1319ه / 1901م: كان عبد العزيز في الواحد والعشرين من سنه عندما خرج بهذه الشرذمة من الكويت. خرج «ينحر» - يقصد - البوادي عله يزيد في الأقل عدد رجاله. نحروا العجمان فتردد الرؤساء فيهم ولكن كثيرين من العامة انضموا إلى غزو ابن سعود. وكذلك آل مرة وسبيع والسهول، فاشتد ساعد عبد العزيز. أصبح معه بدل الأربعين ذلولا ألف ذلول وأربعمائة خيال.
هو جيش في البادية يذكر. ركب القائد الشاب على رأسه يقطع الصمان والدهناء فوصل إلى مكان يقال له: العرض بنجد، وغزا هناك عرب قحطان الذين كانوا تابعين لابن الرشيد، فأصاب منهم مغنما كبيرا، وعاد إلى ناحية الحساء.
عندما علم ابن الرشيد بهذه الغزوة هجم في أطراف الكويت على قبائل عريبدار
2
ليظهر أنه لا يبالي بمثل هذا الغزو.
ولكن ابن سعود بعد أن مون جيشه في الحساء خرج غازيا مرة أخرى، فوصل إلى سدير، فأغار هناك في مكان يدعى عشيرة على قبيلة من قحطان وأخرى من مطير فأخذهما ورجع بالغنائم، فنزل ثانية في أطراف الحساء. وكان جيشه يزداد في كل غزوة حتى أصبح ألفا وخمسمائة ذلول وستمائة خيال.
أما ابن الرشيد فعاد بجيشه إلى الحفر، ولما بلغه خبر غزوات ابن سعود الموفقة أرسل رسولا اسمه الحازمي إلى الشيخ قاسم بن ثاني يستنهضه على هذا العدو الجديد، ثم كتب إلى حكومة البصرة لتوعز إلى حكومة الحساء بطرد ابن سعود من تلك النواحي وبتحريض البوادي عليه. أجابت الحكومة طلب ابن الرشيد، فشرد خوفا منها ومنه أكثر من ألف هجان ومائة خيال من جيش ابن سعود، فلم يبال بذلك؛ لأنه لم يكن ليركن إلا لرجاله الأربعين الأولين.
غزا بما تبقى معه الغزوة الثالثة فوصل إلى جنوبي نجد وأغار هناك على قبائل من الدواسر فلم يصب مغنما كبيرا، ولكنه عاد إلى ناحية الحساء. وكان وقت الشتاء فتفرق البدو طالبين المرعى لمواشيهم. لم يكن ليربطهم بابن سعود إلا حب الكسب، فمن أين له والحال هذه أن يكرههم على البقاء.
أربعون رجلا ظلوا أربعين بعد أن ذاقوا حلاوة النصر ومر الفشل والخسران. ولم يكن لعبد العزيز الشاب ما يشحذ عزمهم، ويفتح لآمالهم ولو كوة من النور، استمر ابن الرشيد يحرض الترك وصاحب قطر عليه، فكتب إليه والده والشيخ مبارك يسألانه أن يرجع إلى الكويت فأبى. وعندما اشتد عليه ضغط الحكومة - حكومة الحساء - فر ورجاله هاربين جنوبا فوصلوا إلى مكان بين حرض وواحة جبرين، وأقاموا هناك شهرا.
وكان ابن الرشيد لا يزال في الحفر وهو يستنجد الأتراك في احتلال الكويت، ويستحثهم على عدوه الجديد بل على آل سعود كلهم. فقطعت الدولة معاش كبيرهم، وسدت أبواب الحساء على صغيرهم، وهم ابن الرشيد أن يحصر هذا الصغير سميه في تلك الواحة القصية على حاشية الربع الخالي.
صفحة غير معروفة