إنسان، وهو محل الخطأ والنسيان، وأطلب ممن اطلع عليه أن يتجاوز عما طغى به القلم، وزلت به القدم، كما قال الشاعر:
إن تجد عيبا فسد الخللا
صفحة غير معروفة
جل من لا عيب فيه وعلا
فإن العصمة والكمال لله وحده، وهو الكريم الغفار.
الجزء الأول
في تاريخ القسطنطينية وأصل الأتراك
إن مدينة القسطنطينية كانت في ما غبر من الأعصار القرية الأولى بين قرى طراشيا - أي طراسة - التي هي الآن قسم من بلاد الروملي في أوروبا، وكانت تسمى ليغوس، وهي قاعدة بلاد الترك في أوروبا وكل المملكة العثمانية، أسسها بيزاس، وكانت تدعى قديما البيزنتيوم - أو بيزانس - باسم موسعها، وذلك سنة 656ق.م، ويسميها الأتراك استنبول، والمتعارف في التاريخ - وهو الأشهر - أن أول من أسس هذه المدينة بيزنس رئيس الماغربين، فقيل لها بزنطية، وذلك قبل التاريخ المسيحي بألف ومائتي سنة، وكانت القسطنطينية مختصة بالملك داريوس هستاسيوس - أحد ملوك الفرس المعروف بداريوس الأول ابن الأمير هسناسب من سلالة تشمشيد من عائلة وجيهة في مدينة باسراكاد الكائنة في قارة آسيا القديمة - وهي كانت محل أعراش الملوك الأقدمين، وقد بنى باسراكاد الملك شيروس من ملوك الفرس فداريوس المشار إليه، تولى تخت الملك سنة 521، ومات سنة 485، وذلك قبل المسيح، ثم استولى على القسطنطينية أهل يونيانس الذين هم أحد الأقسام الأربعة في شعب هالان، وهو جنس يوناني قديم من أحد عشر إلى خمسة عشر جيلا قبل المسيح.
وبعد ذلك استولى على القسطنطينية الملك أكسرخوس الأول - وهو الخامس من ملوك الفرس قبل المسيح - من أربعمائة وخمس وثمانين سنة إلى أربعمائة واثنتين وسبعين سنة، ثم خلفه في الملك على القسطنطينية أهالي مدينة سبارط، وهي مدينة من بلاد المورة، وقاعدة بلاد لاكونيا، وكان تأسيس هذه المدينة في سنة 1880ق.م، والسلطان محمد الثاني استولى على سبارط المذكورة سنة 1460ب.م، وخربت في الجيل الثالث والثلاثين من تأسيسها، بعد أن كانت مقر حكومة بلاد المورة، وإلى الآن لم يزل لها آثار قديمة. ثم بعد استيلاء أهالي مدينة سبارط على القسطنطينية كما مر، خلفهم في الاستيلاء على القسطنطينية أهالي مدينة أثينا، فهذه المدينة والتي ذكرناها - أي سبارط - قد وقع النزاع والقراع سابقا بينهما على تملك القسطنطينية، وبقي ذلك الحال زمانا طويلا. أما أثينا المذكورة، فهي قاعدة قديمة لبلاد أتيكا، وأتيكا هي بلاد اليونان قديما، وقيل إن أثينا تأسست سنة 1643ق.م، وإن مؤسسها إنما هو شيكروب الذي ضمته إليها قبيلة مهاجرة من قبائل مصر، وأصل شيكروب من بلد «صا» في مصر.
وأما القسطنطينية فقد استقلت حينئذ وصارت معدودة ذات قوة بين القوات البحرية، وهي تعد من المدن سمع لها وقع كبير، وعرف لها شأن خطير في القدم، وتاريخها يستدعي النظر والاعتبار. ثم بعد هذا الاستقلال حصرها فيليب ملك مكدونيا، ولم يمكنه امتلاكها، وهو أبو إسكندر الكبير المدعو الملك فيليب الثاني الكبير ملك مكدونيا، الذي هو ابن أمنيتاس ثامن ملوك مكدونيا المدعو أيضا أمنيتاس الثالث، ولد سنة 383ق.م، ومات مذبوحا من بوصانياس سنة 336ق.م، وخلفه ابنه الأكبر الملقب بإسكندر الكبير، وكان حصار فيليب المشار إليه للقسطنطينية على غير طائل البتة، ثم اتحدت القسطنطينية مع الرومانيين، وساعدتهم في مدة حرب ميريادتس ملك البنطس الملقب بالكبير، وكان عدوا ألد للرومانيين شديد الإحنة والحقد عليهم، فكان جزاؤها على اتحادها أن أفيزت بالاستقلال التام، وذلك تحت ظل حكومتهم، وفي الجيل الأول عادت مثل طراشيا مرتبطة ومتعلقة في المملكة، وفي سنة 193ب.م اشتهرت القسطنطينية تحت إمرة الجنرال الروماني المدعو بسينيوس نيجار، وفي عهده حاصرها مدة ثلاث سنوات الملك سبتيم سافار، وهو أحد ملوك الرومانيين، أصله من مدينة لبتيس - من أعمال أفريقيا - فأمكن له أن يستولي عليها، فعاجلها بالدمار. ثم تجدد بناؤها بعناية الملك كاراكلا - أحد ملوك الرومانيين الذي ولد في مدينة ليون سنة 188ب.م، وهو ابن الملك سبتيم سافاروس المتقدم ذكره - وقد أقيم ملكا سنة 211ب.م.
وفي سنة 196ب.م كانت القسطنطينية تحت تسلط الملك غاليان وخلفائه، الذي هو أحد ملوك الرومانيين ابن الملك فالاريان، ولقد تولى غاليان سنة 253ب.م، وقتل تجاه مدينة ميلان من إيطاليا سنة 268ب.م، وأبوه الملك فالاريان المذكور قد ولد سنة 190ب.م، ولم تحصل القسطنطينية على رونقها إلا في زمن الملك قسطنطين؛ الذي أكمل ترميمها في الجيل الرابع سنة 330ب.م، أي بعد أن تبوأت اليونان أرضها، وهي كانت مبنية على سبع تلال، وسميت قسطنطينية نسبة إلى الملك قسطنطين الكبير المشار إليه المدعو قسطنطين البالبولوغوس، وهو قسطنطين الأول الملقب بالكبير ابن الملك قسطنطين من زوجته الملكة هيلانة، الذي مات سنة 306ب.م، بعد ما خلف قسطنطين الكبير المذكور سنة 274ب.م، فمات قسطنطين الكبير هذا سنة 337ب.م، وكان له ثلاثة أولاد: وهم قسطنطين، وقسطنسوس، وقسطان، ولقبها فروق؛ لأن فيها تفرقت القياصرة غربا وشرقا، فأقام هو في هذه المدينة، وتملك على الرومانيين في المشرق، وجعل هذه المدينة تخت قيصريته وقاعدة مملكة الرومانيين، فصارت كرسيا لملوك الشرق، وما لبثت أن فاقت على مدينة رومية التي كانت وقتئذ أم المدن بعظيم بنائها وكثرة شعبها وغناها واتساع تجارتها، حتى إنها بارتها وفاضلتها أيضا بقدمية الآثار المشهورة.
وفي سنة 413ب.م حدث فيها زلزلة؛ فدكتها وصيرتها قاعا صفصفا، واستمرت حتى بناها الملك تاودوسيوس الثاني مرة أخرى، وفي سنة 557ب.م حدثت فيها أيضا زلزلة عظيمة؛ فخربت ثانية بمدة الملك جوستنيان، أحد ملوك الشرق الذي تولى فيها ومات سنة 565ب.م، ثم جدد بناءها، وأعادها أحسن مما كانت سنة 658ب.م، قبيلة من مدينة أركوس. وأركوس هي مدينة من بلاد اليونان القديمة، كانت أسكلة بحرية للمورة، ولما انتصر البرابرة وتسلطوا علي المملكة الغربية، فجزئت المملكة الرومانية سنة 395ب.م، وكانت هذه المدينة قاعدة للمملكة الشرقية، أي أن ابتداء مملكة بزنتيا كان سنة 395ب.م - كما ذكرنا - وانتهاؤها سنة 1453ب.م، والبرابرة في الأعصر الخوالي كانوا قبائل غربية مختلفة في أوروبا، تدعى الأمم ذات الخشونة، وهم الهونيون والغوطيون والونداليون والبورجيون؛ الذين كانوا يسكنون الأقاليم الواسعة في شمالي أوروبا، والنورمانديون والغاليون نسبة إلى غالة فرنسا القديمة، واللومبارديون ومن شمالي جرمانيا ومن أقاليم مختلفة من ألمانيا ومن الشمال الغربي من ولايات آسيا وغيرها، فهؤلاء جميعا كانوا أقل تمدنا من اليونان والرومانيين، وكانوا يشنون الغارات على كل أقسام المملكة الرومانية، ويتقاطرون من أقاليم مختلفة؛ لينتقموا من الرومانيين جزاء لهم على سوء عملهم مع الناس، ولم تدخل أصلا في حوزة الرومانيين، بل كانت مشتتة في تلك الأقاليم الواسعة الواقعة في شمالي أوروبا وفي الشمال الغربي من ولايات آسيا، وهي الآن مأهولة بالدانيمرقية والأسوجية واللاهت والروسية والتتر الذين لم يعرف لهم تاريخ قبل هذه الغزوة في المملكة الرومانية، ومنتهى ما نعرف بخصوصهم إنما هو ما روي عن الرومانيين، ومن حيث إن الرومانيين لم يتوغلوا داخل تلك البلاد العقيمة، التي لا ينتج فيها زرع، فلم يوردوا لنا عنها إلا تفاصيل ناقصة جدا، تتعلق بأحوال تلك الأمم القديمة التي كانت تقطنها، وكانت هذه الأمم سالكة طريق التوحش والبربرية، لا تعلم شيئا من الفنون والكتب، ولم يكن لها زمن ولا رغبة في البحث على الوقائع الماضية، وربما كان لها إلمام بذلك في كونها تتذكر بعض وقائع حادثة، وأما الأزمنة الخالية فأغفلت عندهم نسيا منسيا، وربما موهوا عنها بحكايات وخزعبلات باطلة، وزيفوا تواريخها بالبسابس والترهات، وكثر عدد هؤلاء الأمم الخشنة الذين تغلبوا بالتعاقب على المملكة الرومانية من ابتداء القرن الرابع إلى وقت سقوط مملكة الرومانيين، وكان اليونان والرومانيون بذلك الوقت يحسبون في عداد الشعوب الأولى في العالم، وكانوا يدعون القبائل التي لا تعرف لغاتهم ولا شرايعهم وقوانينهم وآدابهم برابرة.
ولقد تواترت على مدينة القسطنطينية دهمات الملوك، فحل بها الخراب مرارا، وتتابعت عليها الحروب، فأغار عليها الدول من التتر والأعاجم وأهل البلغار والصليبية وغيرهم، ولقد كابدت شدة الحصار مرارا، وقاست غزوات هائلة، فشملها النهب والسلب والخراب المرة بعد الأخرى، ثم لم تطل المدة حتى حصرت القسطنطينية ولم تؤخذ، فأول من حاصرها هم القبائل غير المتحدة، وهم من التتر وخلافهم، وذلك سنة 593ب.م، ولم يمكنهم أخذها، ثم حاصرتها القبائل المتحدة مع الفرس سنة 625ب.م، وهذه القبائل من متحالفة وغير متحالفة هن قبيلتان، أصلهما من التتر، ظهرتا في غربي شاطئ نهر الدون من بلاد الروس سنة 557ب.م، وكفى بما أسلفناه من القول في أصل جميع هذه القبائل. ثم حاصر العرب القسطنطينية من سنة 671 إلى سنة 678ب.م، وهم الذين أغاروا على إسبانيا سنة 712ب.م. ثم حاصرها البلغار سنة 755ب.م، والبلغار هم شعوب قديمة كانت على شطوط نهر فولكا في بلاد الروس، وفي الجيل الثامن ب.م فشا في القسطنطينية علة الوباء واشتدت، فكان عدد من ماتوا فيها ثلاثمائة ألف نفس، ثم حاصرها شعب يدعى فاريك سنة 866ب.م - وهو شعب نورماندي أتى من بلاد ناروج - ثم عقبه الصليبيون، واستولوا على القسطنطينية سنة 1203، وأقاموا عليها ملكا؛ الملك ألكسيس الرابع ابن إسحاق الملاك الملقب بألكسيس الصغير، وكان عمه ألكسيس الملاك قد طرد أباه إسحاق الملاك وأودعه السجن سنة 1195ب.م، فأنجاه من السجن ولده ألكسيس الرابع المذكور، وجعل لأبيه إسحاق الملاك حظا في الملك، فألكسيس الملاك ملك القسطنطينية تعاصى على أخيه إسحاق الملاك المرقوم، وانتزع من يده الملك سنة 1195ب.م، ودام له الملك حتى خلعه منه ابن أخيه ألكسيس الصغير - المار ذكره - سنة 1203ب.م كما تقدم، فتولى ألكسيس المومأ إليه مدة ستة أشهر فقط، ثم قلبه عن تخت الملك وخلفه ديكاي مرتزفل المدعو ألكسيس الخامس.
صفحة غير معروفة
ثم عاد الصليبيون ثانية، وأخذوا القسطنطينية في السنة الثانية تحت راية الملك ديكاي مرتزفل المذكور، وإذ ذاك استقر الصليبيون وأقروا القسطنطينية على حال واحدة، وأسسوا فيها المملكة اللاتينية، وكان جلوس ديكاي مرتزفل على كرسي الملك سنة 1204ب.م؛ أي في السنة الثانية بعد خلع الملك ألكسيس الرابع الصغير، وكانت مدة حكم ديكاي المشار إليه أشهرا قليلة ؛ حيث قلبه الصليبيون عن منصب الحكم، وولوا عوضه بودوان أمير مقاطعة قديمة في فرنسا تدعى فلاندر، وهذا الأمير كان قائد جيش الصليبيين، وفي سنة 1261ب.م حضر الملك ميخائيل بالولوغوس الثامن - ملك مدينة نيس «من أعمال إيطاليا» - واستولى على القسطنطينية بغتة، وصعد عرش المملكة الشرقية واستوى، وهذا الملك هو من أوجه العائلات في الشرق، تولى أولا مدينة نيسا «مدينة من بلاد الأناضول»، وهو سلطان مملكة البالولوغوس، والبالولوغ هي عائلة شريفة، خرج منها عدة ملوك وتولوا القسطنطينية، فمات الملك ميخائيل سنة 1282ب.م؛ إذ كان يجهز عساكره على طراشيا التي يدعونها الآن روملي، فالصليبيون هم الذين اكتشفوا البوصلة - أي بيت الإبرة - التي صارت بها حالة الملاحين إلى الأمن والطمأنينة، وسهلت المعاملات بين الأمم البعيدة، فكأنها قربت الناس بعضهم من بعض، وبعد ذلك كله هجم على القسطنطينية مرارا عديدة السلطان أورخان سنة 1337ب.م، والسلطان بايزيد، والسلطان مراد الأول. أما السلطان أورخان فقد أخذ عدة مدن عنوة في جملتها مدينة نيسا، التي عقد فيها مجلسان آنفا «وهي من بر الأناضول». أما استيلاؤه على هذه المدن، فإنه كان سنة 1333ب.م، وقد سلب ما في ضواحي الأستانة سنة 1337ب.م، وسن شرائع المملكة ورتب القوانين. أما السلطان مراد الأول فقد أتم تحصيل المملكة سنة 1362ب.م، وأحدث طريقة الانكشارية المعروفة بالوجاق «وسيأتي بيان وقت ولادتهم وجلوسهم على تخوت الملك، إلى غير ذلك في الجدول المدرج في هذا الكتاب.»
وأخيرا أخذتها الدولة العلية من يد الدولة الرومانية، وكان ذلك الفتح المبين في التاسع والعشرين من شهر أيار سنة 1453ب.م، الموافق للعشرين من جمادى الأول سنة 857، تحت راية السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح، ويكنى بالأكبر، ولد في مدينة أدرنة سنة 1430ب.م، وخلف أباه السلطان مراد الثاني، الذي توفي في مونيزيا سنة 1451ب.م، وقد حاصر أيضا السلطان محمد بلغراد، واستولى على قونتة، وضرب أداء الجزية على بلاد مورة، وفتح مدينة طرابزون سنة 1462ب.م، التي فيها كانت نهاية دولة الروم، وفتح غيرها من المدن، وأغار سنة 1470ب.م على جزيرة اغربوزة التي يقال لها في بعض الكتب العربية نقر بنت، واستولى على قاعدة مدنها، وبعد ذلك بعشر سنوات أرسل أسطولا من البوارج الكبيرة إلى جزيرة رودس، ففرقت من سطوته بلاد إيطاليا وبلاد أوروبا وآسيا، ولم ينقذها منه إلا موته؛ فإنه كان يضاهي إسكندر الكبير، وكانت وفاته سنة 1481ب.م، ومدة ملكه إحدى وثلاثين سنة، وعمره إحدى وخمسين سنة.
