كتاب جمعت فيه من الألفاظ ما هو كثير الدوران على ألسنة الفصحاء، ومشخص للمعاني المتواردة على أفئدة البلغاء، يتبع اللفظ معناه، ويشفع هذا بشاهد أو مثال يهدي إلى مرماه؛ فتستبين بذلك مرامي الكلام، وينال الطالب ما يعز من فوق الثمام:
يقرب الأقصى مع الإيجاز
ويردف الأصلي بالمجاز
شواهده وأمثلته توقف على مناهج الإنشاء والتأليف، وتوفق إلى مدارج الإبداع في التصنيف، يرتب كلمات المادة اللغوية حسب معانيها الأصلية والفرعية، والمواد مرتبة ترتيب الحروف على وجه جميل مألوف يستسهل معه الكشف، ويستعذب منه الرشف. وقد طبع منه السفر الأول في مطبعة بولاق سنة 1311، وهذا السفر يشمل نحو خمسة آلاف كلمة لغوية ولها من الشواهد نحو 500 بيت شعر، و500 آية، و150 حديثا، و100 مثل سائر، وغير ذلك من نوابغ الكلم وجوامع الحكم، وفي مادة «جلل» مقامة أدبية بديعة.
الباب الثاني
في تاريخ الكتابة أو الخط
الفصل الأول
في تعريف الكتابة
الكتابة أو الخط: تصوير اللفظ بحروف هجائه، ومثلها الكتاب بدون هاء، قال تعالى لعيسى عليه السلام:
وإذ علمتك الكتاب والحكمة ، وقد يطلق كل منهما على المكتوب من إطلاق المصدر على اسم المفعول؛ كالحياكة في المحيك، والبساط في المبسوط، وعلى هذا تعرف الكتابة بأنها: نقوش القلم المخصوصة الدالة على المعاني المقصود دلالة الألفاظ عليها، فهي واللغة سيان، ولا اختلاف بينهما إلا في طريقة التبليغ إلى الذهن، ففي اللغة ينقل الهواء الصوت إلى السمع فيصل إلى الذهن، وفي الكتابة ينظر البصر المكتوب وينقله إليه، وقد تطلق الكتابة على صناعة الإنشاء، وبهذا ترادف النثر وتقابل القريض، قال الشاعر:
صفحة غير معروفة