تولى متسلمية البصرة في سنة 1240ه عزيز أغا، وكان أهلا لهذا المنصب، فدام حكمه إلى سنة 1247ه، وفي أيامه في سنة 1243ه عزل الوزير داود باشا حمودا عن إمارة المنتفك لأمور نقمها عليه، وولى بدله على المنتفك عقيل بن محمد بن ثامر، فثار غضب حمود، وأعلن الخروج على الدولة، وجمع الجموع، وسيرها بقيادة ابنيه ماجد وفيصل؛ لأخذ البصرة، وخشي الفشل فراسل سلطان مسقط السيد سعيد ورؤساء بني كعب يطلب منهم النجدة، فجاءته نجدة مسقط في السفن ونجدة بني كعب على الخيل، فنزل ماجد بالجيش البري قريبا من نهر معقل،
11
ونزل فيصل بالجيش البحري - أو النهري - بأبي سلال، فلما تكاملت الجيوش حاصرا البصرة برا ونهرا، فدافع البصريون دفاعا شديدا، وعاضدهم بنو عقيل النجديين، وقاتلوا معهم، فدامت المعارك بين الفريقين نحوا من شهرين، فانجلت عن هزيمة الهاجمين في السنة نفسها.
وفي أيامه في سنة 1246ه على أثر عزل الوزير داود باشا وأسره وتولية إمارة العراق علي باشا اللاظ؛ هجمت عشيرة بني كعب على البصرة، فقاتلهم البصريون بزعامة آل الزهير ومعاضدة بني عقيل النجديين، فطردوهم خاسرين.
وعلى أثر هذه الحادثة عزل علي باشا عزير أغا، وأرسل بدله متسلما على البصرة عبد القادر باشا، فمات هذا بالبصرة في مرض الطاعون بعد بضعة أشهر من توليته، وعزير أغا هذا هو الذي جدد بناء مسجد بدر المتصل بسوق كاظم أغا، فعرف بجامع عزير أغا. (12) البصرة بعد الوزير داود باشا
كانت البصرة في عهد الوزير داود باشا أمير العراق قد أخذت تدب فيها روح المدنية، ولكنها ما كانت تنجو من ظلم متسلميها المستبدين من المماليك الأتراك،
12
حتى إذا ما انتهت حكومة المماليك من العراق في سنة 1247ه بعد أسر الوزير داود باشا، وشرع ولاة بغداد في بعض الاصطلاحات؛ نالت البصرة شيئا قليلا من ذلك الاصطلاح، وظلت تابعة تارة لولاة بغداد يولون عليها من شاءوا من أعوانهم، وأحيانا يرشح الولاة من أرادوا فيصدر أمر السلطان بتعيينه، وآونة يرسل السلطان متسلما عليها من عاصمته، وبقي الحال على ذلك إلى سنة 1288ه بعد عزل الوزير مدحت باشا، فانفصلت البصرة عن ولاية بغداد، وربطت بالعاصمة «الآستانة»، وصار السلطان يرسل إليها المتصرفين تارة والولاة أخرى، ولكن أهلها ذاقوا مرارات أنواع المظالم من أولئك الرجال الذين تواردوا عليها ممن لا يهمهم غير جمع الأموال بحق أو بغير حق، ولا تأخذهم في قبول الرشوة لومة لائم.
ومن الحوادث التي جرت بعد عهد الوزير داود باشا: أخذ عدة مقاطعات من الشيوخ كأراضي ميهجران ونهر حوز وغيره من المنتفكيين وضمها إلى أموال الدولة في عهد والي بغداد رشيد باشا الكوزلكي في سنة 1273ه، وأخذ مقاطعات أخرى من بعض رؤساء القبائل وضمها إلى خزينة الدولة في أيام نامق باشا والي بغداد في سنة 1282ه؛ وسبب ذلك على ما نقل: أنهم كانوا قد تغلبوا على تلك الأراضي، وأخذوها من الحكومة يوم ضعفها بغير حق.
ومنها: هياج وجوه البصريين على المتسلم سليمان بك التركي
صفحة غير معروفة