وهذا السلطان المشار إليه هو من خلفاء السلطان عثمان الغازي بن أرطغرل - أول سلطان في المملكة التركية - وإليه تنتهي سلاطين آل عثمان ودولتهم العثمانية المعظمة، الذي استولى على جانب عظيم من آسيا الصغرى سنة 1305ب.م، وجعلها تخت السلطنة، ولقد أفصح المؤرخون بقولهم إنه من حين بنى القسطنطينية الملك قسطنطين الأكبر إلى ذلك الوقت؛ أي حين فتحها الأخير كما ذكر، قد حصرت تسعا وعشرين مرة، وأخذت سبع مرات، وفي المرة الأخيرة أخذها حضرة السلطان المشار إليه وضمها إلى المملكة، وتقررت هذه المدينة حينئذ على وجه قطعي، وصارت قصبة المملكة، فالقسطنطينية لها وقع عظيم في التاريخ الكنايسي، وليست هي الآن من موضوع كلامنا. أما المراد بالانكشارية على ما مر من ذكر هذه اللفظة قبلا، فهو أن لفظ انكشارية تركي معناه العساكر الجديدة، وهو وجاق جعله السلطان مراد الأول سنة 1362ب.م، زهو السلطان الثالث في الدولة العثمانية، وقد أكمل ترتيب هذا الوجاق السلطان بايزيد الأول سنة 1389ب.م، فإنشاء هذا الوجاق أولا على الوجه الآتي: فإن السلطان مراد الأول أراد أن يحدث وجاق من العساكر لخدمة نفسه؛ ليكون حرسا له وخفرا، فأمر ضباطه بأن يأتوا إليه كل سنة بخمسة من الشبان الذين يؤخذون أسرى في الحرب توصلا تمام مراده؛ إذ إن ذلك آيل لمصلحة الدولة، فجرت العادة منذ ذاك الحين بأن تقدم له الأولاد الأسارى، فيربيهم ويدربهم على أصول دين الإسلام، حتى تعهدوا من صغرهم الطاعة والضبط والربط والتدرب على الطريقة العسكرية، وكان لهم جانب عظيم من الشجاعة، ثم جعل منهم طائفة سميت الانكشارية، سرت فيها الغيرة الدينية والحمية الإسلامية، فخصصها السلطان بأسنى علامات الشرف التي ينعم بها الملوك على من شملوهم بالتفاتهم الخاص، فكان هذا سببا في تقوية هذه الطائفة في أصول الجندية وإغرائها بحب الفخار والقتال؛ فعلا شأنها، وارتفع مقامها، وصارت في عاجل الحين أعظم العساكر العثمانية، وكان ذلك مدعاة لنجاحهم وانتصارهم، فاشتهروا بالبسالة والامتياز عن جميع الوجاقات التي كانت معدة لخفارة ذات السلطان، وعادوا يبذلون جهدهم في خدمة السلاطين، حتى صار السلاطين يراعون وجاقهم ويعاملونهم أحسن معاملة، وكان وجاق الفابوكلي - يعني خفر باب السلطان - هو المهاب في الدولة الذي يخشى بأسه السلطان ووزراؤه، وحينما عبأ السلطان مراد الأول المشار إليه فرقة من هؤلاء العساكر، بعثها إلى الحاج بكتاش - وكان من الأولياء، واشتهر بالمكرمات والإنباء بالغيب - وأرسل إليه راجيا منه أن يسمي هذا الجيش الجديد باسم خاص، وينشر عليه لواء، ويسأل الله تعالى نصرته في الغزوات، فلما مثلت تلك العساكر بين يديه، وضع كمه على رأس أحد رؤسائهم، وقال: فليدعوا بالانكشارية، وأخذ في الدعاء لهم، فقال: اللهم اجعل لهم الشوكة دائما أبدا، وكللهم بالظفر سرمدا، واجعل نصالهم قاطعة، وسنانهم على هامات أعدائهم لامعة، واجعلهم في كل جهة مسرورين، وردهم آمنين فرحين، فكان عددهم في الأصل ستة آلاف عسكري، وهذا العسكر مؤلف من عسكر بيادة، وكان ينظم في سلكه أشد الرجال، وأخيرا زاد عددهم فبلغ في أيام السلطان اثني عشر ألفا، وذلك سنة 521م، ثم أخذوا في الكثرة من ذلك الوقت، وكانوا يشتهرون بالبراعة العسكرية، وينتصرون في الحرب، حتى صاروا أقوياء، فتعاصوا على السلاطين، وكانوا قبل تعاصيهم مخوفين، يأتون أعمالا منكرة، ففعلوا في القسطنطينية أفعال العساكر البريطوريانية في مدينة رومية، فانحط وجاقهم عن درجته؛ لمساوئهم وفعائلهم المستهجنة، فتحصنوا في القسطنطينية في شهر حزيران سنة 1826 للميلاد.
وكان أول من أبطل وجاقهم السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح، بعد أن تأتى عليهم خطب عظيم، وذبحوا في القسطنطينية، حتى في نفس آت ميدان وما بقي منهم جد في آثارهم، فأدركوا في الولايات وباقي حدود المملكة، ثم إن أول من سن أحكام العسكرية في الدولة العثمانية المرحوم السلطان سليمان، الملقب بالسلطان الفاخر، ويعرف عند الترك بالقانوني ، وهو الذي رسم بجعل الخزائن على مثال منتظم؛ هذا ما قرره المؤرخون، وأن الدولة العثمانية العلية كان لها في زمن شرلكان ارتباط وعلاقة مع دول أوروبا، وأنها كانت تتداخل غالبا تداخلا جامعا بين السطوة والبأس. أما منشأ الأتراك فهو من تركمانيا، التي هي قسم من بلاد التتر في نواحي بحر الخزر، وهنا محل لأن نبسط الكلام في أصل الأتراك وأصل الدولة العثمانية الطاهر وفقا لأقوال المؤرخين؛ فقد قيل إن الأقاليم الجنوبية التي هي أخصب بلاد آسيا، لا بد أن يفتحها عدة مرات الأمم أهل القوة والشجاعة الذين كانوا يسكنون بلاد تتارستان الفسيحة، فمن هؤلاء الأمم طائفة تسمى بالترك، ويقال لها أيضا أمة التركمان، جاءت مع رؤسائها مرارا عديدة، وفتحت البلاد بالتتابع من سواحل بحر الخزر إلى بوغاز الدردانيل «وهو بوغاز إسلامبول»، وفي أثناء القرن الخامس عشر فتح هؤلاء الشجعان ذوو السطوة والحماسة مدينة القسطنطينية، وتغلبوا على الروم، وهم اليونان، وعلى الأفلاق والبغدان وغيرهما من بلاد الروملي، وعلى مقدونيا، وعلى قسم من بلاد المجر، وبلاد البارستان إنما هي بلاد التتر، وكانت في القرن الثاني عشر أرحب الممالك وأعظمها شوكة؛ وذلك لأن الإمبراطور جنكيزخان جمع قبائل التتر وجعلها عصبة واحدة، فقويت بذلك شوكته، وتغلب على بلاد الصين وبلاد العجم وجميع بلاد آسيا من بحر الأسود إلى بحر الهند، ثم تغلب خلفه على بلاد الموسقو وبلاد بولونيا وجزء من بلاد ألمانيا، ولو لم يدرك الفشل هذه القبايل، لاستدركت على بلاد أوروبا قاطبة، ومن رواية بعض المؤرخين أن التركمان في الأصل تتر، جاءوا من بلاد التتر وشمالي بحر الخزر، وقال آخرون: إن التتر اسم لعدة قبايل مختلفة، كل قبيلة منها تسمى باسم يخصها دون غيرها، إلا أنها متفقة بالأخلاق وبالعادات، ولهم مهارة في ركوب الخيل، ولما انقرضت الدولة الرومانية غادروا صحاريهم، وانتشروا كالجراد في الأقطار؛ فمنهم من تغلب على بلاد أوروبا، وهم الهونيون، ومنهم من استولى على بلاد العجم ثم على معظم أناطولي، وبعد ذلك تغلب على مدينة القسطنطينية التركمان كما ذكر.
أما التتر منهم فهم قوم رحل، وقيل إنهم نزلوا في خراسان، وتزوجوا من نساء تلك البلاد، فأنتج من ذلك جنس يسمى عند الفرس تركمان؛ أي شبيه بالأتراك، مع أن الحجري قال في تفسيره (عدد 2 ص10 من سفر التكوين): إن من توغرما بن يافث بن نوح قد تناسل الأتراك الذين يسمون تركمانا أيضا، ولذلك يسمي اليهود الآن ملك الأتراك توغار، ومما جاء أيضا بالتاريخ عن التتر وأصلهم أنهم من مدينة شيتوبولي، مدينة في فلسطين، وقد سماها القوم الشيتيون باسمهم لما هاجموا فلسطين في عهد يوسيا بن آموص ملك يهوذا، والشيتيون: هم من التتر الذين سموا هكذا من بقعة نهر تتر على الأصح وسكانها، سموا سومنغلي؛ أي المغل المائيين، وكان اسم المغول علما عاما يتناول كل قبيلة كانت مؤلفة من طوائف شتى، كقول آتون براس 16 في التتر، واليونان قد دعوا جميع القبائل التي كانت تسكن فوق جبل قوقاف داخل جبل إيما وخارجا عنه، حتى إلى الأوقيانوس الشمالي شيتيين بلا فارق، وتقسم شيتيا إلى ما داخل جبل إيما وإلى ما خارج عنه، وقد قام ملوك من هذه القبائل تولوا لا على هذين القسمين فقط؛ بل على الصين والهند والفرس وماديه وبين النهرين وسورية وأرمينيا والبنطوس والأناضول، وغيرها من الأماكن في آسيا وأوروبا أيضا، وكان التتر قديما مذعنين لسلطة ملوك قطا؛ أي الصين الشمالية، التي يحدها غربا تركستان، وجنوبا الصين، وشرقا أرض وبحر أيسون المعروف بدي ياسو، وشمالا بلاد التتر الحقيقية، وهي قسم من ساريكا القديمة؛ أعني ما وراء الجبال الإيمودية، حيث تبتدئ تلك الأسوار الشهيرة، التي تفصل بين التتر وأهل الصين، وهم من نسل ماجوج بن يافث بن نوح، وأول من أسس مملكتهم في بلاد التتر الشرقية جنكيزخان سنة 1203م، وكان يسمى تيمورشين؛ ومعناه في لغتهم حداد، ولم يكن عندهم قبلا أحرف للكتابة، فأخذوها عن الإيغوريين بأمر ملكهم جنكيزخان - المشار إليه - كقول ابن العبري في تاريخه السرياني وغيره من المؤرخين، والإيغوريون: طائفة من المغول، سموا كذلك من بلدهم يوغرا في شيتيا الشمالية التي انجلوا عنها، وحلوا في أصقاع عديدة منها أونغارية، أي المجر التي أخذت الاسم عنهم. وأما جنكيزخان، فمات سنة 1238ب.م، وخلفه في الملك أوختاي الذي يسمونه قاآن، ومات سنة 1246ب.م، وخلفه ابنه كويوك، وكان مسيحيا، ومات سنة 1251ب.م، وخلفه منغوخان بن توت بن جنكيز، وتنصر، ومات سنة 1260ب.م، وخلفه قوبلاي، وتوفي سنة 1302ب.م، فهؤلاء الذين تملكوا على بلاد التتر الشرقية.
وأما في بلاد التتر الغربية فولي هولاكو أخو منغو وقوبلاي المذكوران، وكان هذا مسيحيا، واستتب له الملك فيها وفي العجم وبين النهرين وسورية سنة 1256ب.م، ثم في بغداد سنة 1258ب.م، ومات سنة 1295ب.م، وعقبه ابنه أبغا، الذي توفي سنة 1282ب.م، في مدينة همذان الكائنة في بلاد الجبل المسمى بالعراق العجمي أيضا، وخلفه أخوه تاخودار، الذي مات سنة 1284ب.م قتيلا من أرغون بن أبغا أخيه، وأول من دخل في دين الإسلام من التتر تاخودار، فسمي أحمد، وخلفه أرغون ابن أخيه أبغا، ومات سنة 1291ب.م، وقام عوضه أخوه كيغان، وتوفي سنة 1295ب.م، وخلفه باياد بن ترغات بن هولاكو، وقتل سنة 1295ب.م، وخلفه قازان بن أرغون، ومات من السم بقرب همذان سنة 1303ب.م، وتملك بعده أخوه خربندا، ومنهم من يسميه خدابنده؛ أي عبد الله بالفارسية، وكان مسيحيا، اسمه نيقولاوس، ثم أسلم وسمي محمدا وغياث الدين، ومات سنة 1317ب.م، وملك بعده ابنه أبو سعيد، فأظهر السنة، ومات سنة 1335ب.م، وخلفه ابنه حسن سنة 1336، ومات سنة 1356ب.م، وهو الذي أسس دولة التتر، التي يسميها العرب القانية، وبقيت بعده إلى سنة 1410ب.م، وكان من أملاكها العراق وماديا، ومركزها مدينة بغداد ؛ لأن بعد موت أبي سعيد قد انقسمت بلاد التتر الغربية إلى دول عديدة، فأويس بن حسن تولى مملكة بغداد وأزربجان، من سنة 1356 إلى سنة 1374ب.م، وخلفه ابنه حسين، واستمر إلى سنة 1381، وتخلف أحمد لحسين أخيه، وسنة 1392ب.م طرده من ملكه تيمورخان، المسمى تمرلنك؛ أي تيمور الأعرج، وهو ملك التتر - أي المغول - الذي اشتهرت وقائعه سنة 1400ب.م في العجم والفرس والديلم والعراقين وطبرستان وأرمينيا والموصل والجزيرة وبر الشام، وغيرها في عهد الملك الناصر زين الدين فرج بن برقوق على الديار المصرية، وكان نائبه سودون في دمشق، فهرب أحمد إلى مصر وأقام فيها إلى سنة 1404ب.م، وفيها توفي تمرلنك، وقال بعضهم سنة 1405، فعاد أحمد إلى ملكه بغداد، وبقي فيه إلى سنة 1410ب.م، وفيها قتله، وأولاده القرا يوسف ملك التركمان، وابتدأت منذ ذاك دولة التركمان بين النهرين والعراق وماديا والعجم، وتقسم إلى دولتين، إحداهما تسمى دولة السود من راية كانت لهم، وعليها تمثال آيل أسود، وكان أول هذه الدولة القرا يوسف المذكور ابن محمد سنة 1410ب.م، واستمرت إلى سنة 1468ب.م، وفيها قتل حسن بك المسمى الأزن قازان؛ أي حسن الطويل حسن علي بن إسكندر بن يوسف المار ذكره، والأخرى كانت تسمى دولة البيض من صورة آيل أبيض مرسومة على رايتها، وقد ابتدأت بحسن الطويل المذكور سنة 1469ب.م.
وبقيت إلى سنة 1514ب.م، وفيها قتل مراد بك، أحد ملوكها من صوفي إسماعيل، مجدد مملكة العجم الذي تولى خلفاؤه مملكة التركمان من سنة 1523ب.م إلى سنة 1638ب.م، التي فيها أخذ مراد الرابع سلطان الأتراك مملكتهم وضمها إلى المملكة التركية، التي هي أقدم من دولة التركمان المذكورة؛ لأن أولها السلطان عثمان بن أرطغرل، تملك سنة 1298ب.م، كما قلنا آنفا، وإليه تعزى سلاطين آل عثمان ودولتهم العثمانية المعظمة، ويكنى بالغازي، وتوفي سنة 1326ب.م؛ فخلفه ابنه أورخان، ونقل كرسيه إلى مدينة برسا، ومات سنة 1357ب.م، وخلفه ابنه مراد الأول، ومات سنة 1390ب.م، وخلفه ابنه بيازيد الأول، ومات سنة 1403، وخلفه ابنه عيسى، وبعد سنة من ملكه تغلب على أخيه سليمان الأول بن بيازيد سنة 1404ب.م، وقتل سنة 1412ب.م، وخلفه أخوه موسى، فتغلب عليه أخوه محمد الأول، وقتله سنة 1415ب.م، ونقل كرسيه إلى مدينة أدرنه، وهي أدريانو بولي التي هي طراسة، ومات سنة 1422ب.م، وخلفه ابنه مراد الثاني، ومات سنة 1451ب.م، وخلفه ابنه محمد الثاني، وأخذ القسطنطينية من الملك قسطنطين البالبولوغوس سنة 1453ب.م، ودرابزون سنة 1462ب.م، التي فيها كان انقراض دولة الروم - كما ذكر - ومات سنة 1481ب.م، وعقبه ابنه بايزيد الثاني، الذي حدث بمدته زلزلة في القسطنطينية سنة 1509ب.م، في 14 أيلول لم يحدث مثلها من قديم الزمان، دكت ألفا وسبعين بيتا ومائة وتسعة جوامع وجانب عظيم من السرايا الملوكية وأسوار المدينة وعطلت مجاري المياه وغشي البحر البر، وكانت أمواجه تدفق إلى فوق الأسوار، وبقيت هذه الزلزلة تتكرر مدة خمسة وأربعين يوما، وأقام السلطان بايزيد المشار إليه أياما في خيمة ضربت له داخل الجنينة، ثم توجه لأدرنه، وبعد أن انقطعت الزلازل، جمع خمسة عشر ألفا من المعلمين والفعلة؛ لإعادة ما هدم وإصلاحه.
وفي سنة 1611ب.م مات من الوبا مئتا ألف نفس، ثم اعتزل الملك ومات سنة 1512ب.م، فقام ابنه سليم الأول مكانه، ومات سنة 1520ب.م، وخلفه ابنه سليمان الثاني، وتوفي سنة 1566ب.م، وخلفه ابنه سليم الثاني، ومات سنة 1574ب.م، وخلفه ابنه مراد الثالث، وتوفي سنة 1595ب.م، وخلفه ابنه محمد الثالث، ومات سنة 1603ب.م، وخلفه ابنه أحمد الأول، ومات سنة 1617ب.م، وخلفه أخوه مصطفى الأول، وبعد مضي شهرين من ملكه خلع ومنع من الحرية المطلقة، وأقيم مكانه عثمان ابن أخيه، ثم خلع من الملك وأرجع إليه مصطفى، فقتل عثمان ابن أخيه سنة 1622ب.م، ثم خلع مصطفى من الحكم وحجر عليه ثانيا، وتنصب مكانه مراد الرابع أخو عثمان بن أحمد الثاني، ومات سنة 1640ب.م، وخلفه أخوه إبراهيم، وقتل سنة 1649ب .م، وخلفه ابنه محمد الرابع، وسنة 1687ب.م نزع من الملك، وحجز عليه، ومات سنة 1693، بعد أن كان تنصب مكانه أخوه سليمان الثالث سنة 1687ب.م، ومات سليمان الثالث سنة 1691ب.م، وخلفه أخوه أحمد الثاني، ومات سنة 1695ب.م، وخلفه مصطفى الثاني ابن محمد الرابع، وخلع من الملك سنة 1703ب.م، وفيها حجز عليه، ومات، وخلفه أخوه أحمد الثالث سنة 1703ب.م، وخلع وجعل مكانه محمود الأول ابن مصطفى الثاني سنة 1731ب.م، ومات سنة 1754ب.م، وخلفه عثمان الثالث أخوه، ومات سنة 1757، وفيها عقبه مصطفى الثالث ابن أحمد الثالث، ومات سنة 1774ب.م، وخلفه عبد الحميد أخوه، ومات سنة 1788، وخلفه سليم الثالث ابن مصطفى الثالث، فقلبه الانكجارية عن كرسي الملك، وأجلسوا مكانه مصطفى الرابع ابن عبد الحميد سنة 1807ب.م، ثم خلع، وتنصب عوضه محمود أخوه سنة 1808ب.م، ومات سنة 1838ب.م، وخلفه ابنه عبد المجيد خان، ثم توفي السلطان عبد المجيد سنة 1861ب.م، وخلفه بعد أيام قليلة أخوه السلطان عبد العزيز خان، وتوفي سنة 1876، وخلفه السلطان مراد الخامس، وخلع بعد ثلاثة أشهر وثلاثة أيام، وخلفه حضرة السلطان المعظم والخاقان الأعظم أمير المؤمنين وخليفة المسلمين سيدنا ومولانا السلطان ابن السلطان عبد الحميد خان الثاني، ولد سنة 1842، وجلس سنة 1876، وهو المستوي الآن على عرش الملك، أيد الله سرير سلطنته بالعز والإقبال ما تلت الأيام الليالي، ولقد قرر التاريخ معنى الأتراك والعثمانيين كما سيأتي موضحا بالتفصيل، فقال: إن الأتراك هم عائلة عظيمة من أجناس تدعى هند وجارماني، قد استوطنت زمانا طويلا في تركستان المستقلة، وفي الأماكن الواقعة على شمالي بلاد الصين، واختلطت بجنس يدعى عند العامة تترا.
