مثل النجوم التي يسري بها الساري وهكذا فقد غمروا ودفن ذكرهم مع دفن جثثهم، وسأذكر لك بعضا من الأمثلة على ذلك، فقد نظرت في كتاب (مطلع البدور ومجمع البحور) لمؤرخ الزيدية العلامة الفطاحل أحمد بن صالح بن أبي الرجال في ترجمة العلامة الحجة المجتهد أمير الدين بن عبد الله بن نهشل، فوجدته لم يزد على اسمه وذكر وفاته، والعلامة المذكور جدير بأن يؤلف في ترجمته الكتب الحافلة، فهو عالم كبير ومجتهد خطير، شيخ الشيوخ،وأستاذ أهل الرسوخ، ملحق الأواخر بالأوائل أمير المسندين وحلقة الوصل بين الراوين، وكذلك في كتب التاريخ المتأخرة يترجم لعالم من علمائنا الأكابر بسطرين أو ثلاثة أسطر أو نحوها كما فعل القاضي الأكوع في ترجمة العلامة الكبير الكوكب الدري محمد بن علي البدري رحمه الله رحمة الأبرار الذي لو عرفه الأكوع لملأ بذكره الدفاتر.
وهذه كأمثلة فقط، وكما قيل: ضوء البارق يدل على النو المطير، فقد تصدى لها الولد قاسم بارك الله في أيامه بجهود جهيدة، وجمعها من الرقاع المتناثرة هنا وهناك، فأخرج هذه التراجم إلى حيز الوجود، فاستطاعت بفضله أن ترى النور وأظهر فجرها بعد أن كاد الظلام أن يستحكم عليها بقية العصور، وأوشكت الأتربة أن تغطي عليها وتدفنها في خزائن الدور.
صفحة ٤