تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين
الناشر
دار المشرق
رقم الإصدار
الثالثة
مكان النشر
بيروت
تصانيف
وأكثرها من ترجمة كجغرافية ملطبرون وأخبار تليماك وهندسة ساسير ورسائل طبية وله غير ذلك من التآليف والمقالات والمنظومات التي لم يطبع منها إلا القليل. وقد رأيناه كثير التصرف في ترجمة كتبه إلا أنه سبق أهل وطنه بتعريب التآليف الغربية فنال فضلًا بتقدمه. وكانت وفاته سنة ١٢٩٠ (١٨٧٣) فرثاه الحاج مصطفى انطاكي الحلبي بقصيدة مطلعها:
ألا لِطَرْف المجد دامٍ ودامعُ ... على وجنة العلياء هامٍ وهامعُ
إلى أن قال مشيرًا إلى فهمي أفندي نجل المتوفى:
وكادت تميدُ الأرض لو لم يكن بها ... لهُ خلفٌ يحيي المآثرَ بارعُ
عبد الغفار الأخرس
هو السيد عبد الغفار لابن السيد عبد الواحد من مشاهير شعراء العراق كان مولده في الموصل السنة ١٢٢٠ (١٨٠٥) ثم أنشأ في بغداد واتخذها موطنًا وسكن جانب الكوخ وقرأ على المشيخ الآلوسي كتاب سيبويه فأعطاه به إجازة. ثم درس العلوم العقلية والفنون العربية فأتقنها وتعاطى فن الشعر فأجاد به كل الإجادة حتى أن صاحب كتاب المسك الأذفر قال عنه إن إليه كانت النهاية في دقة الشعر ولطافته وحلاوته وعذوبته. وكان مع ذلك في لسانه تلعثم وثقل فدعي بالأخرس لسببه. قيل أنه في شبابه كتب إلى داود باشا والي العراق أبياتًا يسأله فيها أن يأمر بمعالجة لسانه قائلًا:
إن أياديك منك سابقةُ ... عليَّ قدمًا في سالفِ الحُقُبِ
هذا لساني يعوقه ثِقَلٌ ... وذاك عندي من أعظم النُّوَبِ
فلو تسبَّبتَ في معالجتي ... لَنلتَ أجرًا بذلك السببِ
وليس لي حرفةٌ سوى أدبٍ ... جمٍ ونظم القريض والخطبِ
من بعد داودَ لا حُرِمْتُ مُنىً ... فقلت قد مضت دولةُ الأدبِ
فأرسله الوالي إلى بعض أطباء الهند فقال له: أنا أعالج لسانك بدواء إمّا أن ينطلق وأما أن يلحقك بمن مضى من سالف الجدود. فأبى ولم يرضَ بدوائه وقال: لا أبيع كلي ببعضي وكرّ راجعًا إلى بغداد. وكان يتردد إلى البصرة لما عرف في عرف أهلها من السخاء ومحبة الغرباء. وله مدائح في أكثر أعيانها وفضلائها وبها كانت وفاته سنة
1 / 135