والتتر: هم شعب أصله من بلاد تركستان المستقلة، والظاهر أنهم اختلطوا مع الأتراك، وكذا يطلق لفظ التتر على أولئك الذين استوطنوا وسط بلاد آسيا، وكان ظهور التتر سنة 1218ب.م، ونكلهم في المسلمين، وتملكوا أكثر بلدانهم من العراق وما يليه إلى خراسان وبعض فارس، ومنذ القديم لم يكن التتر - كما ذكرنا آنفا - قبيلة واحدة؛ بل عدة قبائل، قسمها آيتون في تاريخ التتر كتاب 16 إلى سبع، لما تملك وانتصر عليهم جنكيزخان ملك المغول في الجيل الثامن عشر، وأدخلهم في عسكره، وقد يطلق اسم تتر على المغول أنفسهم، ثم إن للملك جنكيزخان - المار ذكره - غزوات شتى، لا حاجة إلى ذكرها هنا، ومعنى جنكيزخان: أي السلطان القادر، ولد سنة 1164ب.م، ومات سنة 1227ب.م، ثم في سنة 1299ب.م أمكن للتتر أن يستولوا على دمشق وغزة والقدس وبلاد الكرك وسائر الديار الشامية، وكان ملكهم حينئذ قازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو المسيحي صاحب المغول - كما ذكرنا قبلا - ثم ترحلوا عنها إلى بلدانهم. ولنرجع الآن إلى ما نحن بصدده، فنقول بعد اختلاط العائلة التركية بالتتر، كما مر، ذهبت في الجيل العاشر، وسكنت بلاد الفرس وآسيا الصغرى التي يدعونها بر الأناضول، ولقد لحق بهذه العائلة قبائل متحدة، وكانت تختلط غالبا مع هذه القبائل التي كانت خاضعة لسطوتها. أما الأتراك فإنهم كانوا يجعلون في البلدان المغلوبة المضروبة عليها الذلة والاستكانة ولايات أو دولا عديدة، أشهرها دولة تدعى دولة الغزنوية، وهي دولة إسلامية تولت سنة 214ب.م على قسم عظيم من بلاد العجم وهندستان، ودولة الغزنوية المذكورة منسوبة لمدينة غزنا، قاعدة مملكة هذه الدولة «كذا في الأصل»، ويمكن القول إن مدينة غزنا داخلة في بلاد الفابول؛ أي الأفغانستان، وآخر ملوك هذه الدولة الذين لا محل لتعدادهم هنا هما خوسروشاه وخوسرو ملك. أما خوسرو ملك فانغلب ومات سنة 1189ب.م، وهو خاتمة هذه الدولة، وفي جملة من اشتهر في هذه الدول على ما مر دولة تدعى السلجوقيين، ودولة تدعى العثمانيين. أما السلجوقيون فهم دولة شرقية مشهورة، وأول من ملك عليها السلطان طوغرول بك، وهو أصغر أولاد السلجوق الذي قدم من فيافي آسيا الواسعة من بلاد تركستان، وذلك في بدء الجيل الحادي عشر، وهو الذي أسس دولة السلجوقيين، وكانت له الرئاسة على هذه الدولة، والمراد بقولنا أصغر أولاد السلجوق الذي أتى من سهول تركستان، أن السلجوق أتى من تلك الصحاري، وهو أصغر أولاده؛ أي حفيده، فالسلجوق حينما أتى من هناك في أول الجيل الحادي عشر استولى على مدينة نيخابور مدينة في إيران يسمونها خراسان، وكان رئيس عشيرة وقبيلة من التركمان، وذلك في سنة 1037ب.م، وفتح المملكة الغزنوية ومدينة بلخ من تركستان المستقلة ومدينة خوارزمي من تركستان الغربية ومدينة طابرستان، وهي أيالة في بلاد إيران. ثم تولى شعوب البويد من أصفهان العجم، والبويد هي دولة إسلامية، استولت على العجم والعراق في الجيل العاشر والحادي عشر، ثم تأتى له أن يكون سلطانا على بغداد وأمير الأمراء ومصاهرا للخليفة، ثم توفي طوغرول بك سنة 1063ب.م، وكان له من العمر سبعين سنة، وخلفه سنة 1064ب.م ابن أخيه السلطان المدعو قلب أرسلان؛ أي قلب الأسد الشجاع، الذي أخضع لحكومته بلاد كرجستان وبلاد أرمينيا وجزءا من آسيا الصغرى وكل مملكة العجم، ثم خلفه ابنه ملك شاه المدعو جلال الدين، الذي رتب بما سنه من الشرائع أكثر أقطار سورية وبعض أماكن في وسط آسيا، وذلك من سنة 1072 إلى سنة 1092ب.م، ولكن في سنة 1074ب.م أنشأ ابن عمه السلطان سليمان بن قوطولميش دولة أو مملكة ثانية للسلجوقيين في مدينة قونية، وهذه المملكة هي التي صارت بلاد نيسا قاعدة لها مشتملة على آسيا الصغرى وسيليشيا وأرمينيا المسماة بلاد الروم، وعلى حلب والشام وأنطاكية والموصل.
ثم بعد وفاة الملك شاه المشار إليه ترتب للسلجوقيين ولايات أو مقاطعات، لكن دولتها أو سلطنتها هي أصغر وأحقر جدا من المملكتين المار ذكرهما. أما انقراض سلاجقة الفرس فإنه كان في سنة 1194، وآخرهم كان طوغرول الثاني، الذي هو آخر أمير من أمراء سلاجقة العجم، وهو الذي هزمه بعد ذلك سلاطين الخوارزمي، وفي رواية التاريخ أيضا مزيد إيضاح عن ميخائيل بن السلجوق بأنه قد أتى بعشيرته من التتر إلى بلاد فارس وخراسان التي تأويلها بلغتهم بلاد الشمس، وأن طوغرول بك المذكور آنفا هو أول أمرائهم، تسمى سلطانا على بغداد سنة 1506ب.م، وتملكها خلفاؤه، وامتد ملكهم من حدود الصين شرقا إلى أناضولي غربا، واتصل إلى سورية ومصر أيضا، وفيها انقرضت الدولة الغزنوية، ثم انقسم ملكهم إلى مملكة إيران وقرامان، التي هي الآن قسم من مملكة إيران بين فارس غربا، وبلوخستان وأفغانستان شرقا، وسورية وقونية في آسيا الصغرى، وهي أعظمها.
صفحة غير معروفة
وكانت مدينة قونية سابقا محل إقامة سلاطين الدولة السلجوقية، وأنه قبل ميخائيل بن السلجوق كانت أنطاكية وسورية والقدس في حوزة الإسلام، إلى أن دهمها الإفرنج الصليبيون، واستولوا عليها، ودام استيلاؤهم عليها - أي على الديار الشامية - حتى سنة 1098ب.م، وفيها تملكوا أنطاكية وما يليها، وكانت أنطاكية حينئذ خاضعة لسلطان بغداد برخياروق بن مالكشاه السلجوقي، وهو الثالث من ملوكهم في العجم سنة 1073ب.م، وصاحب العراق وبلاد العجم الذي توفي سنة 1104ب.م، بعد أن عهد الملك إلى ابنه جلال الدولة، ولما كان ابنه غير بالغ أشده، جعل وصيا عليه إياد المملوك في تدبير المملكة ؛ فساء ذلك أخاه السلطان محمد، الذي كان قد اختبأ من وجه أخيه إلى بلاد أرمينيا، ورجع فقتل إياد المملوك، ودخل بغداد واستقام له الملك، وخلع عليه المستظهر بالله الخلع السلطانية، وتلقب بغياث الدين، ومات سنة 1199ب.م في مدينة أصفهان من بلاد فارس الغربية وملك بعده ابنه أبو قاسم محمود، وهو منسوب إلى ميخائيل بن السلجوق كما مر، ومن قول المؤرخين بعد انقراض الدولة السلجوقية في خلال سنة 1300ب.م، استظهر الأتراك العثمانيون حتى سادوا جميع آسيا الصغرى سنة 1486ب.م، وأن الدولة الغزنوية منسوبة إلى غزنة إحدى مدن بلاد فارس الشرقية، وهي على ضفة نهر وحولها سور من حجر؛ لأن هذه البلاد كانت تابعة خلفاء بغداد إلى الجيل العاشر حينما عصى والي مدينة هراة الكائنة في الشمال الغربي منها، وانتقل إلى غزنة، وجعلها قصبة ولاية صغيرة، وبعد وفاته خلفه أحد مماليكه، وكان اسمه سبكتكن، وقويت شوكة مملكة غزنة في أيامه، وخلفه ابنه محمود سنة 997ب.م، وهو أعظم ملوكها، وضم إلى ملكه خراسان الحاصلة على الحدود القديمة، التي كانت لبكتريا وما يليها، وتركستان هي التي كانت تحت ولاية الدولة الزمغانية - الآتي ذكرها - ثم انقرضت الدولة الغزنوية في سنة 1153ب.م، وعقبتها الدولة السلجوقية، وتملك غزنة محمد ملك خوارزم الكائنة في شمالي خراسان وشرقي بحر الخزر وغربي ما وراء النهر، ثم انقرضت دولة خوارزم حين أغارت عليها التتر تحت لواء جنكيزخان.
أما خوارزم فهي الآن من بلاد التتر المستقلة والنسبة إليها خوارزمي، ويحد بلاد التتر هذه المسماة تركستان أيضا شمالا سيبيريا، وشرقا بعض سيبيرا والصين، وجنوبا بعض الصين والأفغانستان وهراة وإيران، وغربا بحر الخزر ونهر أورال، ويقسمونها إلى ثلاثة أقسام: الأول تركستان الجنوبية؛ أي الواقعة في جنوبي النهر المسمى عند العرب جيحون وهواكسوس المنبجس من جبال البلور ومصبه في بحيرة أرال، التي يصب فيها نهر آخر خارج من جبال البلور أيضا، ويسمى نهر سير ونهر سيحون وهو يكسوت، وهذا القسم من تركستان يقسمه العرب إلى طغارستان وبزحشان الواقعة شرقي بلاد بلخ وبعض خوارزم، والثاني تركستان الوسطى، وهي الأراضي الواقعة في شمالي جيحون وفي وادي نهر سير المعروف ببلاد فرغانة، ويسميه العرب بلاد ما وراء النهر «أي نهر أكسوس» الواقعة شمالي بلاد بلخ، ومن مدنها بخارا، وكانت خاضعة لعدة دول منها: الصفارية والزمعانية والغزنوية والسلجوقية والخوارزمية، والثالث تركستان الشمالية المأهولة من قبائل رحل من التتر والتركمان وخانات تركستان، المشهور منهم الآن ثلاثة، وهم: خان خيوى وخان بخارى وخان فرغانة، والجنس الساكن في هذه البلاد الآن يقال له يوزبك - كما سيأتي بسط الكلام عليه بالتفصيل إن شاء الله - ثم إن العائلة التركية قد تسلسل منها أجناس عظيمة وافرة متمائزة، وأكثرها بات قيد الانقراض، فلم يظهر له أثر البتة، وبقي منها بعض أجناس، وهي جنس يدعى الغازار، وهو أمة أو شعب من الأتراك في أوروبا، أقامت على شطي نهر فولكا في روسيا في الجيل الخامس، وتقدموا لجهة الغرب عند ثورات الشعوب العظيمة، وقاتلوا القبائل ذات الخشونة وغلبوهم، ولهم تاريخ نقتصر عن إيراده هنا؛ حبا بالاختصار، وقد تنصروا في سنة 858ب.م، ومعنى القبائل ذات الخشونة قد سبق بيانه قبلا على وجه الإسهاب، وجنس آخر يدعى «ويجور»، وهم شعب تتري من عائلة أوراليانية، كانت تسكن جبال أورال الفاصلة أوروبا عن آسيا، وهم أكثر شبها بالهنكاريين أو الهونوكور، قد ترحلوا من آسيا في أوروبا في الجيل الخامس من عصرنا ومن هذا الجنس ذاته؛ أي جنس الويجور خرج الهونكروا - وهم شعب في بلاد من النمسا - ثم جنس آخر تفرع من العائلة التركية يدعى الهوبك، وبين الأجناس التركية الموجودة الآن تتميز الأجناس الآتي بيانها:
الأول:
هم العثمانيون الأكثر تمدنا من سواهم، وقد تولوا بلاد الترك في أوروبا وبلاد الترك في آسيا.
والثاني:
التركمان في العجم والكابول، والكابول: هي مملكة في وسط آسيا واسعة، يحدها شمالا مملكة هيرات أو خراسان الشرقية والتركستان، وشرقا ساقس، وجنوبا بلوخستان، وغربا إيران.
والثالث:
التتر من سيبيريا.
والرابع:
بنو يزبك الذين تولوا وحلوا في تركستان، وهم فريق من عايلة تركية كان يقطن في آسيا شرقي البحر القزبيني منسوب إلى أحد ملوكه المشهورين، الذين استولوا على أكثر بلاد التركستان المستقلة وكثير من بني يزبك، انتفروا في غربي بحر قزبين والباقون منهم سكنوا بلاد الروس وطوبولسك مدينة في بلاد سيبيريا.
صفحة غير معروفة
والخامس:
الكرج المنقسمون إلى بوروتس وإلى القزق، والكرج: هم شعب من تركستان له استقلالية، خاضع لسلطة روسيا والبوروتس يتناول الكرج والقزق معا.
والسادس:
الياقوتيون والشوفاش، فالشوفاش هم قبيلة أو طائفة من بلاد روسيا من جنس الهون أو الفاتي، وأصلهم من بلاد روسيا، يحسبون من الأمم الجافية في القديم، وسكناهم كانت على شطوط نهر فولكا في روسيا، ومن دينهم النصرانية في الجيل الثامن عشر، وكانوا يتعيشون من حرث الأرض والقنص، هذا ما جاء في التاريخ عن الأتراك. انتهى.
وأما العثمانيون، فهم فرع من قبيلة التركمان ينتمي إلى السلطان عثمان الأول مؤسس مملكة الترك، والتركمان: هم من أصل عظيم من عائلة تركية، انتشرت في بلاد الفرس ومملكة هيرات، وهيرات: مدينة في الأفغانستان، وهي قاعدة بلاد خراسان الشرقية موقعها في شمال غربي مدينة كابول البعيدة عنها على مسافة أربعة وستين ألف متر، وانتشرت أيضا هذه العائلة في مدينة كابول المذكورة، وكابول: هي قاعدة بلاد الأفغانستان وفي بلاد تركستان المستقلة وفي جبل قوقاسيا الفاصل بين أوروبا وآسيا لجهة الجنوب الشرقي، ويمتد بين بحر قزبين والبحر الأسود وفي آسيا العثمانية على أنها لم تستول فقط على هذه البلدان؛ بل أدخلت في حوزتها أيضا البلدان الثلاثة المذكورة، وهذا الفرع - أي آل عثمان - هو جنس ذو سلطة وشأن، ومن هذه العائلة خرج فروع ذات عدد عديد. أما السلطان عثمان الأول المشار إليه فإنه يلقب بالغازي، ومولده كان في مدينة تدعى «صوقوط» من أعمال بلاد بيتانيا سنة 1259ب.م، وبيتانيا: هي قسم واقع في جهة الشمال الغربي من بلاد الأناضول، والأناضول: هي بلاد من آسيا الصغرى، وآسيا الصغرى يسمونها أيضا بر الأناضول، ويحد بيتانيا من الشمال بونطوس إيكسين؛ أي البحر الأسود، ومن الجنوب غلاطية، وغلاطية: بلاد قديمة من آسيا الصغرى، وفريجيا: وهي أيضا بلاد قديمة من آسيا الصغرى، ومن الغرب البربونتيد؛ أي بحر مرمرا، ومن الشرق بافالاكونيا: وهي بلاد قديمة من آسيا الصغرى. ثم إن السلطان عثمان استوطن مدينة قونية في آسيا الصغرى وذلك سنة 1299ب.م، وقد وسع المملكة بأن جعل فيها إيالات صغيرة متدانية بناها على آثار ورسوم المملكة القديمة، وبين تلك الإيالات والألوية السلجوقيون المار ذكرهم الذين انقرضت دولتهم سنة 1249ب.م، وعادت هذه البلاد بعد ذلك تدعى قراحصار، وهي قرامانيا، وامتدت إلى البحر الأسود، وفي سنة 1326ب.م توفي السلطان عثمان المشار إليه.
ثم من أخبار المؤرخين أيضا ما مفاده يثبت صحة ما أوردناه هنا مما ذكر بهذا الصدد من أن آسيا الصغرى وسائر ما وراء الفرات مع جميع هذه البلدان قد انقسمت إلى عدة ممالك صغيرة، استولى عليها ملوك من أهلها، ثم ضمها قوروش ملك مادي وفارس إلى مملكته، وما زال حتى تملك إسكندر بن فيلبس المكدوني، وبعد وفاته صارت جزءا من مملكة سورية تحت سلطة الدولة السلقودية، ثم أدخلت في ملك قياصرة رومية والقسطنطينية إلى الجيل الحادي عشر ب.م، حين استولت الدولة السلجوقية على الأجزاء الجنوبية الشرقية، وعند انقراض هذه الدولة عقب وفاة السلطان علاء الدين السلجوقي في أثناء سنة 1300ب.م سطت الأتراك على جانب عظيم منها تحت راية السلطان عثمان الغازي الذي توفي سنة 1326ب.م، كما مر آنفا، وكان مقره قونية، وخلفه ابنه أورخان الذي توفي سنة 1326ب.م، بعد أن افتتح برصة، وجعلها مقر تخت السلاطين العثمانية في الأناضول، وقال المؤرخون: إنه في سنة 1300ب.م كانت بداءة دولة آل عثمان وتأسيسها ببر الأناضول، وفي سنة 1486ب.م عاد كل ذلك خاضعا لسلاطين آل عثمان.
وأما ملخص ترجمة إسكندر المكدوني ومكدونية - كما ذكرنا - فهو ما يلي من أن إسكندر المدعو بالكبير هو ملك مكدونية، وتولى ست سنوات باعتبار كونه ملكها، وست سنوات باعتبار كونه ملك اليونان الأعظم، وذلك بعد ظفره بداريوس كودمانوس، وتوفي قبل مجيء المسيح بثلاثمائة وأربع وعشرين سنة في عمر اثنتين وثلاثين سنة، وانقسمت مملكة إسكندر إلى أربعة أقسام، وهي: سورية وبابل ومملكة آسيا الصغرى ومملكة مصر ومملكة مكدونية. أما مكدونية، فهي إقليم مشهور في بلاد أوروبا، يحدها من جهة الجنوب إقليم تساليا وجزائر الأرخبيل، ومن جهة الشرق إقليم تراسة، ومن جهتي الشمال والغرب سلسلة جبال فاصلة بينها وبين إقليم البلغار، وهو جزء من بلاد الروملي، ويسمى عند الأتراك فيليب ولايتي أي ولاية فيليب؛ لأنه وطن فيلبس أبي إسكندر الرومي المشهور، وقد جاء في أقوال المؤرخين أنه يوجد أيضا دولة تدعى دولة الأتراك الجركسية، كان ابتداؤها سنة 1381ب.م، وانقراضها سنة 1517ب.م، ونسبتها إلى بلاد الجركس التي هي في قارة آسيا على الجهة الشمالية من جبل قوه قاف - أو قوقاس - بين بحر الخزر والبحر الأسود، ومن رواياتهم أن ابتداء الدولة التركية كان في سنة 1253ب.م بالمعز عز الدين أيبك التركماني الصالحي، وملوكها يعرفون بمماليك الدولة الكردية وبالمماليك البحرية، وانقراضها سنة 1381ب.م، وابتدأت حينئذ دولة الأتراك الجركسية كما ذكر، وأن ابتداء دولة الأتراك الجركسية كان بالظاهر برقوق بن عبد الله بن أنس بن برديك ، واسمه الطنبغا، فسماه أستاذه يلبغا الكبير. أما آسيا الصغرى - كما مر آنفا - فيسميها العرب أرض روم والأتراك بر الأناضول.
