تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين
الناشر
دار المشرق
رقم الإصدار
الثالثة
مكان النشر
بيروت
تصانيف
المعاهد التي سبق لنا ذكرها (ص٥ - ٦) كعين ورقة وعين تزار ظهرت مدارس جديدة غايتها ترقية العلوم كان الفضل في إنشائها إلى المرسلين اللاتينيين.
أوّل هذه المدارس التي فتحت لتثقيف الوطنيين بالآداب العصريَّة مدرسة عين طورا باشرت بالتعليم سنة ١٨٣٤ وقد سبق المشرق (٣ (١٩٠٠):٥٤٨ الخ) فاتسع في تاريخ هذه المدرسة الشهيرة ومن تخرَّج فيها من الأدباء فلا حاجة إلى التكرار.
ثم أُنشئت بعد تسع سنوات (١٨٤٣) مدرسة للآباء اليسوعيين في كسروان أنشأها الأب مبارك بلانشة في غزير في الدار التي كان شيَّدها الأمير حسن شقيق الأمير بشير الشهابي لسكناه. وهذه المدرسة بقيت عامرة إلى سنة ١٨٧٥ وفيها نقلت إلى بيروت فقامت عوضًا عنها مدرسة القديس يوسف الكلية. ومن مدرسة غزير خرج رجال أفاضل لا يحصى عددهم منهم بطاركة إجلاء وأساقفة مبجَّلون وكهنة غيورون ووجوه أُدباء وكتبة كانوا كلهم ولا يزال كثيرون منهم إلى يومنا سندًا لكل مشروع خيري ولكل مسعىً صالح ديني أو وطني.
وكما أهتم المرسلون بفتح المدارس المذكورة لم يسهموا عن تربية الإناث فبمساعيهم قدمت راهبات مار يوسف سنة ١٨٤٥ ثم راهبات المحبة سنة ١٨٤٧ وأخذن يتفانين في تهذيب الفتيات في الشام وفلسطين. وبعد سنين قليلة أنشأ الأباء اليسوعيُّون سنة ١٨٥٣ جمعية الراهبات المريمات ثمَّ جمعية قلب يسوع والفئتان حازتا رضى الأساقفة والأهلين وخدمتا الوطن أحسن خدمة بتهذيب البنات ثم اجتمعتا بأخوية واحدة عُرفت باسم راهبات قلبي يسوع ومريم يشهد لهنَّ الجميع في يومنا بالغيرة والصلاح وحسن التربية للإناث وخصوصًا في القرى المهملة. وقد احتفلن في العام الماضي بيوبيلهنَّ السبعيني (اطلب المشرق ٢١ (١٩٢٣):٦٤١) . وكذلك انتشرت راهبات الناصرة في هذه البلاد في أواسط القرن السابق وتولَّين إدارة مدارس الإناث من كل طبقات الأهلين في بيروت وعكا وحيفا والناصرة وشفاعمرو فأحرزنَ لهنَّ ثقة الجمهور بفضلهنَّ.
أما المدارس الوطنية فإنها تعززّت أيضًا في هذا الطور وزادت نموَّا لا سيما مدرسة عين ورقة التي اكسبها رئيساها الأولان المطران خير الله اسطفان والمطران يوسف رزق الجزيني رونقًا عظيمًا ماديًا وأدبيًا. ومن أثمار هذه المدرسة حينئذٍ (سنة ١٨٤٠)
1 / 49