241

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

تصانيف

وقيامه عليهم، وعدله فيهم، ورفقه بهم، وهل يستعين بهم فيما بينهم، أو لنفسه، وهل يوليهم غيره إن احتاج إلى ذلك؟ وهل يشتغل مع غيره معهم أو يشتغل له؟ وكيف يرتب لهم أوقاتهم لدرسهم، وكتابتهم، وكيف محوهم ألواحهم، وأكتافهم، وأوقات بطالتهم لراحتهم، وحد أدبه إياهم، وعلى من الآلة التي بها يؤدبهم، والمكان الذي فيه يعلمهم؟ وهل يكون ذلك في مسجد؟ وهل يشترك معلمان أو أكثر؟ وهل يدرس الصبيان في حزب واحد مجتمعين؟ وهل يمسون المصحف وهم على غير طهر، ويعلمون الوضوء لمس المصحف، ويصلون في جماعة يؤمهم أحدهم؟

قال أبو الحسن: قد تقدم من بيان [53-أ] ما يخبره

56

الشرط لمعلم الصبيان على آبائهم من إجارتهم، وما على المعلمين أن يعلموه الصبيان، وما لا ينبغي أن يعلموه لهم ما فيه الكفاية. فالواجب على المعلم الاجتهاد حتى يوفي ما يجب عليه للصبيان، فإن وفى ذلك يطيب له ما يأخذه على التعليم بشرط. وليعلم أنه إن فرط في وفاء ما عليه، أنه لا يجب له ولا يطيب له ما يأخذ من ذلك؛ لأن الذين أجازوا له شرط الإجارة، بينوا له ما يجب عليه، فإن خالف ما بينوا له لم يطيبوا له ما أخذ بشرطه. فليس يجد إلى من يستند من العلماء في جواز ما فعل من التفريط، لما في الأخذ على تعليم القرآن من الخلاف الذي قدمنا التعريض به. وبعد ، فإن التزامه لما التزم من هذا يدخل في العقود التي أمر الله سبحانه بوفائها، ونظره فيمن التزم النظر له من الصبيان رعاية يدخل بها في قول الرسول

صلى الله عليه وسلم : [53-ب] كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته.

57

وليعلم أنه إن قام فيهم بالواجب عليه لهم ونصح لهم، ووفاهم كما ينبغي أنه يدخل في معنى قول الرسول عليه السلام: أيما مملوك أدى حق مواليه، وحق ربه، فله أجران.

58

لأن المملوك استأهل ذلك بما وفى به، مما وجب عليه لمالكه. هذا وليعلم الملتزم الصبيان إنما استأهل ذلك بما وفى به ما وجب لهم عليه، بشرطه أخذ الإجارة عليهم، قد ملكوا منافعه وتصرفاته حتى يستوفوا واجبهم، وكان لمن وفاهم ذلك تأدية لحقهم الواجب لهم عليه، ولحق ربه فيما أمره به من أداء ما عليه لهم، في المعنى الذي استأهل به المملوك أجرين. وكذلك كل أجير ملكت عليه منافعه؛ لأن المؤدي لما عليه طيبة بذلك نفسه من المحسنين. وقال الله سبحانه وتعالى:

إنا لا نضيع أجر من [54-أ] أحسن عملا (الكهف: 30).

صفحة غير معروفة