وهي في الحقيقة اسم جزء منه، يحدها شمالا بحر مرمرا أو البحر الأبيض والبحر الأسود، وغربا بوغاز القسطنطينية وبحر مرمرا وبحر الروم والبوغاز الواصل بينهما، وجنوبا بحر الروم، وشرقا خط ممتد من رأس خليج إسكندرون إلى جهة الشمال الشرقي حتى ملتقى جبل اللكام وجبل كورين المعروف عند القدماء بجبل طوروس أو جبل الثور، ومن هنالك من قمم هذه الجبال حتى ثغر انوشروان بقرب نهر الفرات، ومن ثم تتصل بالجبال التي تلي غربي الفرات حتى تخوم بلاد أرمينيا الغربية، وينتهي الحد الشرقي إلى البحر الأسود.
ثم إن أكثر المؤرخين قد اختلفوا في أصل آل عثمان؛ لتقادم عهدهم، ولأن نشأتهم في بلاد قاصية، فبعضهم ينسب هذه العائلة الخطيرة إلى سلالة عيس بن إسحاق الذي خرج منه أوغوزخان المتسلسل منه سليمان شاه أبو أرطغرل، وآخرون ينسبونهم إلى طائفة أتت من الحجاز بسبب القحط ونزلت في القرمان، وهو بنو قطورة، وكل فريق من المؤرخين يورد أدلة وبراهين في إثبات مذهبه، ومنتهى ما عرفوه أن سلالة آل عثمان متشعبة من بني قطورة ومن العيس بن إسحاق، وقصارى الكلام في هذا الشأن أن هذا الآل الشريف له المقام الأول بين العشائر الإسلامية، وجد آل عثمان - الذي هو سليمان شاه - أتى بجماعته سنة 1200ب.م، الموافقة لسنة 621 هجرية، ونزل في صحاري بلاد أرمينية الكبرى، ومكث هناك نحو سبع سنوات، وبعد وفاة جنكيزخان انتشبت الحرب بين الخوارزمي وعلاء الدين سلطان قونية أكبر السلاجقة؛ فتودد إلى علاء الدين وساق إليه عدة إمدادات حتى انتصر على أعدائه بواسطته، وبعد أن قضى هناك مدة من الزمان نحو سنة 628 هجرية عزم على أن يجتاز بأهله نهر الفرات، ويدخل إلى عربستان، فغرق في ذلك النهر، ودفن في ذلك المكان، وهو إلى الآن يعرف بمزار الأتراك، وكان له أربعة أولاد، وهم: سنقورتكين وكونطوغدي وأرطغرل ودوندر، فانقلب سنقورتكين وكونطوغدي إلى ناحية الشرق، وبقي أرطغرل ودوندر عند السلطان علاء الدين، وشهدا معه حروبا كثيرة، ثم توفي أرطغرل تاركا ولده عثمان الغازي، وبعد انقراض الدولة السلجوقية تولى على تخت السلطنة السلاطين العظام الآتي ذكرهم في الجدول كل في محله بفهرست مفصل أصل هذه السلالة الطاهرة من أولها حتى آخرها وعن أسمائهم وسني ولادتهم وجلوسهم وانتقالهم ومدة سلطنتهم مع بيان مدة أعمارهم.
ولقد أوجزنا هنا لضيق المقام، فلم نذكر ترجمة حياة هؤلاء السلاطين العظام التي هي من الأمور التي تستحق الذكر، والوقائع التي جرت في أيامهم والفتوحات المبينة التي باشروها وما ذكره مؤرخو الإفرنج في هذا الصدد، وعلى هذا الخصوص ما ذكره المؤرخ جوابين الفرنساوي وغيره من المؤرخين، وإن كلا من هؤلاء الملوك فعل أفعالا باهرة، وغزا غزوات قاهرة، خليقة بأن تودع بطون الأسفار، ولا جرم أن أعمال هؤلاء الأبطال جديرة أن تقدم على أعمال الأكاسرة والقياصرة وسائر الملوك والسلاطين الذين نقشت أسماؤهم في صدور التواريخ، وفي مطالعة تواريخ هذه العائلة الشريفة ما يدل على عظمة أفعالهم وبطشهم وشجاعتهم مما قاوموا بها جميع الدول المحيطة بهم، فكانوا يفتحون المدن العظيمة والحصون المنيعة ويذللون الجبابرة العظام، ويتسلطون على الممالك برا وبحرا إلى أبعد مكان، فكانت ترتعد من سطوتهم فرائص رجال الدول الإفرنجية قاطبة، وتؤدي لهم الطاعة والخضوع، وكان يحدث في أكثر السنين أن جميع الشعوب المحدقة بهم تقوم عليهم بالحروب، فكانت الأعجام من جهة آسيا تحاربهم، والعرب والروس أيضا، ومن جهة أوروبا دولة النمسا والمجر ومشيخة البندقية واليونان، مع مساعدة الدول الأخر لهم كالإنكليز وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وغيرهم، ومع كل هذا كانوا يتغلبون على جميع هذه الدول ويقهارونها ويكرهونها على أداء الطاعة ودفع الخراج والجزية، فكانت سطوتهم تزداد يوما بعد آخر، وأعلامهم ترتفع فوق جميع الأعلام الملوكية، ولا ريب أن يد القادر - كما يقول المؤرخون - كانت ترافقهم دائما في كل هذه النصرات التي تقصر دونها طاقة البشر. انتهى.
صفحة غير معروفة
ولنرجع الآن إلى كلامنا الأول في القسطنطينية فنقول: ومن بعد سنة 1453ب.م كما مر لم يبق من المملكة الرومانية إلا ما دخل في حوزة الغاليين. أما حدود القسطنطينية فيحدها شمالا بحر الأسود الممتد طولا سبعمائة وستين ميلا، ومن الجنوب بر الأناضول وبحر مرمرا وطوله مائة وخمسون ميلا وبوغاز الدردانيل، ومن الشرق أسكودار القائمة قبالة القسطنطينية وجزء من بر الأناضول، ومن الغرب بلاد الترك في أوروبا، ومحيط هذه المدينة اثنا عشر ميلا أو ستة عشر ألف متر، وقد قال مؤرخو الإنكليز المعول على قولهم أيضا أن إسلامبول القديمة كان محيطها أحد عشر ميلا، وهي من باريس على بعد ستمائة وستين ميلا، وعن فينا على مسافة مائتين وخمسة وثمانون ميلا، وتبعد عن بطرسبرغ نحو أربعمائة وخمسة وسبعين ميلا. أما عدد أهاليها فهو مليون ونصف فأكثر، وثلثاهم من ملة الإسلام، وسائرهم نصارى على مذاهب مختلفة، ومنهم يهود. أما الإسلام المكاثرون غيرهم عددا فهم ثلاثة أقسام:
الأول:
رجال الدولة والمتوظفون، أي أصحاب المأموريات.
والثاني:
أصحاب التجارة والأملاك.
والثالث:
أصحاب الصنايع والحرف ونحو ذلك.
أما النصارى، فالروم منهم أصحاب تجارة وبعضهم محترفون، وأما الأرمن فهم يتكلمون باللسان التركي ويكتبون به، ولكن بأحرف أرمنية، ولهم أماكن شهيرة يسكنونها، وأكثرها يدنو من أماكن الإسلام، وهم في النصارى أكثر سعة في المال والصنايع، فمنهم الصيارفة الموسرون والجوهريون وأصحاب معامل القطن والقطائف وعملة الساعات، ومنهم قوم داخلون في خدمة الدولة العلية حيث تضرب المسكوكات السلطانية، وهذه المدينة هي ثالث مدينة في وفرة ساكنيها في أوروبا. أما موقعها فإنه أجمل مكان في الدنيا، فهي كائنة على خليج البحر الأسود بين البحر المذكور وبحر مرمرا وواقعة بين أوروبا وآسيا أو على المضيق أو البوغاز الذي يصل بحر مرمرا بالبحر الأسود، وأرضها آخذت بالارتفاع شيئا فشيئا من الخليج المذكور إلى الداخل، وأما بحر مرمرا فإن بوغاز الدردانيل يصله ببحر جزائر الروم والبحر المتوسط، ولكن يفصلها عن آسيا مضيق من البحر عرضه نحو ميل أو ميل ونصف، وهو معروف بالبوغاز المذكور، وهي قائمة على سبعة تلال من أطراف أوروبا، كائنة على لسان في البحر، وهذا اللسان على شكل مثلث الزوايا، موقعه على الطرف أو الشاطئ الغربي من مدخل البوغاز الجنوبي المذكور الذي يقال له البوسفور، وكان يسمى قبلا بوسفور طراشيا، والبوسفور: لفظة يونانية معناها ممر - أو طريق - الثور، كما كان يزعم قوم أنه كان ممر الثور، وهذا اللسان هو داخل بين البحر الأسود وبحر جزائر الروم، وفي الجانب الشمالي من المدينة جدول أو فرع من البوغاز يدعى القرن الذهبي، وهو المعروف بالميناء الرائقة المنظر؛ لحسن كيانها، وهي تفصل البيرا أي بك أوغلي عن القسطنطينية، أو كما قال بعضهم أيضا إنها واقعة على مدخل جنوبي الغربي من البوسفور على شبه جزيرة مثلثة الزوايا، جاعلة القرن الذهبي - أي ميناء القسطنطينية - على ممر من البحر وبحر مرمرا.
هذه صورة القسطنطينية مع بوغاز البوسفور.
وفي آخر هذه المينا محل من الأماكن الشهيرة في المدينة تقصده الناس للتنزه، يدعى كاغدخانه، وموقعه من جهة الترسخانة في بقعة خضراء طولها نصف ميل، تجري إليها مياه عذبة في قناة مستوية، وعلى طول هذه القناة أشجار كثيرة من الحور والسرو والزيزفون والدلب ... إلى غير ذلك، وفي هذه الروضة قصر للانشراح، تحيط به جنينة بديعة مدبجة بأشكال الزهور، وقد بناها السلطان أحمد الثالث سنة 1724ب.م، وفي هذه القناة يجري الماء، ويتوسطها حاجز تنفجر تلك المياه بالقرب منه، وتسقط على ثلاث مجار مرصوفة بالصدف، حتى تنتهي إلى بركة عليها حوض من النحاس الأصفر، وعليه ثلاث حيات تخرج المياه من أفواهها، وعلى هذا الحاجز ثلاثة كشوك من الرخام الأبيض مغشاة بالنحاس المموه بالذهب، ومن هناك تبتدي القناة تضيق بالتتابع حتى تصير مجرى صغيرا فتختلط مع ماء آخر، وينحدران معا، فهذا هو القرن الذهبي - حسبما ذكر - الذي تسير فيه الزوارق حاملة رجالا ونساء وأولادا؛ لقصد التنزه والانشراح في ذلك الوادي، ولا سيما يوم الجمعة؛ فإنهم يتقاطرون زمرا وأفواجا إلى شاطئ الجدول المذكور وعدة منتزهات أخرى غير هذه، منها في غربي المدينة، كموضع والي أفندي وباقركوي وآيا استفانوس وشوربجي، وغيرها مما واقع في الجهة الشرقية ومنها في أسكودار، وكلها مزينة بالأشجار والأزهار والأبنية الجميلة والمناظر الحسنة التي تسر الخواطر وتقر النواظر.
صفحة غير معروفة
ثم إن مرسى هذه المينا على ما يرام من الأمن والطمأنينة والسعة والموافقة، ويفصله مضيق من البحر طوله نحو ميلين وعرضه نحو نصف ميل، وهو المينا التي ترسي فيها السفن، وهذا المرسى من أعظم وأحسن مراسي الدنيا موقعا وأمنا، ولسبب ما كان يحصل فيه من الأخطار على القوارب من جهة إلى أخرى في هذا البوغاز، قد مد هناك جسران من الخشب تعبر عليهما الناس والخيل والمركبات أو الكروسات، ولكل جسر باب يفتح عند دخول السفاين إلى المينا: أحدهما يفصل بين بواخر الدولة والبواخر التجارية، قد بناه السلطان محمود خان، والثاني أنشئ في أيام السلطان عبد المجيد، وبجانب المينا العظمى في الكرة المحلات الخارجة عن القسطنطينية، وهي المعروفة بالصوائح الخارجة الكبيرة، وهي البيرا وغلطة ومحلة الطوبخانة وقاسم باشا والفنار محلة الأروام.
أما البيرا المشهورة باسم بك أوغلي، وهي محلة الإفرنج الواقعة من جهة الشمال الشرقي من القسطنطينية؛ فإن محال التجارة الأصلية كائنة فيها، ولا يسكنها في الغالب إلا الوجوه من الغرباء؛ كسفراء الدول ونحوهم، وهي محلة كبيرة تتخللها الطرق الواسعة والمنازل الفاخرة والمخازن العظيمة والبارجات وسرايات السفراء المومأ إليهم ومساكن الإفرنج والأرمن الكاثوليك، وفيه كنائس الإفرنج والأرمن الكاثوليك أيضا، وفيها أماكن للقهوة ذات جنائن ومطابع ومخازن ومستشفيات الإفرنج ومدارس وتياطرات ومواضع للبوسطة ... إلخ، ولوكندات كثيرة يأوي إليها السواح والمسافرون، فيؤدي النزيل فيها في كل يوم عن أجرة حجرة مفروشة فقط نحو خمسة عشر غرشا، ومع المأكول من الخمسين إلى الثمانين غرشا، وفي ذلك يراعى حسن الحجرة وكثرة أشكال الطعام، وفي بعض جهات هذا القسم بنايات تشتمل على عدة حجر مفروشة للكراء، يدفع الإنسان في كل يوم من عشرة غروش إلى خمسة عشر غرشا، وله سرير للنوم، وقد جرت العادة عندهم بأن تعلق ورقة على المكان يذكر فيها أن هناك مخادع وحجر مفروشة للأجرة، وفي وسط هذه المحلة غلطه سراي، وهي مدرسة الطب التي احترقت سنة 1848ب.م، وأمامها محل تياطرو كبير، وهو مرسح تشخص فيه الإفرنج ألاعيب وروايات بحسب اصطلاح بلادهم.
وفي القسطنطينية عدة مدارس كبرى ومكاتب وقشل؛ أي معسكرات حسنة، فمن المدارس ما هي للعلوم والفنون، ومنها طبية وأخرى حربية ومكاتب للملاحين، وما ينيف على خمسمائة وثلاثين مدرسة أو مكتبا، وتحوي نيفا وأربعين مكتبة فيها مؤلفات شتى نفيسة، منها مجلدات بخط اليد ثمينة بعضها يختص بالجوامع، وعدة مطابع وبعض كراخين؛ لعمل الطرابيش والجوخ وخلافها ... إلى غير ذلك من المنافع الحاصلة حديثا في عصر من بسمت أيامه المجيدة متشحة بحلل المعارف والفوائد حضرة مليكنا الأعظم السلطان عبد الحميد خان، أيد الله أريكة سلطنته، ويطبع في هذه المدينة عدة جرنالات بلغات مختلفة، وفي القسطنطينية أماكن أخرى لتناول الطعام منتظمة ... وهلم جرا في ما لا حاجة إلى ذكره هنا. ثم إن موقع البيرا - أي بك أوغلي - جميل جدا، حتى إن الواقف بها يمكنه أن ينظر كل شواطئ آسيا وسراية الذات الشاهانية، وهناك جامع للدراويش.
أما الغلطة فبناها أهالي جينوا، ولم تزل إلى اليوم محاطة بالسور المنسوب إليهم، ومحيطه مقدار 8000 قدم، وموقعها في القسم المجاور للبحر، وهي محلة تجار الإفرنج لجهة جنوبي البيرا، فهي أمام السراية المشار إليها، وسكانها في الغالب أروام ويهود، وفيها عدة كنائس وأديرة مختصة بالروم، وفيها سوق للسمك على كثرة أجناسه وأنواعه، وفي الغلطة أيضا محل للجمرك ومخازن لشحن الفابورات وأماكن التجار واللوكندات والبورسات، وترى فيها من جميع طوائف الناس الشرقية والغربية، وفي الغلطة أيضا الجوامع الكثيرة وترسخانة الطوبخانة، أي خزينة للأسلحة والأدوات الحربية سواء كانت برية أو بحرية، ومعامل لصنع ما يلزم من المهمات للقتال، وفيها برج يدعى برج المسيح أو برج الحرس علوه مائة وأربعون قدما، بناه أهالي جينوا «مدينة من إيطاليا»، وكان بناؤه سنة 1446ب.م، والغرض من بنائه أن ينبه ويعلم سكان القسطنطينية عند حدوث الحريق بما يتفقون عليه من العلامات إشارة إلى أن الحريق في موضع كذا مثلا أو في المحلة أو الصائح الفلاني.
وكانت الغلطة حسبما يذكر المؤرخون في وقت ما تختص بأهالي مدينة جينوا المذكورة، وقد يصنع بقرب محلة الطوبخانة الغلايين الإسلامبولية الظريفة. أما الترسخانة الكبيرة والترسخانة البحرية وحوش البحرية، فهذه جميعها كائنة في محلة قاسم باشا. ثم قبل الوصول إلى القسطنطينية بنحو خمس عشرة ساعة يمر على شفا قلعة المعروفة بالدردانيل، وهناك المضيق العظيم الذي تجتاز فيه السفن إلى بحر مرمرا، وعلى كل جانب من هذا المضيق قلع عظيمة فيها كثير من المدافع. ثم يمر على كاليبولي، وهي في أول بحر مرمرا، وبعد قليل من الزمان تظهر مدينة القسطنطينية، وعند الدنو إليها من البحر يستقبلك منها منظر بهج رائق، ويخيل للناظر ما يدهشه، فتطلع عليه رءوس المآذن المذهبة وقبب الجوامع المسنمة وشوامخ الأبنية الجميلة والأبراج المزخرفة والمنائر العالية، وفي معاليها أكاليل من ورق السرو الأثيث وما شاكل ذلك من الأشجار التي تظلل المدافن العظيمة المحتفرة في جوانب الأسوار، لكنها في الداخل ليست كذلك؛ فإن طرقها أكثرها حرجة ضيقة معوجة ذات تعاريج ومنحدرات، حتى يتعذر على الغريب فيها أن يعرف من أين دخل، وكيف يخرج، ولكن لسبب تحدر أرض المدينة كانت الطرقات جافة نظيفة من الأوحال والأوخام ، على أن أسواقها غير مستوية وبعضها ضيق وأبنيتها أكثرها من الأخشاب والقرميد واللبن، ومما تهدم من أسوارها الباقي منها بعض أطلال ومواضع خالية.
