============================================================
ذكر ذي القرنين في السماء ثم ينهز(1) أحدهم حربته فيرمي بها نحو السماء فترجع إليهم مخضوبة بالدم فيقولون: قد قتلنا أهل السماء، فبينما هم كذلك إذ سلط الله تعالى عليهم دوذا مثل النغف فتدخل آذانهم ويقال: تنقب أعناقهم فيصبحون موتى لا يسمع لهم حل البتة فيقول المسلمون آي رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هؤلاء فيجيء رجل منهم محتسبا لذلك موطنا نفسه على القتل فينزل إلى الأرض فيجدهم موتى بعضهم فوق بعض فينادي يا معشر المسلمين أبشروا فقد كفاكم الله تعالى شر عدوكم فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم فلا يكون مرعى إلا لحوم يأجوج ومأجوج فيشكر منها أحسن ما يشكر من النبات، وروي أن الأرض تنتن من جيفتهم فيرسل الله تعالى مطرا فيسيل منه سيول فتحمل جينتهم إلى البحار والله أعلم. ويروى آن موتهم يكون أربعين يوما، ويقال سبعين يوما ويقال: أربعة أشهر والله أعلم. ثم إن ذا القرنين سار مما هنالك فورد الأرض التي تسكنها الأمة الصالحة التي ذكرها الله تعالى { ومن قور ثوسى أية يهدوت بالحق وبو يعدلون [الأعراف: الآية 159] فوجد أمة عادلة مهتدية يقسمون بالسوية ويحكمون بالعدل حالهم وكلمتهم واحدة وطرائقهم مستقيمة وقلوبهم مؤتلفة فوجد قبورهم بأبواب بيوتهم وليس لبيوتهم أبواب وليس عليهم أمير ولا ملك ولا قاض، فوجدهم يتساوون ولا يستيون ولا يقتلون ولا يصيبهم قحط ولا جراد ولا آفة ولم يكن فيهم مسكين ولا فقير، فلما رأى ذلك من أحوالهم سألهم فقال: أخبروني عن حالكم فإني قد طفت الأرض فلم أر قوما مثلكم قالوا: سلنا عما أردت قال: أخبروني ما بال قبوركم بأبواب بيوتكم؟ قالوا: لثلا ننسى الموت، قال: فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب؟ قالوا: لأثه ليس فينا إلا الأمين لا يخاف بعضنا خيانة بعض، قال: فما بالكم ليس عليكم أمير؟ قالوا: إنا لا نتظالم، قال: فكيف لا يكون لكم قاض؟ قالوا: لأنا لا نتحاكم قال: فما بالكم ليس فيكم غني؟ قالوا: لأنا لا نتكاثر قال : فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون؟ قالوا: لألفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا، قال: فما بالكم متشابهة أحوالكم؟
قالوا: لا نتباغض؟ قال: فما بالكم لا فقير فيكم؟ قالوا: لأنا نقتسم بالسوية، قال: فما بالكم لا تقحطون؟ قالوا: لأنا لا نغفل عن الاستغفار قال: فما بالكم لا تتجرون؟ قالوا: لثقتنا بالله تعالى، قال: فما بالكم لا يصيبكم البلاء؟ قالوا: لتوكلنا على الله تعالى قال: أخبروني أهكذا وجدتم آباءكم قالوا: نعم، قالوا: وجدنا آباءنا يرحمون ويؤانسون فقراءهم ويعفون عن من ظلمهم ويحسنون لمن آساء إليهم ويحملون عمن جهل عليهم ويستغفرون (1) النهز: التهوض لتناول الشيء هكذا جاء في حاشية المخطوط، والنهز التناول باليد والنهوض للتناول ميعا- ابن منظور لسان العرب 729/3، باب (نهز).
صفحة ٣٥٩