تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية

محمد لطفي جمعة ت. 1372 هجري
173

تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية

تصانيف

وللمتصوفين اصطلاحات خاصة بمراتبهم، بعضها معلوم وذائع على الألسنة وفي مجالسهم، وبعضها يعد من الأسرار المكتومة، وقد أفاض كثيرون من المؤلفين في ذكر تلك المراتب، بحيث يحسب القارئ أن للقوم نظاما باطنيا خفيا في الظاهر، قوي الأثر في الحقيقة فمنهم الأوتاد، والأبدال، والأقطاب، وأعظمهم القطب الغوث، وهذه المراتب يتولاها البعض طول حياته والبعض مددا محدودة، وقد يترك صاحب إحدى تلك المراتب ميراثه لواحد أو أكثر من مريديه أو غيرهم، ولذلك أخبار مشهورة عند القوم.

وفي كل زمان ينفرد القطب الغوث بهذا المنصب، ولذا يسمى أيضا صاحب الوقت، ومن هؤلاء الأقطاب الغوثية كثيرون من الأولياء ذوي المقامات والأضرحة المشهورة، ويقال في أعمال هؤلاء الصالحين إنهم أرباب وظائف أهمها الإشراف على النظم الكونية، والاشتراك في تدبير الأمور العامة والخاصة بطرق معلومة للقوم ولا يعرفها إلا ذووها.

وقد صرح كثيرون من المؤلفين بهذه الأمور، وأشار البعض إليها تلميحا، فتكلم السهروردي في أنواع الصوفية وفي ذكر (الملامتي) وشرح حاله، وهو الذي يكون في ظاهر حياته ما يدعو إلى الملامة، وتكلم في رتبة المشيخة وأنها أعلا الرتب في طريق الصوفية، بل هي نيابة النبوة في الدعاء إلى الله، والسر في وصول السالك إلى رتبة المشيخة أنه مأمور بسياسة النفس كما يشاء الشيخ، وهذا السر هو في الآية الشريفة:

لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم .

ويكون في الشيخ حينئذ معنى التخلق بأخلاق الله تعالى، ويصير المريد جزءا من الشيخ، كما أن الولد جزء من الوالد، بولادة معنوية. وإلى هذا المعني الدقيق العجيب أشار سيدنا يسوع المسيح بقوله «لا يدخل ملكوت السماء من لم يولد مرتين.» ولهذا يقولون كان الشيخ محيي الدين ابن العربي على قدم السيد المسيح، كما كان غيره على قدم سيدنا موسى

صلى الله عليه وسلم

وبمثل هذه الولادة يستحق السالك ميراث الأنبياء، وهذا تفسير قوله: «إن العلماء ورثة الأنبياء.»

أما السالكون فينقسمون إلى أربعة أقسام وهم: (1)

السالك المجرد. (2)

المجذوب المجرد. (3)

صفحة غير معروفة