أما النور والهواء فإنهما فيها كغيرها من المدن الشرقية بحصولها عليها من فجوات البيوت الداخلية، وقد قيل لم يكن في مدينة أو محل مثل ما في القسطنطينية من دنو مياه البحر الكثير إلى البيوت، حتى إنه لا يكاد يوجد شواطئ ذات زلط ولا حصى ولا شيء مما يكون في الساحل من وطاء رملي يمنع أو يصد السفن عن الدخول، ولا أعماق أنهر طينية أو دلغانية أو مجاري مياه مبطئة ومستثقلة، ولا سدود ولا حياض ولا تجمع مياه ... إلخ، مما يحصل عنه فصل وتقسيم في وسط المكان عن المياه العميقة، فإذا أراد أحد في مجال بندر إسلامبول الراجح بالمعاملات على غيره أن يطوف حول طريق مستوية بين شجر السرو، فعليه أن يمر البوسفور، وهو البوغاز الفاصل بين آسيا وأوروبا، ويصل البحر الأسود بالبحر الأبيض ممتدا على مسافة عشرين ميلا بالطول، وبالعرض من ميل إلى ميل ونصف، ينحدر فيه الماء بشدة، وينصب في بحر مرمرا المتصل بالبحر الأبيض، وعلى ساحل البوغاز من كلتا الجهتين أماكن شهيرة كل محل منها يضاهي مدينة صغيرة فيها من السرايات الأنيقة والمنازل الفاخرة والأسواق الرحبة المقيم فيها التجار وأصحاب الصنائع ونحو ذلك، وفيها أماكن أخرى للتنزه أحيانا وجنات بديعة يتفقدها الناس أفواجا، وهذا البوغاز على جانب عظيم من الحسن والجمال.
ويوجد أيضا على شاطئ هذا البوغاز سرايات ودور لأكثر رجال الدولة من الذوات؛ يقيمون فيها مدة الصيف، وفي فصل الشتاء يرجعون إلى المدينة حيث يباشرون الأشغال والأحكام، وأكثر هذه الأماكن محكمة البناء، تعلوها الروابي النضرة النابتة فوقها الأشجار المورقة دائما والحدائق الأنيقة، وفي الجهة الثانية من ناحية أسكودار ترى البر الثاني من قارة آسيا، وفيه عدة أماكن شهيرة، ومنظره الرائق مع منظر المياه المتحدة في ذلك البوغاز والبواخر والسفن والقوارب السائرة فيه كالنجوم، تجعل لها منظرا مذهلا لا يكاد يكون له نظير في المسكونة ؛ ولذلك تقصده السواح من أقطار الأرض لكي تشاهد غريب موقعها وإقليمها المعتدل وجودة هوائها ورونق ما يحيط بها من الأراضي الجميلة، وليرى ما عند أهاليها من حسن الأخلاق واللطف والرقة، وفي جهة من البوسفور قرى كثيرة، وفي اليمنى منه أيضا حوض ماء ضمن قبوة يسمونه حوض القديسة صوفيا تزورها ناس من المسلمين والنصارى، ويتبركون بها، وفي الجهة الشمالية قصر مبني على الشاطئ، وحوله جنينة لاحقة بأملاك الدولة المصرية، والمراد ببنائه هناك إيواء المسافرين من المصريين، وفيه قصور أخرى من الحجر، وبعضها من الخشب لمصيف الأكابر من أهالي المدينة، ثم إذا أراد أحد أن يذهب من اللوكندة إلى الأسواق لا بد له أن يمر أولا في طريق القرن الذهبي الزرقاء المنهوجة التي تصلح لمسير ألف ومائتي بارجة، وفيها ترسي البارجة العظيمة ذات المائة وعشرين مدفعا، وتدعى المحمودية، وفي الغالب لا تخلو مينا القسطنطينية بين سفائن كبيرة وصغيرة عن أقل من ثمان وعشرين ألف سفينة، وهذه المراكب تأتي إليها من كل قبائل الدنيا.
ومن عوائد هذه المينا أنها تأتي الباب العالي بكنوز العالم، وترفع عمارته البحرية الحربية، حتى تدنو من أبواب حديقته الأنيقة. أما تجارة القسطنطينية فهي واسعة وهواءها كثير الاختلاف؛ فإن فصل الشتاء فيها طويل غزير الأمطار، وفي أيام الخريف تكثر الرياح الجنوبية، فتمني من تصيبه بأمراض شتى، وأعدل الفصول فيها الربيع والصيف، وجوها عرضة للتغير والانقلاب، إلا أن فيه بعض موافقة للصحة، وكثيرا ما كان يحدث فيها من العلل الوبائية، حتى عمتها مراحم وإحسانات الذات الشاهانية الخيرية، فزالت هذه بوجود المدارس الطبية والمستشفيات والأطباء الماهرين والتنظيفات والإصلاحات المتواصلة في كل يوم. ثم إن القسطنطينية محاطة بالأسوار الكبيرة المربعة، وبسور عال جدا، وبأبراج كبيرة مربعة أيضا يبلغ عددها نحو عشرين برجا، وهذه الأبراج قد شيدها ملوك اليونان، وإن يكن كثير من هذه الأسوار المذكورة كان قد بني منذ الجيل الخامس عشر، لكنه لم يزل بعضها إلى اليوم متينا.
أما قلعة أو سراية السبعة أبراج المتصلة بالأسوار، فإنها عادت الآن حبسا عموميا للحكومة، مع أنها كانت قديما من جملة أبواب المدينة، وبعض هذه الأبراج تحول طرقا للبوابات وقد تهدم أكثرها، فالقسطنطينية في الأول كان لها ثلاث وأربعون بوابة، ثم صارت إلى اثنتين وعشرين والذي منها إلى الآن سبع بوابات فقط، وقرر أيضا مؤرخو الإنكليز أنه كان لسور إسلامبول قديما سبع وثلاثون بوابة، ثم في القسطنطينية ثلاثمائة حمام من الحمامات المشهورة، وثلاثمائة وستة وأربعون جامعا، وقرر مؤرخو الإنكليز أيضا أن فيها نحو أربعمائة وخمسة وثمانين جامعا، منها ثلاثة عشر جامعا ملكية، وفيها مآذن كثيرة شاهقة في الجو، ما عدا الحمامات الصغيرة الكثيرة العمومية، وكلها مع الحمامات المذكورة تنيف على ألفي حمام.
وكل بيت في القسطنطينية مهما كان لا بد له من حمام، وفي أكثر ضياع القسطنطينية يوجد حمامات جميلة، وقلما يوجد قرية ليس فيها حمام. ثم إن أكثر هذه الجوامع والمغتسلات المذكورة هي من الرخام مسقوفة بالرصاص، وأشهر هذه الجوامع جامع أجيا صوفيا، بناه الملك قسطنطين سنة 325ب.م، وعاد فجدد بناءه الملك جوستنيان الأول أحد ملوك الشرق سنة 531ب.م، وتم في سنة 538ب.م، واشتغل فيه مدة سبع سنوات ونصف مائة مهندس مع مائة قلف - أي رئيس البنائين - وعشرة آلاف فاعل مع البنائين، طوله مئتان وتسع وستون قدما أو مئتان وسبعون قدما، وعرضه مئتان وثلاث وأربعون قدما، وقال آخرون إن عرضه مئتان وأربعون قدما، وهذا الجامع كان كنيسة عظيمة في أيام النصارى، تعد من أحسن كنائس الدنيا بعد كنيسة رومية، وحصل الاستيلاء عليها حين فتح المدينة سنة 1453ب.م - كما ذكرنا آنفا - ويوجد سبعة جوامع ملكية غير هذا الجامع أيضا، وكلها مزينة من داخلها بالرخام ومن خارجها بالمناهل، ولأكثرها مستشفيات ومكاتب؛ لإغاثة الفقراء وسد احتياجاتهم وتعليمهم، وقيل إنه يوجد في الأستانة ما ينيف على مائتي مستشفى للمرضى، وتسع مارستانات، وخارج هذا الجامع ساحة مربعة فيها أربع مآذن، وفي وسط الجامع قبة عظيمة وسطها يعلو الأرض مائة وثمانين قدما، وقطرها مائة وخمسة عشر قدما، وأسفلها محاط برواقين محمولين بين اثنين وستين عمودا أو سبعة وستين عمودا من حجر اليشب الجميل، قد أخربتها الزلزلة التي دكت المدينة، فجددوها ثانية غير أنها لم ترجع كما كانت في ارتفاعها وحسن استدارتها واستوائها، ولتمكينها وضعوا تحتها بين العضائد الكبيرة عدة من الأعمدة المصبوبة قبلا في مصر الموجود منها في هذه الأطراف، وعقدوا عليها قناطر تعتمد عليها القبة.
صفحة غير معروفة
وأبواب هذا الجامع أيضا من النحاس الأصفر، منقوش عليها تماثيل قديمة من عهد بانيه، وسقفه لم يزل عليه آثار من الصور التي بينها صورة المسيح وصورة الملك قسطنطين، ومن داخله مائة وسبعون عمودا جميلا من الحجر السماقي والرخام، وعلى كل منها تاج قد زاغ عن أصله الهندسي لكثرة ما حصل فيه من التغيير الكثير، ويظن أن هيكلا عظيما كان هناك فهدم، وعلى دائره ممشى يصعد عليه بسلم حلزونية عجيبة، وفوق المنبر مرفوع سنجق السلطان محمد الفاتح، أما الآن فقد تبدلت هيئتها القديمة، ولم يبق منها إلا أثر بعد عين، وكانت جدران قباب هذا الجامع مع ما يليها مزدانة بالنقوش المذهبة، ولما نظرها السلطان محمد الفاتح أمر بأن تغشى بالأجير حتى لا تشاهد، ولكن في عهد حضرة السلطان عبد المجيد خان نزع عنها الكلس وترمم ما فقد من هذا الجامع حتى عاد إلى رونقه الأول، واليوم عاد داخله مزينا حسبما ذكرنا.
ثم إن كثيرا من المائة والسبعين عمودا المذكورة قد جلب من هيكل الشمس في بعلبك، ومن هيكلي الشمس والقمر في هالي بولي «مدينة قديمة في مصر»، ومن هيكل مدينة ديانا المشهور في أفسس، ومن أثينا ومن جزائر بحر الروم. أما جامع السلطان سليمان العظيم الملقب بالسليمانية، فهو أجمل ما يكون في القسطنطينية، قد بني في أواسط الجيل السادس عشر، وتم بناؤه سنة 1556ب.م، وهو أعظم من جامع أجيا صوفيا في بنيته. أما الجوامع المشيدة وتحسب في الطرز الثاني بالنظر إلى الكبر والعظم، فهي جامع السلطان أحمد ومحمد الثاني آخر من فتح مدينة القسطنطينية كما مر آنفا، وأحسن الحمامات المذكورة في القسطنطينية: حمام أجيا صوفيا، وحمام محمود باشا، وحمام بيازيد، وحمام تحت القلعة، ومن الساحات في هذه المدينة ساحة تدعى ساحة آت ميدان، وهي أكبر ساحة داخل المدينة مربعة مشهورة عند المتقدمين والمتأخرين في القسطنطينية معدة لسباق الخيل وترويضها ومباراة المركبات أو الكروسات، طولها تسعمائة قدم وعرضها أربعمائة وخمسون قدما، وضمن هذه الساحة الآن مسلة بناء أو عمود هرمي من حجر الصوان أو الحجر المصري، وهو مربع بقطعة واحدة، وأتي بها قديما من مدينة ثيبس، وهي مدينة من أعظم وأشهر قصبات مصر القديمة قاعدة مملكة الفراعنة ملوك مصر أيام امتداد سطوتهم بقاياها تفوت كبرها وعظمها وصف الواصف، وهذه المسلة المذكورة قد بناها ثاودوسيوس الكبير أحد ملوك الرومانيين، والمراد بالمسلة هنا: عمود طويل ذو أربعة جوانب بيضي أو مخروط الشكل مقطوع من رأسه على هيئة هرم مسطح بقطعة واحدة عليه كتابات وأرقام وتأشيرات مقتضاها مآثر جليلة وذكر حسن طاهر. وهي من تحريرات كهنة مصر القدماء مقصود فيها وصف أشخاص أو أشباح، وهم الرجال العظام الذين اشتهروا في غزواتهم، وفي الساحة المذكورة العمود المتعطل لقسطنطين الملك وينسب إليه معرى ومنزوعا عنه تمثاله النحاس المصبوب صب رمل من عمل الأتراك في أول ما اغتنموا وأخذوا المدينة، وبين المسلة وعمود قسطنطين - المار ذكرهما - عمود آخر من نحاس أصفر سباردي على شكل حبل ملفوف، ويسمى عمود الحية؛ لأن عليه ثلاث حيات عظيمة متشابكة بعضها مع بعض، وقيل قد قطعت رءوسها لعارض أصابها، وأن اليونانيين أقاموا هذا العمود رصدا؛ لتنفير الأفاعي كما جرت العادة عندهم في بعض الخرافات، وكانت هذه الحيات الثلاث في أول الأمر حاملة الكرسي المصنوع من ذهب في هيكل مدينة «دلفي» على ثلاث قوائم، كان يجلس عليها في الأزمنة القديمة الكاهن وأحد العرافين أو المنجمين؛ ليتلقوا الوحي من الوثن أو الإله عندهم جوابا على ما يسألونه من أمر مهم، أو عن أنباء بالمستقبل، أو عن فوزهم في الحرب والقتال، أو انغلابهم على ما يقتضيه معتقد الوثنيين.
وكان يجلس على هذه الكرسي - كما كان في أعصر الوثنيين القديمة - عدد معلوم من النساء، وقال بعض المؤرخين إنهن عشر نساء فقط، وقيل إنهن كن يخبرن بروح النبوة، وكن يسكن في عدة أقسام مختلفة من بلاد العجم واليونان وإيطاليا، وإنهن كتبن بعض النبوات بالشعر المنظوم على ورق الأشجار. أما دلفي: فهي بلد من بلاد اليونان القديمة، وفي قسم آت ميدان أيضا من الجهة الشرقية الباب العالي، وهناك الديوان حيث يجلس الصدر الأعظم ورجال الدولة المأمورون بإدارة مهام المملكة، وفيه مكان مخصوص لجلوس الحضرة الملكية في بعض الأحيان، وبالقرب منه أيضا السراية المعروفة بطوب قبو سراي، وهي السراية القديمة التي جددها السلطان محمد الفاتح المنفصلة عن المدينة بسور متين، ولها ثمانية أبواب، بعضها في جهة المدينة وبعضها من جهة البحر، وهي كبلد صغيرة، ورسمها على شكل له ثلاث زوايا، ومحيطها أو إطارها ثلاثة أميال، وطولها نحو ستة آلاف ذراع، وهي مبنية على مركز وقاعدة البزنتيوم؛ أي القسطنطينية القديمة، وفي الجملة إنها تعد من السرايات الشهيرة العظيمة، يحيطها جنينة فسيحة فيها الأشجار الباسقة في الجو على انتساق وانتظام، وبينها طائفة من الوحش، وفي جهة البحر قصر كلخانه الذي نهجت فيه التنظيمات الخيرية، وعلى أطرافها الباب العالي الذي يدعى باب همايون المنسوب إليه دار الملك، وهذا الباب مدخل للسراية الخارجة المباح للجميع أن يدخلوا إليها، وهو رتاج أو باب عظيم عال جدا، وقوسه على شكل نصف دائرة، تغشاها الكتابات العربية، وقائم عليه خمسون بوابا خفراء، وعلى حد جوانب طريق الباب كان هرم يدعى هرم الجماجم، وربما نقل الآن من هناك أو هدم، وكان عليه جماجم أو رءوس أولئك المجرمين في المملكة والمعترفين بمنكراتهم وجرائمهم الفظيعة جهارا، وعلى كل جمجمة عنوان يدل على ماهية الذنب الذي بسببه حكم على صاحبها بالقتل، وعلى أطراف هذه السراية ساحة رحيبة فيها بناء يشتمل على قبة قديمة بناها الملك قسطنطين الكبير، وهناك دار الأسلحة الملكية القديمة حيثما يوجد فيها أنواع الأسلحة القديمة والتحف النادرة الوجود هناك، وأنواع أخر من السلاح معلقة على الترتيب في البيوت من دروع وزرديات وسيوف ورماح وآلات إطلاق البارود وما شاكل ذلك من أدوات الحرب القديمة، وهناك أربعة أشخاص من الخشب غائصين بالملابس الحديدية التي كانوا يلبسونها قديما؛ أحدهم بزي الشراكسة، والثاني بزي أهل الفلاخ، والثالث بزي الانكشارية، والرابع بزي العسكر العثماني القديم. ثم أخرى فيها الديوان الكبير وأمامه سماط من شجر السرو على صفين ينتهي إلى قاعة الديوان المشيدة من الرخام المزدان بالنقوش الذهبية.
وفي ما يليها دار أخرى فيها محل كرسي الحضرة الشاهانية تحت قبة عالية من حجر الرخام، وعلى جانبها سراية الحرم المحترم، وهناك حمام السلطان سليم الثاني، فيه اثنان وثلاثون حجرة، ومن هناك تنظر الخزينة الملكية ومحل المسكوكات ودار الكتب الكبيرة الهمايونية وباب المالية والأوقاف. أما الجنات المختصة بالسراية المذكورة فهي أنيقة جدا، بحيث لا يمكن للإنسان أن يتخيل أجمل منها، وفيها أشجار متنوعة عليها من كل فاكهة زوجان، فكأنها جنة تجري من تحتها الأنهار، ومن مستطيل أغصانها ما يتدلى على جوانب المماشي البديعة، ناهيك بما يزيدها رونقا من الينابيع المنبجسة من الرخام؛ وكل ذلك واقع موقعا يشغل الناظر ويجلب لب العاقل على إحدى السبعة تلال المبنية عليها القسطنطينية. أما زخرفة السراية العثمانية، فلا يكاد يفضلها شيء في الجمال والحسن، لا سيما ما يختص بالذات الشاهانية. أما حجرة أو مضجع عظمته، فإن فيه منتهى التأنق والتحسين، فهي مغشاة بالقماش الصيني الفاخر، وأرضها مفروشة بالطنافس الثمينة من حرير وذهب والتخت من فضة والكانوبا والوسادات والأفرشة السفلى وملاءات اللحاف كلها وثائر منسوجة من قماش ذهبي.
