تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو

روحي الخالدي ت. 1331 هجري
131

تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو

تصانيف

وأحاديث خبرتها غواة

وافترتها للمكسب القدماء

وهي طويلة مدروجة في اللزوميات وكلها حكم، ونفس المعري ونفس فيكتور هوكو يتقاربان، ولكن الأول أعمى والثاني بصير يرى بهجة الطبيعة وزينتها، فيظهر وصفها في شعره، ويزيد فيكتور هوكو على المعري بأنه من أهل عصر جديد بزغت في أفقه شمس الحرية والمدنية، واتسع فيه نطاق العلوم، وأفانين الصناعات، فارتفعت مدارك الشاعر.

ويشبهون قصيدة «حزن أوليمبيو»

49

بقصيدة البحيرة التي نظمها الشاعر الشهير لامارتين، وترجمها للسان العثماني سعد الله باشا سفير الدولة العلية في ويانة وباريس سابقا. ورأيت في كتاب فرنساوي نشر حديثا بأن أحمد بك شوقي شاعر الحضرة الخديوية ترجم قصيدة لامارتين المذكورة للعربية، ومؤلف هذا الكتاب الفرنساوي فرديناند دي مرتينو وعبد الخالق بك ثروت، وعنوانه منتخبات من غزل العرب ترجما فيه من كلام الجاهلية، وأهل الطبقة الإسلامية ومن أقوال المعاصرين أيضا مثل حسن حسني ومحمود باشا سامي البارودي وإسماعيل باشا صبري وحفني بك ناصيف. •••

هذا ما نظمه فيكتور هوكو من الشعر الموسيقي في الدور الأول من حياته، وأما ما نظمه في الدور الثاني؛ أي في منفاه فهو أعلى طبقة وأحسن ديباجة، وأشد تأثيرا وإهاجة وأكثر توقدا وتوهجا؛ لأن قريحته نضجت في شمس الغربة، وهو معتزل عن الناس بتلك الجزيرة، واستبحر فكره بمجاورته المحيط الغربي؛ لأن للجوار حقا، فنظم أحسن مؤلفاته وهي ديوان القصاص وديوان التأملات وديوان سير الدهور، فأبلغ هجاء لفيكتور هوكو ما هجا به نابوليون الثالث في ديوان القصاص، وأفجع رثاء له ما رثى به بنته في ديوان التأملات، وأحسن شعر حماسي له ما ورد في ديوان سير الدهور، كما قرره العارفون بكلامه.

القصاص

ألف فيكتور هوكو ديوان القصاص بعد انقلاب الجمهورية الثانية إلى الحكومة الإمبراطورية، وذلك أن البرنس لويس نابوليون بونابرت ابن لويس بونابرت الذي كان ملكا على هولاندا وأخ نابوليون الأول انتخب رئيسا للجمهورية لأربع سنوات ختامها سنة 1850، فحلف أمام مجلس نواب الأمة، وبحضور فيكتور هوكو الذي كان عضوا فيه على أن لا يبدل القوانين الموضوعة، ولا يخالف أحكام القانون الأساسي، ولا يخون عهد الجمهورية، ثم صارت الأكثرية في المجلس لحزب الأورليانيين، وأرادوا تولية كونت باريس وهو شاب من العائلة الملوكية في فرنسا، وكان يعارضهم حزب الوارثين الذين يقولون بأن حق الوراثة في الملك إنما هي لكونت شامبور، فهو الذي ينبغي توليته على سرير الملك الفرنساوي، فاغتنم رئيس الجمهورية هذه الفرصة؛ وكان حق الوراثة في الإمبراطورية التي أسسها نابوليون الأول منتقلا إليه لوفاة نابوليون الثاني عند أهل أمه في فيينا، وهو الملقب بليكون؛ أي النسير ودوق ريشتاد. وكان لنابوليون الأول شهرة عظيمة واعتبار زائد في نظر أفراد الأمة، فأخذ رجال المعية وحاشية القصر يشوقون ابن أخيه على الاستبداد بالأمر كما يفعل المقربون من أولي الأمر في كل جيل وفي كل أمة، وكما فعلت بطانة هارون الرشيد ودسوا للمغنيين الشعر المهيج، واحتالوا على سماعه للخليفة تحريضا له على البرامكة، ومن هذا الشعر قولهم:

ليت هندا أنجزتنا ما تعد

صفحة غير معروفة