في أثناء ذلك وصلت إلى الحكومة أخبار عن جيش مصر، وجهها كليبر إلى مجلس الشعب، من غير أن يراعي فيها بونابرت الذي شكاه بأنه هجر جيشه في وسط الضيقة والفاقة، أما القنصل الأول الذي فتح تلك البرقيات بنفسه فقد اغتبط لوقوعها بين يديه، وأجاب كليبر عليها جواب رجل يعرف أن يملك نفسه ويبرهن عن جدارته بإدارة الغير، فكان جوابه نداء موجها إلى جيش الشرق، وهذا هو:
أيها الجنود
إن قناصل الجمهورية ليهتمون غالبا بجيش الشرق.
إن فرنسا لتعرف كل المعرفة تأثير فتوحاتكم على إحياء تجارتها ورقي العالم، ثم إن أوروبا جميعها شاخصة إليكم، وإني معكم بالفكر دائما.
كونوا دائما جنود ريفوليو وأبو قير فلا تقهروا قط.
احملوا إلى كليبر تلك الثقة اللا حد لها التي حملتموها إلي فإنه يستحقها.
أيها الجنود، فكروا باليوم الذي تدخلون فيه منتصرين إلى الأرض المباركة؛ فإنه سيكون يوما مجيدا للأمة جميعها.
على أن بلاط فيينا، العائد من الانحطاط الذي أوقعته به انكساراته العديدة في مواقع إيطاليا المشهودة، كان قد أذعن مرة أخرى لحقده المزمن ضد الجمهورية الفرنسية، وهرول للانضمام إلى سياسة الديوان الإنكليزي دافعا إلى الوراء جميع مطاليب بونابرت الهادئة. عند هذا أمر القنصل الأول بتأليف جيش احتياطي في ديجون مؤلف من ستين ألف رجل عهد بقيادته إلى برتيه الذي ناب عنه كارنو في وزارة الحربية، إلا أنه ما لبث أن ذهب هو نفسه فاستلم قيادة ذلك الجيش وألف منه جيش إيطاليا الجديد.
خرج من باريس في السادس من أيار فوصل في الخامس عشر منه إلى جبل سن برنار الذي اجتازه بثلاثة أيام. في اليوم الثامن عشر كتب بونابرت من معسكره في مارتيني إلى وزير الداخلية ليبشره بأن ذلك الممر الصعب قد عبر، وأن الجيش يدخل الأرض الإيطالية في الواحد والعشرين. قال: «أيها الوزير المواطن، إنني على أقدام جبال الألب الكبرى في وسط الفاله.
1
صفحة غير معروفة