أما الخدم والحشم المقامين لخدمة ذاته الملكية فإنهم جمع وفير جدا، منهم من يستمر ليلا في السراية. أما المأمورون بسياسة الخيل في الأخورات، أي الإسطبلات وإصلاح الجنات؛ فإنهم من أهل الرتبة العالية ما عدا الخفراء والخدام وحشم حضرات حرمه الشريف المحترم، وهناك عمود أيضا يقال له شنبرلي طاش أسطواني الشكل، وهو من الآثار القديمة، وبالقرب من آت ميدان نفق تحت الأرض باق من الأبنية القديمة يقال له «بيك برديراك»، أعني ألف عامود وعمود، وهذا من الأشياء الخليقة بالمشاهدة لما فيه من الأعمدة العظيمة، وهذا المحل قيسارية قديمة يدعونها أيضا قيسارية ألف عمود وعمود، وهي طبقتان مركبة على أعمدة غليظة من الحجر والآن ليس لها اعتبار هناك، وأكثر أعمدتها صارت مطمورة بالتراب وبالقرب من هذه القيسارية ما يحسب في جملة الأشياء والمناظر الأصلية المعتبرة القديمة الباقية من القرون الخالية في القسطنطينية، وهو العمود المحروق في سوق أدريانويل، وهي السوق الأصلية في المدينة، وسمي العمود المحروق؛ لكونه تسود بسبب حرائق البيوت الكبيرة التي كانت تتواتر في القسطنطينية، وهو عمود غليظ طويل من الحجر الرملي عليه تماثيل أشخاص وكتابات قديمة، قيل إن قوما من الإسرائيليين اشتروه قديما من أحد الملوك العثمانيين لظنهم أنه مصنوع، أو كما يقولون مطبوخ من معادن ذهبية توهما بكثرة لمعانه، ثم أحرقوه ليستخرجوا ما فيه من الذهب، فذهب تعبهم على غير طائل، وتخلخل حتى كاد يسقط فتداركته الأتراك بأطواق حديدية، ولم يزل قائما حتى الآن؛ ولذلك يقال له العمود المحرق، ولعل تسميته الأولى حسبما ذكر هي الأصح وعليها المعول، وفي القسطنطينية أيضا آثار أبنية قديمة باقية من المملكة القديمة؛ أي الشرقية، ومدافن عدا التي ذكرناها، وباني هذا العمود ومنشئه كان الملك قسطنطين الكبير، وكان علوه أولا مائة وعشرين قدما، وكان فوقه صورة أو تمثال أبولو من نحاس سكب رمل، وهذا التمثال بمثابة رجل عظيم البنية مثل الجبار أو العفريت أو أحد العمالقة، وقيل إن صانعه فيدياس، ولما حدثت الزلزلة في القسطنطينية سنة 1150ب.م تعطل وسقط مع ثلاثة أجسام غيره ثقيلة عظيمة، وباق من علوه الآن تسعون قدما فقط، ويستفاد من التاريخ حدوث زلزلة في القسطنطينية سنة 1063ب.م بقيت أربعين يوما. أما تأويل أبولو وفيدياس المذكورين، فهو أن أبولو كان إلها عند اليونانيين، وكان الرومانيون يعبدونه، ويدعون - أو يزعمون - أنه الشمس التي هي مصدر الحرارة والنور، وأن هذا الإله إنما هو الصدر المتولي صنعة الرمي بالقوس وأمر النبوة وصناعة الطب وفن الموسيقى، وهو رئيس وحامي أو حافظ الإلاهات التسع الأخوات اللات منهن - كما يزعمون - الرئيسات وهن يتولين الفنون العقلية.
وأما فيدياس، فهو عند اليونان القدماء نقاش أو حفار يوناني، كان أعظم بشر عندهم في صنعة النقش والحفر ورسم التماثيل والصور، قد مات سنة 432ق.م. ثم إن القسطنطينية كثيرة المياه الجارية إليها في قناتين، بناهما الملك هادريان والملك قسطنطين، طولهما تسعة أو عشرة أميال تأتي فيهما مياه المدينة، وبالتقريب إن في كل سوق وجامع وبيانسا مناهل رائقة تبعد عن المدينة بنحو خمس أو ست ساعات متجمعة من مياه المطر في واد له حائط في أسفله تنحصر المياه يقال له بنودة، وعددها سبع ولها منفذ تخرج منه وتجري إلى المدينة بواسطة الأقنية المذكورة إلى موضع يدعى التقسيم أو قاعة الحوض، بناه الملك جوستنيان، أو بني في أيامه، طوله ثلاثمائة وست وثلاثون قدما، وعرضه مائة واثنان وثمانون قدما، وهذه البناية قائمة على ثلاثمائة وستة وثلاثين عمودا من الرخام، ومن ثم تتوزع هذه المياه بقنوات عديدة من الحجر على الجوامع والسرايات والمناهل والبيوت، ولها قناطر عظيمة جديرة بالمشاهدة باقية من أيام السلطان سليمان، وعلى قول المؤرخين ظنا أن قنوات الماء في القسطنطينية قد بناها فالانس، وهو أحد ملوك الرومانيين، وهي تأتي بماء عذب جديد، ومن إحدى هذه القنوات القناة المدعوة المعوج؛ لكونها على شكل مستدير، أي له تعريجات قصيرة من شأنها أن تعيق جريان الماء، ولها من القناطر ثلاثة صفوف محكمة البناء وهناك أيضا مياه غزيرة غير هذه، إلا أنها سافلة عن المدينة لا يمكن جرها إلى القنوات، وليس بالقرب منها جبال يتأتى نفاذ المياه منها إليها. أما معنى «البياتسا» المذكورة هنا، فهو أسطوانة أو ساحة مربعة فسيحة محاطة بالقناطر والأعمدة، مغشاة بالصور والنقوش والذهب على أسلوب رائق بديع، ثم وفي جملة الإنشاءات أو الأبنية الأكثر اعتبارا في القسطنطينية الخانات المشاعة الكافية لأن يسكن في كل منها من الخمسين إلى الألف نفس، قد بنتها الحكومة السنية؛ لغاية أن ينزل فيها المسافرون من التجار الذين يقيمون فيها مجانا ما بقوا في المدينة، وكان لكل منهم مطلق الحرية في منزله، والمراد من هذا العمل الجليل جلب السلع والبضاعة من كل أقسام العالم، ولا فرق في المذاهب بهذا الخصوص وبناء الحجر على طبقات عديدة عالية وحولها ساحة فسيحة مدخلها من أبواب حديدية، وأما الفنادق الشهيرة الكبيرة التي فيها مخازن التجارة، فهي سنبلي خان ووالدة خان وبلطجي خان وبيوك بالدرخان وسلطان أوضه لروكوشك خان ووزير خان وتحت القلعة وغيرها. ثم إن كل الأبنية العمومية في القسطنطينية متوجة ومزينة بالقباب والأبراج. أما الأماكن المخصصة للعبادة فإن فوقها قبابا ومآذن في أواخرها الهلال، أي علامة العلم العثماني مموها بالذهب.
أما الديار والمحلات الخارجة عن المدينة فهي جميلة جدا، وكان يسكن محل المسكوكات ومخزن الأسلحة - أي الترسخانة والحبس - مماليك الذات الشاهانية، فالمماليك كانت وجاق أو دولة من سلاطين مصر أصلهم من الجراكسة، والتتر الذين اغتصبوا كرسي الملك في مصر سنة 1249ب.م ودامت دولتهم إلى سنة 1516ب.م يوم تغلب عليهم وفتح البلاد السلطان سليم الأول. أما أسواق القسطنطينية، فهي في حكم أسواق الشام ومصر، لكنها عظيمة وأكبر منها وغالبا تراها غاصة بالخواتين والجواري، حتى يتعذر المرور بين موكب حافل أنيق جدا كأنه في الأوبيرا، والأوبيرا: هو محل للغناء والرقص مفروش بالمفارش الفاخرة، وأشهر هذه الأسواق سوق البازستان، وهو مبني بالحجارة، وله أبواب لا تفتح إلا في أوقات معلومة من النهار، وفيه أقدم تجار المسلمين وأغناهم، وفيه تباع الأسلحة الثمينة والملابس الفاخرة والتحف النفيسة، ويلاصق هذا السوق عدة أسواق شهيرة، وهي قلبقجي چارشوسي؛ أعني سوق القلبقجية، وهي في غاية ما يكون من الحسن والاتساق، تشتمل على نحو مائتي حانوت في الجانبين.
وفي الوسط مخزن متقن جدا، قد أعد فيه قبلا كرسي عظيم لجلوس الحضرة الشاهانية في بعض الأيام، وأوزون جارشو: وهو سوق طويلة يباع فيها جميع البضائع والأقمشة الإفرنجية والشرقية. أما اللغات في القسطنطينية، فمختلفة من تركية ورومية وعبرانية وأرمنية وعربية وفارسية ومسكوبية وبوهمية وهنكارية وبولاندازية ونمساوية وبروسيانية وهولاندازية وفرنسوية وإنكليزية وإيطاليانية، وكلها تسمع غالبا في سوق واحد. أما لبس نساء الأتراك حينما يخرجن من المدينة، فغطاؤهن ضاف من الرأس إلى القدم، وفسطان أو إزار جوخ أخضر واسع محلول، وأحيانا بخلاف لون، وفوق الفسطان خمار، وقد يتفاخرن جدا، ويرغبن في لبس الحلي كالجواهر والدرر والفرو الثمين ... إلى غير ذلك، على أن ملابس الخواتين أو السيدات في القسطنطينية من الأتراك أيضا، هي غاية في الظرف والكياسة، وأعناقهن تزدان بالعقود الدر المنظومة من الدر الكبير، وفي الجملة إن لبسهن يظهر بكثرة المجوهرات - كما ذكرنا قبلا. ثم إن أهل القسطنطينية يشربون القهوة في كل وقت من النهار، ويحسبونها دواء لوعكات المزاج وعلاجا للعوارض في الجسم، وأفضل المكيفات والتلهيات عندهم إنما هو التدخين، وأول من أدخله إلى القسطنطينية أهالي هولاندا سنة 1605ب.م، وحاصل القول أن القسطنطينية من أحسن مدن العالم موقعا كما قال الشاعر المجيد والناثر الفريد الحبر الفهامة المرحوم بطرس أفندي كرامة، مادحا إياها:
مذ جئت إسلامبول شمت محاسنا
دعت المحاسن كلهن إلى ورا
صفحة غير معروفة
فملوكها خير الملوك وربعها
خير الربوع وأهلها خير الورى
وأهل هذه المدينة هم في غاية اللطافة والأدب والدعة، يؤانسون الغريب ويكرمون مثوى الضيف، ولهم حذاقة في العلوم والصنائع، ولهم حسن محاضرة ومذاكرة، ناهيك بما هم عليه من صون اللسان عن السفاهة والمجون، وعندهم التأنق في الأطعمة، والملابس الفاخرة، والإكثار من اتخاذ المآدب الفاخرة، ونساؤهم في الغالب حسان ظريفات. ثم إن المدافن في القسطنطينية كثيرة، ولبديع رونقها تراها مزينة بشجر السرو المتدلي على مماشيها الفسيحة، فلذلك ترى أحراش شجر السرو حول القسطنطينية بعيدا عنها على مسافة أربعة أميال. أما أغطية أكثر المدافن والحجر فإنك تراها متوجة بعمامة هيئتها، وشكلها يشير إلى صنعة أو صفات المتوفى نحو مدفن حضرة ساكن الجنان المبرور السلطان محمود، الكائن بقرب باب همايون، وهو حجرة كبيرة أرضها من الخشب المرصع بالعاج، وعليه نقش تاريخه، وفوقه طربوش عليه نيشان كبير من حجر الماس، وهو طربوشه الذي كان يلبسه وعلى جانبيه أجداث لبعض نسائه، وجماعة من الآل الملكي، وهناك شماعدين وقناديل من الفضة الخالصة، وأرض المكان مفروشة بالطنافس، والسقف منقوش بالدهانات الملونة، وخارج المدفن جنينة كبيرة أنيقة، وفي خارج ذلك المكان يبين للناظر كثير من القصور الخصوصية والأبراج التي تحل فيها الحضرة الشاهانية، ومنها القصر الجديد المبني على شاطئ البوسفور. ومما يستحق المشاهدة أيضا مقبرة ساكن الجنان السلطان عبد الحميد، ومقبرة المرحوم السلطان بايزيد بالقرب من جامعه، ومقابر أخر غير هذه للسلاطين في وسط المدينة، ومساجد لا حاجة لذكرها هنا.
أما محل الزوارق في القسطنطينية، فلا يخلو غالبا عن أقل من ثمانين ألف زورق تسير في مياه القسطنطينية ومياه الأبنية والصوائح الخارجة عن المدينة، وفي هذه المدينة سراية طويلة بغجه الشهيرة، وهي من الأعمال العجيبة دام البناء فيها نحو ست عشرة سنة وصرف عليها نحو ثلاثمائة ألف كيس، ثم محلة بشكطاش، وهناك چراغان سراي، وهي السراية الهمايونية المرتبة أحسن ترتيب، ثم وطرابيا وبيوكدرا، وهذان المحلان يتردد إليهما رجال الدولة والسفراء والذوات من الإفرنج والنصارى، فيمكثون هناك مدة الصيف، وفيها المنازل الفاخرة، والمياه العذبة، وتعلوها أحراش من شجر الكستنا، وبالقرب منها أماكن للتنزه، ثم مقابل القسطنطينية محل أسكودار، وموقعه تجاه شط آسيا، ومساحته ميل مربع، وفيه مرسى عظيم أيضا لتجارة الشرق وأشغال كبيرة في الحرائر والأقمشة والجلود وخلافها مما يوجد هناك، وفيه عدد وافر من الخانات والمخازن وبوسطة الحكومة السنية والسراية الملكية وقشل الحرس الملكي ... إلخ، وهذا الموقع تعين محطة للمركبات في الطرق المؤدية إلى ولايات المملكة الشرقية، وهي في ذلك القسم الذي يمتد من بوغاز القسطنطينية والخليج الغربي إلى شرقي البحر الباسيفيكي، وينفصل عن القسطنطينية بالبوغاز. أما مكان أسكودار المذكور، فيحسب من الأبنية الخارجة عن القسطنطينية، وأن يكن عرض لسان البحر الداخل في وسطه نحو ميل، ثم إنهم يقسمون القسطنطينية باعتبار وضعها إلى أربعة أقسام؛ الأول: هو المدينة الكبيرة القديمة، وهو يشتمل على الأبنية والقصور العظيمة والقشل الفسيحة والأسواق الكبيرة المتقنة، وله سور عظيم كان من أعظم الأسوار، وفيه الجوامع العظيمة الشامخة ذات المنابر الشاهقة المموه أعلاها بالنحاس المذهب، والقسم الثاني: الغلطة، والثالث: البوغاز، والرابع: أسكودار، وقد تقدم الكلام قبلا على كل هذه الأقسام في مواضعها.
الجزء الثاني
أسماء السلاطين من آل عثمان والسلالة الطاهرة العثمانية
وفيه جدول أسماء السلاطين من آل عثمان العظام والسلالة الطاهرة العثمانية، من عهد نوح إلى عهد المرحوم السلطان عثمان الغازي بن أرطغرل.
إن السلاطين السالفين الذين تولوا تخت السلطنة من زمان آدم إلى زماننا على صنفين: الأول هو الذين جلسوا على سرير الملك قبل حضرة الرسالة، وهم على أربع طبقات كما تحقق من صحف الرواة؛ الطبقة الأولى: هم البشداديون، والثانية: الكيانيون، والثالثة: الإشكانيون، والرابعة: الساسانيون، وعددهم اثنان وسبعون ملكا كما حققه نقلة الآثار القديمة الثقات، وكانت مدة جلوسهم على تخت الملك أربعة آلاف ومائة وإحدى وثمانين سنة وبعض أشهر، وجميعهم تسلسلوا من نسل كيومرث؛ أعني ابتداؤهم من كيومرث، وانتهاؤهم في يزدجرد آخر ملوك العجم، وفيه انقطع النسل. أما الصنف الثاني من السلاطين، فهم الذين تكللوا بتاج الملك بعد حضرة الرسالة على عشر طبقات:
الأولى:
بنو أمية الذين تولوا السلطنة بعد حضرة الأصفياء المشهورين، وعددهم أربعة عشر ملكا، وكانت مدة سلطنتهم إحدى وتسعين سنة.
صفحة غير معروفة
والثانية:
العباسيون الذين تولوا تخت الخلافة بعد بني أمية، وعددهم سبعة وثلاثون، واستمرت خلافتهم خمسمائة وثلاثا وعشرين سنة وأحد عشر شهرا ويوما واحدا.
والثالثة:
هم السامانيون، وعددهم تسعة، ومدة سلطنتهم بقيت مائة وست سنوات.
والطبقة الرابعة:
آل بوية، وعددهم ستة عشر، ومدة سلطنتهم كانت مائتين وستا وثلثين سنة.
والخامسة:
السبكتكينيون، وعددهم أحد عشر، ومدة دولتهم مائة واثنان وسبعون سنة.
والسادسة:
الخوارزميون، وعددهم تسعة أنفس، ومدة ولايتهم مائة واثنان وثلاثون سنة.
صفحة غير معروفة
والسابعة:
ملاحدة الموت، وهم اثنا عشر نفسا، وقد ضبطوا زمام الملك مدة مائة وأربع وسبعين سنة.
والثامنة:
السلجوقيون، وعددهم أربعة عشر، وسلطنتهم دامت مائة وتسعا وستين سنة.
والتاسعة:
الجنكيزيون، وعددهم ثمانية.
والطبقة العاشرة:
هي آل عثمان، فظهر نسلهم الأثيل من يافث بن نوح، واتصل إلى عثمان خان الغازي، وهو خان بن خان خلفا عن سلف، وفي مذهب أهل الحساب والكشف أن سلطنتهم اتصلت إلى المهدي، فيسلمون الأمانة أبقى الله سلطنتهم ما توالى الملوان.
فهذا المجموع من طبقات سلاطين الأرض وملوك الدنيا الذين بعضهم مرسوم وبعضهم لحق رسمهم بالحقيقة، وسندرج - إن شاء الله - السلسلة الآتية مرسومة من الابتداء حتى الانتهاء، عبرة لأولي الألباب والتبصر؛ لأن كلا من الملوك السالفين بعد أن كان في الأفلاك كوكبا ساطعا، وللورى سيدا مدبرا، قد عاد لا وجود له البتة، ولم يبق له سوى الذكر في بطون الأوراق، وذلك دليل على أن هذا الملك الفاني لا بقاء له ولا دوام. أما بيان طبقة آل عثمان، فهو على ما بالأخبار من أن خبر الفارسين في الزمان آخر أهل الروم، فخبر الفارسين هو هؤلاء؛ لأنهم مظهر السلطنة، ومعدن الخلافة، وهذه السلالة الطاهرة لآل عثمان هي خان بن خان من نسل يافث إلى نوح، وكل فرع كريم من أصل عثمان الغازي حتى اليوم، وقد قر الرأي العام بحسب المعدلة، وقد دانت لأحكامهم وتابعتهم ممالك الروم والعرب والعجم، وقد خرجت أجداد عثمان خان الغازي آتية من تركستان وضبطت بلاد خراسان والعراق والأزاربچان، واستولت عليها، وقد توقفوا في طرق الأخلاط مائة وسبعين سنة، حتى خرج جنكيزخان وأتى لولاية الروم أرطغرل مع أربعمائة خان من خدمه وحشمه، وكان في ذاك الزمان في بلاد الروم السلطان علاء الدين بن كيقباد بن كيخسرو بن مسعود السلجوقي، فاحترم أرطغرل خان الغازي، ووهب له المكان المسمى جبل قرحة الكائن في جوار أنكوريا، وقد حدثت في ذاك الزمان محاربة بين علاء الدين والتتر، فساعده أرطغرل خان، وانهزمت التتر، فدعا السلطان علاء الدين أرطغرل خان الغازي أخاه، وقد غزا أيضا السلطان علاء الدين أهالي القسطنطينية في بلاد الروم، وفعل أرطغرل خان عدة فعائل في ذلك الآن، حتى انهزمت أهالي القسطنطينية، فوكل إليه حينئذ السلطان علاء الدين تدبير ولاية سكوتلي وأرمول وطوماليج وتوابعها، ثم تولى السلطان علاء الدين، وجلس مكانه السلطان علاء الدين بن فرامرز في زمن السلجوقيين أيضا سنة ستمائة وثمانين للهجرة، ووافق حينئذ قدوم عساكر التتر إلى مدينة أركلي، فجعل السلطان علاء الدين المذكور عثمان خان الغازي قائمقاما عوضه وأرسله في غزوة، فذهب وبطش بعساكر التتر، وقد باشر أيضا عثمان الغازي غزوات في تلك الجهة، وفتح قلاعا كثيرة، وغنم غنائم وافرة بعث بها إلى السلطان علاء الدين مبشرا إياه بالنصر، فأعطى السلطان علاء الدين لعثمان الغازي طبلا وعلما، ففتح في ذاك الوقت قلعة مليجوك، وأخذها عنوة، وسقطت دولة السلجوقيين حينئذ حتى لم يبق منهم أحد في الولايات، فساد عثمان خان مناكب السلطنة، وظهرت عليه علائم الدولة والعظمة، وانقادت إليه أعيان المملكة، واستوثق له الملك والسلطنة، وما برحت فروع آله إلى الآن متراقية في أعراش الملك يوما بعد آخر. ثم إن السلطان عثمان جلس مكان أرطغرل سنة ستمائة وتسع وتسعين سنة هجرية، وفتح قلعتي بلاجوك وإيناكول سنة ستمائة وخمس وتسعين قبل جلوسه، وكانت مدة سلطنته سبعا وعشرين سنة، وبلغ من العمر تسعا وستين سنة، وبعضهم يقول بلغ سبعين سنة، وتوفي سنة سبعمائة وست وعشرين سنة.
