لم تستطع مقاومة السدة الرسولية أن تكون شديدة، فأسرع بيوس السادس بطلب السلم إلى القائد الجمهوري فمنحه إياه بمعاهدة كتبت في التاسع من شهر شباط وتحت الشروط الآتية: أولا: يتخلى البابا عن جميع مطاليبه من أفينيون والكونتية الفينيسيانية، ثانيا: يتنازل إلى الأبد عن بولونيا وفيرار ورمانية للجمهورية الفرنسية، ثالثا: يتخلى عن جميع الأشياء الفنية التي يطلبها بونابرت، مثل أبولون لبيلفيدار، والتجلي لرافائيل إلخ ... رابعا: يرمم المدرسة الفرنسية في روما ويدفع ضريبة حربية قدرها ثلاثة عشر مليونا إما من فضة وإما من أشياء ثمينة، فأضاف البابا بيوس السادس على هذه الشروط، في الثاني والعشرين من شهر شباط، براءة ممتازة وهب فيها بونابرت لقب «ولدي العزيز».
إلا أن البلايا العديدة التي لحقت بالجيوش النمسوية، كانت قد أذلت وأحزنت ديوان البلاط النمسوي، من غير أن تقمع حقده على الثورة الفرنسية أو أن توحي إليه أفكارا سلمية، وبالرغم من الوهن الذي ألحقته به الحرب، بقي مصرا على خرق المقدر والهجوم ببقايا جيوشه العديدة على السلطة المنتصرة ، التي كثيرا ما شتتت كتائبه وقضت عليها أيام كانت هذه الكتائب في قمة سطوتها وآمالها، فأرسل الأرشيدوق شارل إلى إيطاليا ليستلم فيها القيادة العامة للكتائب الإمبراطورية ويعالج ترميم نكبات سلفائه.
ظن الأرشيدوق شارل أن بونابرت الذي كان مهتما بمعاقبة البابا لنقضه معاهدة بولونيا صحب معه قسما شديدا من جيشه، فأراد أن يستفيد من هذه الغيبة ليعجل هجومه، وأشار إلى القائد غيو بعبور البرنتا.
10
غير أنه انتبه بعد ذلك إلى خطئه؛ إذ إن نابوليون، الذي لم يكن قد صحب معه إلى إيطاليا إلا أربعة أو خمسة آلاف رجل، ظهر على شاطئ البرانتا، وصحب في أوائل آذار جيشه إلى باسانو التي نشر فيها النداء الآتي:
أيها الجنود
إن الاستيلاء على مانتو قد وضع أوزار موقعة أكسبتكم حقوقا خالدة على الوطن العارف الجميل.
لقد انتصرتم في أربع وثمانين موقعة، وأسرتم أكثر من مائة ألف رجل، وغنمتم من الأعداء خمسمائة مدفع وألفي بندقية وأربعة قطر جسور.
إن الضرائب التي فرضت على المدن التي غزوتموها قد أطعمت الجيش طوال الجهاد وصانته ودفعت حسابه، وفوق ذلك فقد أرسلتم ثلاثين مليونا إلى الوزارة المالية لإعانة بيت المال.
لقد زينتم متحف باريس بأكثر من ثلاثمائة رائعة من روائع إيطاليا القديمة والحديثة التي استوفت ثلاثين قرنا لإنتاجها.
صفحة غير معروفة