لم أدر حين وقفت بالأطلال
ما الفرق بين قديمها والبالي
كلام فقيه لقوله: ما الفرق بين قديمها؛ لأن هذا من تعبيرات الفقهاء واصطلاحاتهم لا من تعبيرات الأدباء مع ما فيه من الوقوف بالأطلال. فلم يستحسن أهل الذوق هذا البيت، ولا وجدوا فيه رقة، ولا بهجة، ولا ماء؛ ولذا لم يستحسنوا في الأدب كلام الفقهاء ولا الفلاسفة مع ما في كلامهم من المنطق والحكمة؛ لخلوه عن هذا النور الذي يتلألأ في كلام الأدباء، ويخرج من نفس الأديب ومن قلبه وروحه، وأما كلام الفقيه، أو الفيلسوف فيخرج من عقله ومحاكمته ومقايسته، فهو وإن كان برهانه قاطعا؛ إلا أن تأثيره على النفوس أقل من تأثير كلام الأديب. ومن كثرة حفظهم لأشعار المتقدمين رسخت لهم ملكة في كلامهم حتى كاد ذوقهم يمج الأسماء التي لم ترد في أشعار الجاهلية. روي أن جرير أنشد بعض خلفاء بني أمية قصيدته:
بان الخليط برامتين فودعوا
أو كلما جدوا لبين تجزع
كيف العزاء ولم أجد مذ بنتم
قلبا يقر ولا شرابا ينفع
قال: وكان الخليفة يزحف من حسن هذا الشعر حتى بلغ قوله:
وتقول بوزع قد دببت على العصا
هلا هزيت بغيرنا يا بوزع
صفحة غير معروفة