هذا ما جاء في بعض الأقوال عن أسماء سلسلة آل عثمان الطاهرة كما يأتي :
صفحة غير معروفة
السلطان عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه بن قيا ألب بن قزل بوغا بن باتيمور بن قونلوغ بن تفاد بن قينون بن سافور بن بولغاي بن بايسنقور بن توقتمور بن باسوق بن چندور بن باقي بن كوك ألب بن أرغو بن قره خان بن قونلق بن توترق بن قره خان بن بايسوق بن بلواج بن تغار بن سونچ بن چاربوغا بن قورتلمش بن قره جاه خان بن عمود بن سليمان شاه بن قره خول بن قولفاي بن باتيمور بن طوسي بن بابلق بن طورغا بن طوغمش بن كوچك بك بن أونوق بن قوتاق بن چكتمور بن طورج بن قزل بن يماق بن باشبوغا بن قورتلمش بن فورجه بن بالجق بن قوماي بن قره أوغلان بن سليمان شاه بن قولو بن بولفار بن باتيمور بن طورمش بن كوكب ألب بن أوغوز بن قره خان بن قاني خان بن بولجاي بن ماجيه بن أبي الحارث بن يافث بن نوح.
الجزء الثالث
في فوائد تاريخية نثرية، ومسائل استطرادية، وحوادث، وفنون اختراعية
وضعت على ترتيب حروف الهجاء؛ تسهيلا للمطالعين
حرف الألف
إبراهيم باشا :
قدوم إبراهيم باشا بجيوش أبيه محمد علي عزيز مصر، وحصاره لعكا تسعة أشهر، وافتتحها في 21 أيار سنة 1831ب.م، الموافق 27 الحجة سنة 1246 هجرية، وتسلم عبد الله باشا أسيرا، وأرسله لأبيه ذليلا حقيرا، وهو ابن محمد علي باشا عزيز مصر ابنه الكبير، ولد في مدينة كاڨال من بلاد الأرناووط، التي هي في بلاد الروملي بعد زواج أبيه بسنتين، وذلك سنة 1789ب.م، وخلف أباه؛ إذ تولى خديوية مصر سنة 1848ب.م، وتوفي في العاشر من تشرين الثاني سنة 1848ب.م، الموافق لسنة 1264هجرية بعد جلوسه بشهرين، وخلفه ابن أخيه عباس باشا بن ترسم باشا، وكان عمره تسعا وخمسين سنة، وترك ثلاثة أولاد: الأكبر أحمد بك؛ ولد سنة 1825ب.م، والثاني إسماعيل بك؛ ولد سنة 1830ب.م، والثالث مصطفى بك؛ ولد سنة 1833ب.م. حضور إبراهيم باشا إلى سورية ووقعة قونية سنة 1832ب .م. خروج الدولة المصرية من الديار الشامية سنة 1840ب.م.
إبر:
أول اصطناع الإبر كان في بلاد الإنكليز سنة 1545ب.م.
أبو قراط المشهور ابن إقليدس صاحب الطب القديم:
صفحة غير معروفة
ميلاده في جزيرة كوص، كائنة في جزائر بحر الروم سنة 460ق.م، وتوفي في مدينة لاريس من أعمال تساليا. قال بعضهم: هو من المعمرين؛ مات في عمر الثمانين سنة، وقال آخرون: في سن المائة.
ابن سينا:
الطبيب العالم الشهير، وهو الحسن بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا البخاري، الذي تدعوه الأطبا الشيخ الرئيس، ولد في بخرميثن بلدة مشهورة من أعمال بخارا في شهر صفر سنة 370 هجرية، موافقة إلى سنة 981ب.م، وتوفي بالقولنج في همذان يوم الجمعة من شهر رمضان سنة 428 هجرية، الموافق سنة 1038ب.م، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وله مؤلفات مشهورة.
أثينا:
عاصمة اليونان، وهي من أشهر المدن القديمة. موطن لأكثر الفلاسفة والفصحاء وأصحاب الصنائع الأقدمين، وبها أبنية فاخرة لا يوجد مثلها في غيرها. أساس مملكة أثينا سنة 1556ق.م. جلب حروف الكتابة إلى هذه البلاد سنة 1493ق.م. حرق مردونيوس إياها سنة 479ق.م، وفي سنة 380ق.م كان تعليم بلاتون فيها، وسنة 330ق.م كان ظهور أريستوتاليس وتعليمه فيها أيضا، وفي سنة 1821ب.م نهضت بلاد اليونان التي عاصمتها هذه المدينة، وبعد حروب مستطيلة وسفك دماء كثيرة استقلت بموازرة بعض دول الإفرنج، وأقاموا عليها ملكا أوثو ابن ملك بافاريا، وذلك في آخر شهر آب سنة 1832ب.م، وفي سنة 1841ب.م، وكان عدد أهلها 17000 نفس، وسنة 1852ب.م 20000 نفس.
أدرنة:
كانت قديما بلد من طراشيا، واسمها منسوب إلى الملك أدريان الذي جدد بناءها، وفي سنة 1360ب.م أخذها السلطان مراد الأول، وكانت قاعدة المملكة العثمانية من ذلك الزمان حتى يوم أخذ القسطنطينية سنة 1453ب.م، وبقيت كرسيا للسلاطين حتى ابتداء القرن الثامن عشر، وفي هذه المدينة أبنية فاخرة وجوامع حسنة، وقصور قديمة، ولها تجارة واسعة، وبلغ عدد أهلها في سنة 1852 مائة ألف نفس .
أريسطو:
فيلسوف يوناني مشهور في أثينا. ميلاده سنة 384ق.م. تعليمه في أثينا سنة 330ق.م، ومات سنة 322ق.م.
أرمينيا:
صفحة غير معروفة
أي بلاد الأرمن. أهل أرمينيا يزعمون أنهم منذ سنة 2200ق.م وأنهم من نسل يافث وينتسبون إلى أرام. استقلالهم كان سنة 325ق.م، وبقوا خاضعين إلى مكدونية مائة وثلاثين سنة. انقراض هذه المملكة سنة 450ب.م، يحدها من الشمال البحر الأسود وكرجستان، ومن الشرق كرجستان أيضا وجزء من بلاد العجم، ومن الجنوب كردستان والجزيرة، ومن الغرب آسيا الصغرى، وكانت هذه المملكة قديما أكثر اتساعا من ذلك، لكن أضيف جانب منها إلى المملكة الرومانية قبل التاريخ المسيحي بمدة وجيزة، ثم استقلت بعد ذلك وبقيت على استقلالها حتى تملكها الأتراك، فأضيف جزء منها إلى بلاد العجم.
الأردن:
هو نهر مشهور في فلسطين طوله مئتا ميل، يجري بين بحيرة الحولة وبحيرة طبريا. أما المسافة الكائنة بين بحر الميت وبحيرة طبريا المذكورة فهي سبعون ميلا، والمسافة الكائنة بين بحيرة الحولة وبحيرة طبريا هي ثمانية أميال، وقد يختلف عرض نهر الأردن من خمسين إلى مائة وخمسين قدما، وأما بحيرة الحولة فهي خمسون قدما فوق سطح بحر الروم، والبحر الميت أسفل من بحر الروم بألف وثلاثمائة واثنتي عشرة قدما.
الأرز:
أصله من شرقي بلاد الهند من عهد قديم الأيام؛ إذ كانوا يزرعونه هناك، وكان أول مكان زرع فيه الأرز أميركا في مدينة تدعى ڨرجينيا، وذلك سنة 1647ب.م حيثما زرع أولا في هذه المدينة على وجه الامتحان مقدار نصف كيلة من الحب، فأعطت في أول سنة غلة ست عشرة كيلة، والذي اختبر ذلك المعلم وليم باركلي.
أرطاميس:
هو هيكل في أفسس، كان طوله أربعمائة وخمسين قدما، وعرضه مائتي قدم، يشتمل على مائة وستة وعشرين عمودا من الرخام ارتفاع كل منها سبعون قدما، واستمر بناء هذا الهيكل العظيم مائتين وعشرين سنة، وأحرقه رجل يسمى أرسطراطس بقصد أن يشهر اسمه وحمقه في كل العالم.
أرض:
لا حاجة لتفسير معناها ووضعها الأصلي بإسهاب، فإنا ندع ذلك للكيماويين والطبيعيين ، فنقول بوجه الإيجاز: إن الأرض هي الكرة المركبة من الجواهر الفردة التي نحن عليها، تشتمل على أرض وماء، وهي على شكل كروي، لكنها مسطحة قليلا من ناحيتي قطبيها، ولذلك شكلها يدعى مسطحا ليس كرويا تماما، وثلثاها مغمور بالمياه، وقال الجغرافيون أيضا: إن مساحة سطحها نحو مائتي مليون ميل مربع الذي يعادل ربعه خمسين مليون ميل مربع، وهو من اليابسة وثلاثة الأرباع الباقية هي مغطاة بالماء والأرض هي أحد الكواكب السيارة الأصلية تدور حول الشمس بين الزهرة والمريخ، ويحيط دائرتها خمسة وعشرين ألف ميل وقطرها ثمانية آلاف ميل، وبعدها المتوسط عن الشمس نحو خمسة وتسعين مليون ميل، ومن دورانها السنوي تحصل السنة، وهي ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وخمس ساعات وتسع وأربعون دقيقة تقريبا، والجو أو الفضاء المحيط بها يعلو عنها أربعين أو خمسين ميلا، ولو فرض أن رجلا أراد أن يطوف حول الأرض ماشيا بلا انقطاع للزمه مدة أحد عشر شهرا، وفي سكة الحديد واحد وعشرون يوما.
أزمير:
صفحة غير معروفة
وهي مدينة من بر الترك في آسيا، أي في بر الأناضول، كائنة على رأس خليج أزمير، وقد خربت بالزلازل والحروب عشر مرات، وميناها أمين في الغاية، وهي ذات تجارة واسعة برا وبحرا، وفيها كثير من الإفرنج، والأراضي المجاورة لها جيدة مخصبة، وفي سنة 1852 كان فيها من السكان 114000 نفس، وسنة 1862 مائة وخمسون ألفا، وهذه المدينة قديمة، وتاريخها مفقود بين القصص والحكايات، وكانوا قديما يدعونها أسمير، وأنها مدينة ومينا في غربي الأناضول، ويظهر أن «أيوليان» من مدينة «سيم» أسسها قبلا وجعلها إقليما، ولكن من بعد ذلك سنة 688ق.م استولت حالا عليها أهالي مدينة كولفونيا من أعمال يونيا التي هي جزائر لليونان، وبقيت مستقلة نحو مائتين وخمسين سنة، وفي القرن السابع ق.م صارت أزمير تعد من الثلاث عشرة مدن يونانية «نسبة إلى يونيا في أثينا»، وعلى قول سترابو المعلم الجغرافي اليوناني أن هذه المدينة هدمها سادياط، وأصله من ليديا بلد في آسيا الصغرى، وذلك سنة 627ق.م، وبقيت خرابا عدة قرون، ثم عاد فجدد بناءها، ووسعها أنتيكونيوس وليسيماكيوس من خلفاء إسكندر الكبير، وصارت حينئذ معدودة من الطراز الأول بين مدن ذلك العصر، وقد حدث فيها زلزلة سنة 178ب.م دمرتها، لكن جدد بناءها أيضا بعد الزلزلة مرقس أوراليوس، ثم تقلبت عليها الأيام وحسدت على سعادتها وعمرانها، وفي نهاية القرن الحادي عشر ب.م أو سنة 1084ب.م استولى عليها الأتراك أو أحد رؤساء السلجوقيين، ثم في ذلك الحين أوشكت تخربها العمارة البزنتية، ثم جدد بناءها الملك كومنينوس سنة 1220ب.م واستولى عليها بعده أهل جينوى، وبقيت معهم إلى سنة 1264ب.م، وبعده أخذها الأتراك بعد أن حاصرها باطلا السلطان بايزيد الأول سبع سنين، ثم تيمورلنك سنة 1402ب.م، وبعده استرجعها حالا الأتراك واستولوا عليها، وقد حصل في هذه المدينة زلازل ونار شديدة في أوقات مختلفة، وفي سنة 1841 ب.م احترق فيها اثنا عشر ألف بيت، وفي سنة 1846ب.م ألمت بها زلزلة أضرت بها جدا، وهلك فيها أناس كثيرون.
إسبانيا:
يحدها شمالا بحر بيسكي وجبال ألبرت - أو ألبرن - الفاصلة بينها وبين فرانسا، وتدعى أيضا جبال البرانس، وشرقا البحر المتوسط، وجنوبا البحر المتوسط أيضا وبوغاز جبل طارق والأوقيانوس الأتلانتيكي، وغربا الأوقيانوس المذكور وبرتوكال، وطول هذه البلاد 650 ميلا، وعرضها 550 ميلا، ومساحتها نحو 180000 ميل مربع، وفي سنة 1827ب.م كان عدد سكانها 10250000 نفس، وسنة 1858ب.م ثلاثة عشر مليونا، وسنة 1871 14000000 نفس، وكانت هذه البلاد قديما مشتهرة بمعادنها الغنية التي كان أهل فينيقية، يجلبون منها الذهب والفضة، وكانت جزءا من المملكة الرومانية مدة 400 سنة، وتاريخ استيلائهم عليها كان سنة 133ق.م، ثم استقلت بذاتها، وقد يسميها العرب أندلس نسبة لإيالة أندلسيا التي أول من فتحها طارق بن زياد في زمن الخليفة ابن الوليد سنة 92 هجرية الموافق سنة 710ب.م. دخول طارق آخر ملوكها إليها وتغلبه على الملك رودريك وضم إسبانيا وبورتوغال إلى الخلافة من سنة 712 إلى سنة 713ب.م. دخول العرب الإسلام إليها سنة 715ب.م. قتل الرهبان فيها سنة 882ب.م. غزوات العرب فيها سنة 1195ب.م . طرد مائة وستين ألف يهودي منها سنة 1492ب.م، وقوع الثورة فيها وهرب الملكة إيزابلا إلى فرنسا سنة 1868ب.م. أما مساحة السراية الملكية العظيمة المشهورة في مدريد عاصمة هذه المملكة مع جناتها أيضا، فهي فلاحة نحو ثمانين فدان أرض، «والفدان في المساحة أربعمائة أو ثلاثمائة وثلاثون قصبة مربعة، والقصبة هي أربعون ذراعا وسدس ذراع مربعة، وذراع المساحة هي سبع قبضات فوق كل قبضة أصبع قائمة، والمربع عند المهندسين ذو أربعة الأضلاع كالبيت، وعند الحسابيين الحاصل من ضرب عدد في نفسه»، ومحيطها - أي دائرتها - أربعمائة وسبعون قدما، وعلوها مائة قدم، وهي تحسب من أعظم سرايات الدنيا، بناها الملك فيلبس الخامس ملك إسبانيا، ومن مدن إسبانيا مدينة قرطبة، قيل كان عدد سكانها في سنة 1852ب.م 50000 نفس، وكانت كرسي الخلافة في أيام حكم الإسلام في الأندلس. قيل كان بها يومئذ 1600 جامع و900 حمام، ومن الحوانيت 80455، ومن البيوت 262300، ومن السكان 1000000، ولم تزل بها بقايا دور الخلفاء.
إسكندر الأول ملك روسيا:
ميلاده سنة 1777ب.م، توليه سنة 1801ب.م، وفاته في كانون الأول سنة 1826ب.م، وجلوس الملك نقولا بعده على كرسي الملك في السنة المذكورة.
إسكندر:
هو إسكندر الكبير ملك مكدونيا فاتح بلاد العجم والهند، ابن فيلبس المكدوني. ميلاده سنة 356ق.م، هزمه أهل بلاد الفرس سنة 334ق.م. دخوله إلى آسيا وحصار صور وأخذها وفتحه للشام ومصر وقهره أهل بلاد الفرس ثانية سنة 333ق.م. انتصاره أيضا على داريوس ملك الفرس وحصوله سلطانا على مملكة العجم برمتها ودخوله إلى القدس سنة 332ق.م. استظهاره على مصر ورجوعه إلى فينيقية سنة 331ق.م، وفاته في بابل سنة 323ق.م، وهو في سن الثلاث والثلاثين سنة.
آسيا:
يحدها من الشمال البحر المتجمد الشمالي، ومن الشرق بوغاز بيرين والأوقيانوس المحيط الفاصلان بينهما وبين أميركا، وأجزاء هذا الأوقيانوس المتصلة بالبر قد سميت بأسماء مختلفة على حسب ما اتصلت به، كبحر كمتشكا وبحر أوخوتسك وبحر يابان والبحر الأصفر وبحر الصين ... وهلم جرا. ثم من الجنوب الأوقيانوس الهندي، ولأقسامه أيضا أسماء مختلفة، كبحر بنكالا وبحر العرب، ومن الغرب البحر الأحمر وبرزخ السويس بينها وبين أفريقيا، وبحر الروم وبحر مرمرا وبوغاز القسطنطينية والبحر الأسود ونهر دون وجبال أورال بينها وبين أوروبا، وطول آسيا 4700 ميل، وعرضها 4400 ميل، وقد اختلف في مساحة القارة، فقيل إنها 20000000 ميل مربع، وقيل 18000000، وقيل 16000000، وقيل 14000000 ميل اعتيادي مربع، واختلف أيضا في عدد سكانها، فقيل إنه كان في سنة 1852ب.م 600000000، وقيل 500000000، وقيل 400000000، وقيل 340000000 نفس، وإن في سنة 1841ب.م كان عدد نفوس هذه القارة أربعمائة وخمسين مليونا من النفوس. خراب أول مملكة فيها قديما سنة 747ق.م. هدمها وخرابها من تيمورلنك ملك التتر، وهزمه للسلطان بايزيد الأول في مدينة أنكره سنة 1402ب.م، وفي سنة 548ق.م تغلب كورش ملك مادي وفارس على جانب عظيم منها، وبعد وفاته سنة 323ق.م صارت آسيا جزءا من مملكة سوريا التي كانت قصبتها حينئذ أنطاكية، ثم خضعت لقياصرة رومية والقسطنطينية، وفي سنة 1305ب.م غلب على جانب عظيم منها السلطان عثمان الغازي، وفي سنة 1486ب.م صارت كلها تابعة لسلاطين آل عثمان.
