العادلة التي توفر للإنسان العزة والكرامة والسعادة في الدنيا والآخرة يتنافى مع تلك الألوان البراقة المغرية التي طغت على الأخلاق والقيم الروحية وجرفت الكثير من فتياننا وفتياتنا الى التغني بتلك المدينة المزيفة ونبذ تلك المبادئ الإنسانية العادلة ، والنظم الصالحة لبناء أمة قادرة على أن تسهم في بعث العالم ونهضته ووحدته ، انها ليست من صنع الإنسان الذي يخطئ ويصيب ويندفع مع أهوائه ونزغاته مهما حاول ان يتحرر من الناحية العاطفية التي تسيطر على الإنسان في كثير من حالاته ، وإنما هي من صنع خالق الإنسان.
لذلك كانت من أفضل ما أنتجته العقول والمواهب ومن اغزرها مادة وأقواها فكرة وأوسعها خيالا انها مبادئ إنسانية عالمية ترتكز على أساس العقيدة بالله سبحانه بشتى الأساليب والبراهين التي لا تدع مجالا في نفس الباحث إذا كان مجردا لطلب الحق ، ان الإسلام كغيره من الشرائع السماوية يحرص أول ما يحرص على محاربة الإلحاد والوثنية ، ويعطي المئات من الأدلة والبراهين التي تسد على الملحدين والجاحدين طرق الضلال والتشكيك ، ويقيم العشرات من البراهين التي لا تقبل الجدل ، على أن الإنسان مدين في كل نواحيه لقوة تسير هذا الكون تمده بالقوة والتفكير وينتج ويكافح ويجاهد ويسرت له كل ما يمكن أن تصل إليه أفكاره وينتجه عقله ، فهي السبب في كل شيء وإليها تنتهي جميع الأسباب ، وهي الطاقة الخيرة التي أمدت المخلوقات بما فيها من طاقات وامكانيات على اكتشاف الحقائق وأسرار الطبيعة ، وكلما تقدم الفكر واتسع العلم أدرك الإنسان جهله وعجزه عن الإحاطة بنظام هذا الكون وأحس أنه لا يزال في بداية الطريق وسيبقى في البداية لأنه كلما تقدم واتسعت آفاقه يلمس ان ما وصل إليه لا يعد شيئا بالنسبة لما بقي
صفحة ١٨