ملكا على بروفنس، فأعلن عزمه على طرد المسلمين من تلك الأطراف، ولما كان أهم معقل لهم هناك هو حصن فراسينت الذي منه كانت تنبعث غاراتهم إلى داخل البلاد، أجمع هوغ أن يهاجم هذا الحصن، ولما كان مصاهرا لإمبراطور القسطنطينية أرسل إليه يطلب منه إنجاده بأسطوله، وكان الروم يملكون نفاطات يقال لها: النار الإغريقية، فكانت تحرق المراكب بمجرد ما تصيبها، ففي سنة 942 زحف هوغ على حصن فركسينت بجيش جرار من البر. وجاء الأسطول الرومي من البحر فأحرق مراكب العرب التي في الخليج، كما أن جيش هوغ تمكن من الحصن والتجأ العرب إلى الجبال المجاورة، ولكن جاء الخبر إلى هوغ وهو في هذه الحرب مع العرب بأن بيرانجة
Berenger
الذي كان ينازعه مملكة إيطالية، وكان قد فر إلى ألمانية، رجع إلى إيطالية يحاول أن يتنسم ريح الدولة ثانية فنسي هوغ الخطر الواقع على بلاده من العرب وأسرع إلى مهادنتهم بشرط أن يقطعوا الطريق في معبر سان برنار وسائر معابر الألب على بيرانجة. روى ذلك المؤرخ ليوتبراند الذي بهذه المناسبة أفحش الطعن في هوغ وقال: إنه جاء بها صلعاء لا سبيل للعذر فيها، وبلغ من حدته أنه أخذ يخاطب معبر سان برنار فيقول له شعرا معناه: إنك تسهل هلاك الأتقياء وتجعل نفسك حصنا واقيا للطغاة الذين يقال لهم المورو أفلا تخجل أيها التعس من أن تبسط ظلك على أناس يسفكون الدم البشري ويعيشون من قطع الطريق؟ وماذا أقول لك، لعمري جدير بك أن تنقض عليك صاعقة أو أن تكسر تكسيرا أو أن تفنى فناء أبديا ... إلخ.
ومن بعد هذه الحادثة ازدادت جرأة العرب ونفحوا عرفهم واستقرت قدمهم في البلاد وأصبحوا كأنهم سيلبثون أبديا في قلب أوربة فأخذوا يتزوجون من أنفس الأهالي ويحرثون ويزرعون كسائر الفلاحين، وكان أمراء النواحي يكتفون بأن يأخذوا منهم إتاوة خفيفة، وربما اعتضدوا بهم في بعض الأحايين، أما الذين كانوا في أعالي الجبال فقد كانوا يتقاضون المارين الأموال الفادحة، ويقتلون من يمتنع عن دفع ما يطلب منه، وأما معبر سان برنار الكبير الذي كان يسمى من قبل بجبل المشترى فقد كان من قديم الدهر بموقعه بين فاله
Valais
ووادي أوسط
Aoste
هو واسطة الاتصال بين سويسرة وإيطالية، ولما استولى عليه العرب وعلى غيره من المعابر تمكنوا من سائر النواحي المجاورة.
وكانت مدينة نيس (أونيقة) تابعة لمملكة آرل وكانت أيضا تحت طائلة العرب ويظهر أن جماعة من المسلمين كانوا يسكنون في نيس؛ لأن دورانت يذكر في تاريخ نيس أنه كان فيها ناحية للمسلمين
Canton Des Sarrazins .
صفحة غير معروفة