إسكندر الثاني إمبراطور روسيا:
صفحة غير معروفة
ميلاده سنة 1818ب.م، جلوسه في 2 آذار سنة 1855ب.م؛ أي حين وفاة الملك نقولا الأول.
الإسلامية:
تأسيس الإسلامية في بلاد العرب سنة 611ب.م، وقد يبتدأ في تاريخ الهجرة من سنة 622ب.م؛ أي حينما هاجر حضرة صاحب الرسالة مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
إسحاق نيوطون:
هو الفيلسوف الإنكليزي المشهور في العلوم الرياضية والطب والفلك والفلسفة، وهو الذي اكتشف قاعدة الجاذبية وانحلال النور. ميلاده في 25 كانون الأول سنة 1642ب.م، وتوفي سنة 1727ب.م.
إسكندرية:
هي مدينة من أعمال مصر في قارة أفريقيا أول إسكلة أو مينا بحري لبلاد مصر، كانت قديما من أشهر مدن العالم في التجارة والعلوم، وفي سنة 1849ب.م بلغ عدد سكانها 60000 نفس، وسنة 1862ب.م 85000 نفس، وهي واقعة بين فم النيل الغربي وبحيرة ماروتيس، ويوصلها بفم النيل عند مدينة رشيد قناة المحمودية التي فتحت مرة ثانية سنة 1819ب.م؛ فتحها محمد علي باشا، وطولها 48 ميلا. وهذه المدينة كانت قديما مبنية على البر تجاه مركزها الحالي؛ أي أنها مبنية الآن تقريبا على جزيرة فاروس المشهورة وعلى البرزخ الذي يوصلها بالبر، ولها مينآن: أحدهما على الجهة الغربية؛ وهو الأحسن، والثاني على الجهة الشرقية؛ وهو جديد. لكنه يدعى بالمينا القديم، وهذه المدينة بناها إسكندر الكبير سنة 332ق.م، وفي سنة 30ق.م دخلت في حوزة الرومان، ثم حاصرها الملك يوليوس قيصر، وأخذها سنة 47 وسنة 48ق.م؛ إذ حصل بها حينئذ فتنة مخيفة في تلك المدة، وفي سنة 49ق.م احترقت المكتبة الكبرى فيها، وقيل إن تلك المكتبة كانت تشتمل على ثلاثمائة أو سبعمائة ألف مجلد، ويدعونها مكتبة الملك بطليموس. حدوث مقتلة عظيمة فيها بأمر الملك سنة 216ب.م، وفي سنة 611 قبل ذلك استولى عليها الملك كسرى الثاني ملك الفرس، «وكسرى اسم كل من ملوك الفرس، كما أن كلا من ملوك الروم يسمى قيصرا، والترك خاقانا، واليمن تبعا، والحبشة نجاشيا، والقبط فرعونا، ومصر عزيزا ... إلى غير ذلك. وهو معرب خسرو بالفارسية، ومعناه واسع الملك»، وسنة 640 أو سنة 641ب.م أخذها العرب تحت قيادة عمرو بن العاص، وأتموا دمار آثارها القديمة في سنة 642 أو سنة 644ب.م، وقرر بعض المؤرخين سنة 636ب.م أن حريق مكتبتها الغنية كان من عمر ثاني الخلفاء، وقيل سنة 640 أيضا. ارتفاع منارتها خمسمائة قدم، بناها الملك بطليموس فيلادلفس سنة 282ق.م، ونورها منتشر إلى بعد عظيم. عمود الصواري فيها المنسوب إلى الجنرال بومباي؛ أي عمود بومباي «وهو جنرال روماني مشهور»، ارتفاعه مائة قدم، وقال بعضهم 88 قدما، وقطره من عند قاعدته عشر أقدام، وكان بناؤه إكراما للملك دبوكلسيان الروماني الذي حاصرها سنة 296ب.م، بعد أن دافعت هذه المدينة ثمانية أشهر، وأخيرا سلمت بعد أن فني منها ألوف بالسيف والنار. أما مسلة فرعون فيها التي دعيت في القديم مسلة كليو باطرا ملكة مصر المشهورة، فكانت عمودين أحدهما قائم، والآخر ساقط، وطول أحدهما خمس وستون قدما، وقال بعضهم 64 قدما، والآخر سبعون قدما، وقطرهما عند قاعدتهما سبع أو ثمان أقدام، ونقلت من مقالعهما في زمن تملك الملك طوطمس الثالث سنة 1495ق.م، وقد أعطى محمد علي باشا الساقط منهما للحكومة الإنكليزية. استيلاء نابوليون بونابارت عليها في 3 تموز سنة 1798ب.م. تسليم الفرنساوية هذه المدينة للدولة العلية والإنكليز، وخروجهم من بلاد مصر في آخر شهر أيلول سنة 1801ب.م، وبقيت هذه المدينة مع الدولة العلية والإنكليز من سنة 1801 إلى سنة 1803ب.م، وفي سنة 1819ب.م حصل فتح قناة المحمودية الشهيرة مرة ثانية في هذه المدينة، وذلك بعناية محمد علي باشا، وطول هذه القناة ثمانية وأربعون ميلا، وقد جاء في تعريف الميل أنه قدر مد البصر من الأرض أو مسافة من الأرض متراخية بلا حد أو مائة ألف إصبع إلا أربعة آلاف إصبع أو ثلاثة أو أربعة آلاف ذراع، بحسب اختلافهم في الفرسخ هل هو تسعة آلاف بذراع القدماء أو اثنا عشر ألف ذراع بذراع المحدثين، والميل الهاشمي ألف باع.
إشارة:
اختراع سلك الإشارة سنة 1849ب.م.
أفسس:
صفحة غير معروفة
مدينة قديمة مشهورة في آسيا، وهي الآن خراب. موقعها إلى جنوبي أزمير على نحو 35 ميلا، بقرب ريف البحر، ولم يبق منها إلا بعض الآثار وبعض القناطر التي كان مبنيا عليها هيكل أرطاميس، ومساحة هيكل ديانا المشهور فيها طوله أربعمائة وخمس وعشرون قدما، وعرضه مئتان وعشرون قدما، وقد قاومت كثيرا الذين شنوا عليها الغارات، وابتداء انهدامها في زمن تسلط الملك طراجان، الذي نقل أبواب الهيكل المذكور إلى القسطنطينية، وخراب هذه المدينة الأخير كان في زمن تسلط الملك غالينوس سنة 262ب.م.
أفريقيا:
هذه القارة شبه جزيرة متصلة بقارة آسيا عند برزخ السويس، يحدها شمالا بوغاز جبل طارق والأوقيانوس الأتلانتيكي والبحر المتوسط، وشرقا برزخ السويس والبحر الأحمر وبوغاز باب المندب والأوقيانوس الهندي، وجنوبا الأوقيانوس الجنوبي، وغربا الأوقيانوس الأتلانتيكي، وشطوطها قليلة الرءوس والخلجان والأجوان والجزائر. طولها 4320 ميلا، وعرضها 4140 ميلا، وقد حسبت مساحتها فكانت 11000000 ميل مربع، وقال بعضهم اثني عشر مليونا، وأما أهل هذه القارة، فقد حسب عددهم في سنة 1827ب.م نحو 100000000 نفس، وقيل في سنة 1841ب.م بلغ عدد أهلها نحو ستين مليونا، وطول بريتها 3000 ميل، وعرضها 1000 ميل، وهي رمال وحصي، وفي هذه القارة من اللغات نحو 150 لغة. رجوعها إلى الروم سنة 534ب.م. غزوات الفرس فيها سنة 622ب.م، فتوحها من الإسلام سنة 648ب.م. تغلب المسلمين على المغاربة فيها سنة 709ب.م، فتح فرنسا جزائر الغرب فيها وأخذها للأمير عبد القادر سنة 1847ب.م.
ألفراد الكبير:
هو ملك إنكلترا المشهور الذي أدرج علم الشريعة عندهم، ورتب قوة إنكلترا البحرية. ميلاده سنة 849ب.م، ووفاته 900ب.م.
أميركا:
القسم الثاني من أقسام الدنيا الخمسة، وهي تقسم إلى قسمين يصل بينهما برزخ داريان؛ أحدهما: شمالي، ويقال له أميركا الشمالية، والثاني: جنوبي، ويقال له أميركا الجنوبية. أما أميركا الشمالية، فمساحة سطحها ثمانية ملايين ميل مربع، وهي ثالث القارات في الاتساع، يحدها شمالا الأوقيانوس المتجمد الشمالي، وشرقا الأوقيانوس الأتلانتيكي الفاصل بينها وبين أوروبا وأفريقية، وجنوبا بحر كريب وبرزخ داريان الذي يصل أميركا الشمالية بالجنوبية. عرضه خمسة عشر ميلا فقط، والأوقيانوس المحيط، وغربا الأوقيانوس المحيط أيضا الفاصل بينها وبين آسيا ومضيق بيرين، وطول قارة أميركا من الشمال إلى الجنوب ليس أقل من 9000 ميل، وعرضها من الشرق إلى الغرب بين 1500 ميل و1800 ميل، وطول أميركا الشمالية من الأوقيانوس الشمالي إلى برزخ داريان هو 4800 ميل، وعرضها بين 3200 و2600 ميل، وقيل إن طولها 5200 ميل، وعرضها 2450 ميلا، ومساحتها 8 ملايين ميل مربع، ومساحة قارة أميركا بكاملها نحو 15000000 ميل مربع، وعدد أهل هذه القارة بلغ في سنة 1852ب.م 50000000 نفس، وقال بعضهم سنة 1841ب.م كان خمسة وأربعين مليونا؛ منها 19 مليونا من البيض، وعشرة ملايين من الهنود، وثمانية ملايين من السود؛ أي العبيد، وثمانية ملايين من أجناس مختلفة، وسنة 1827ب.م بلغ عدد أهل أميركا الشمالية عشرين مليونا، وسنة 1858ب.م 35 مليونا، وهي ثالث القارات في الاتساع، اكتشافها لخريستوف كولومبوس في 15 آذار سنة 1493ب.م، وبعضهم قال في 8 أو 12 تشرين الأول سنة 1492ب .م. بداية زرع القطن فيها سنة 1769ب.م. تحريرها سنة 1776 أو سنة 1777ب.م. ابتداء الحرب بينها وبين الإنكليز في 18 نيسان سنة 1775ب.م، ونهايتها في 19 تشرين الأول سنة 1781ب.م، وقيل إن مصالحة باريز ونهاية حرب أميركا واستقلاليتها التامة كانت سنة 1783ب.م.
أمية:
بنو أمية هم ثاني طبقة من خلفاء الشرق، ابتداؤهم من زمن تملك معاوية بن أبي سفيان سنة 41 هجرية موافقة سنة 661ب.م، ودامت خلافتهم لسنة 132 هجرية الموافقة سنة 750ب.م، وتسموا هكذا نسبة إلى أمية سلف أو جد معاوية المذكور، ويذكر المؤرخون أن خلافتهم بدمشق كانت سنة 660ب.م.
أنطاكية:
صفحة غير معروفة
تأسيس هذه المدينة سنة 300ق.م، أسسها أنتيكون أحد قواد الملك إسكندر الذي تلقب بعد أخذه عدة أماكن في آسيا بملك آسيا، وأكمل بنائها سلوقيوس الذي دعاها أنطاكية باسم أبيه أنطيوخوس أو أنطيوكوس، وكانت قاعدة بلاد السلوقيين وثالث مدينة في مملكة الرومان، وكان عدد سكانها يومئذ سبعمائة ألف نفس. دثارها من الزلازل سنة 115ب.م. محاربة الفرس إياها سنة 232ب.م. استيلاؤهم عليها سنة 611ب.م، ثم سلموها إلى مملكة بزنطا، وكانت هذه المدينة حين تأسيسها معدودة قصبة سورية؛ أي إلى نحو ثلاثمائة سنة قبل المسيح - كما ذكرنا - ويؤكد لنا التاريخ القديم أيضا أنها كانت مدينة كبيرة زاهرة وعامرة في سوريا. موقعها على شطوط نهر أورانتوس بعيدة عن البحر وعن ميناها سلوقيا نحو خمسة عشر ميلا. استيلاء العرب عليها تحت راية عمر سنة 638ب.م، ثم الصليبيون سنة 1100ب.م، وفي سنة 1268ب.م. خربها سلطان مصر، ثم تواترت عليها الزلازل، والمماليك تولوا عليها سنة 1300ب.م، ثم الدولة العلية 1516ب.م، وقال بعضهم إن مدينة أنطاكية موقعها الآن على جانب نهر العاصي، تبعد عن البحر ست ساعات، وفيها سور عظيم باق من رونقها القديم، يحيط بها من جوانبها الثلاثة، وعلى الرابع منها - وهو الشمالي - نهر العاصي المذكور، وفي سنة 1852ب.م بلغ عدد أهلها 9000 نفس.
انكشارية:
هذه اللفظة معناها عساكر جديدة بداية وجاقهم من السلطان مراد الأول، وهو السلطان الثالث من الدولة العثمانية سنة 1362ب.م، وقد جدد هذا الوجاق وأكمل ترتيبه السلطان بايزيد الأول سنة 1389ب.م، وقد هدم وجاقهم هذا السلطان محمود، وكان قتلهم في توركيا في شهر حزيران سنة 1826ب.م.
إنكلترا:
أي بلاد الإنكليز، هي أكبر أقسام مملكة الإنكليز وأخصبها تربة وأكثرها أهلا، وسطحها مخترق بجبال منخفضة وتلال وأودية تتخللها سهول كثيرة. ولكثرة الاعتناء بأمور الزراعة قد بلغ أهلها إلى الدرجة القصوى في كل ما ينبغي لها، فصارت أكثر أراضيهم في غاية الخصب، وهي تسقى بالأمطار صيفا وشتاء، وفي جهة الغرب منها قسم يدعى وايلس، كان قديما مملكة مستقلة، ويحدها بما فيه قسم وايلس شمالا سكوتلاندا، وشرقا أوقيانوس جرمانيا، وجنوبا البوغاز الإنكليزي وبواغيز دوفر، وغربا خليج مار جرجس وبحر أيرلاندا. طولها 400 ميل، وعرضها 150 ميل، ومساحتها 50000 ميل مربع، وبلغ عدد سكانها في سنة 1827ب.م 12000000 نفس، ومساحة قسم وايلس 8125 ميل مربع، وعدد أهله في السنة المذكورة 720000 نفس. هجوم الرومان عليها في زمن يوليس قيصر سنة 55ق.م، ثم في زمن أغريكولا، جنرال روماني قد أتم الرومان فتح هذه البلاد. خروج الرومان منها سنة 428ب.م، وقال بعضهم إن خروج الرومان من بريطانيا كان في سنة 420ب.م. حربها لفرنسا سنة 1383ب.م. انضمام أيرلاندا إليها سنة 1800ب.م.
أولاد:
منع الإنكليز بيع الأولاد سنة 1800ب.م.
أوروبا:
هذه القارة يحدها شمالا بحر الثلج الشمالي، وشرقا جبال أورال ونهر أورال ونهر ولكا وبحر قزبين ونهر دون والبحر الأسود وبوغاز القسطنطينية وبحر مرمرا أو بحر جزائر الروم، وجنوبا بحر الروم وهو الذي يقال له المتوسط؛ لتوسطه بين أوروبا وأفريقية، والبحر الأسود وبوغاز القسطنطينية وبحر مرمرا وبوغاز الدردنيل وبوغاز جبل طارق، وغربا الأوقيانوس الأتلانتيكي، ومعظم طولها من مصب نهر كارا إلى رأس فنسنت يبلغ نحو 3490 ميل، وقيل طولها 3600 ميل، وقيل 3400 ميل، ومعظم عرضها من الرأس الشمالي إلى رأس متبان في جنوبي المورة يبلغ 3420 ميل، وقيل 2360 ميل، وقيل 2200 ميل، ومساحة سطحها 2450000 ميل مربع، وقيل ثلاثة ملايين وتسعمائة ألف ميل مربع، وقيل ثلاثة ملايين، وكان عدد سكانها في سنة 1827ب.م مائتي مليون نفس، وفي سنة 1841ب.م 230 مليونا؛ أي 120 مليونا من الكاثوليك و52 مليونا بروتستانت و50 مليونا روم وخمسة ملايين ونصف إسلام ومليونان ونصف يهود، وقيل في سنة 1858ب.م كان عدد سكانها مائتين وثلاثة وستين مليونا ونصفا. اتحاد أوروبا في المتجر سنة 1259ب.م، فوز الأتراك بالنصر تحت راية السلطان مراد الأول بعد معركة هائلة وتقريرهم فيها سنة 1444ب.م. أخذ الأتراك بلغراد وبلاد المجر العليا وخوف أوروبا منهم سنة 1649ب.م، وفي سنة 1718ب.م تنازل الأتراك عن بلغارد وبعض السرب والفلاخ إلى أوستريا، واستلوا على المورة من مشيخة البندقية.
أوقيانوس المحيط:
صفحة غير معروفة
اكتشفه «بالبوا» في 25 أيلول سنة 1513ب.م.
أكسجين:
الأكسجين هي لفظة يونانية مركبة من كلمتين: «أوكسو» حامض، و«جانوس» مولد. أي مولد الحامض، وهو مادة مغناطيسية سالبة متحولة إلى أنها تكون قابلة الاتحاد مع حامض ما يكون عنصري أصلي؛ أي أنه يكون أساسا لتكوين جميع الحوامض والأملاح، وهو الجزء المحيي المكون للهواء الجوي والمساعد؛ أي النافع للاشتعال الاعتيادي وتنفس الحيوانات ذوات الدم الأحمر، وبالامتحانات الجديدة يعلم أن الأكسجين ليس هو ضروري للاحتراق في كل الأحوال أو إلى الحموضة، والأكسجين هو دائما سيال متلزج غير منظور وخال عن الرائحة، لكنه أثقل جدا من الهواء الجوي، وفي امتزاجه مع الأزوط أو مع النيتروجين يجعل أو يكون الهواء الجوي؛ إذ يوجد من الأكسجين في الهواء نحو الخمس، وفي الماء منه نحو تسعة وثمانين بالمائة، وهو موجود في أكثر الأشياء الحاصلة عن الطبيعة: كالأثمار والحبوب والمعادن والنبات والحيوانات والحوامض والأملاح وجميع الأوكسيد، وكان الذي عرف الأكسجين هو الطبيب بريستلي الإنكليزي الكيماوي سنة 1774ب.م، مع أن «شيل» من أسوج و«لافوازيار» من فرنسا يزعمان أنهما اكتشفا نظير هذا الاكتشاف في الوقت نفسه.
آلات:
علم تركيب الآلات قبل 250ق.م، وأول آلة اصطنعت لجمع الكهربائية كانت في سنة 1650ب.م، وصانعها كان رجلا نمساويا اسمه أوتوكيوريك ، وشوهدت الكهربائية في جوف الأرض قبل المسيح بستمائة سنة، والكهربائية لفظة فارسية مركبة من كلمتين: «كاه» تبن، و«ربا» جاذب. أي جاذب التبن أو القش.
أيوبية:
ظهور الدولة الأيوبية سنة 1171ب.م، واستيلاؤها على مصر إلى سنة 1250ب.م.
آيا صوفيا:
عمار كنيسة آيا صوفيا بالقسطنطينية سنة 532ب.م، وقرر بعضهم سنة 535ب.م.
إيزابلا الثانية:
صفحة غير معروفة