الكلام على الأنهار
اعلم أن الكلام على الأنهار كالكلام على البلاد والبحيرات، وهي أنها من الكثرة على حد لا يبلغ الإنسان الإحاطة بجميعها، وإنما المذكور بعضها ونحن نذكر ما وقع لنا منها.
ذكر نيل مصر:
وهو النهر العظيم المشهور الذي ليس له نظير في الوجود وقد وصفه ابن سينا فقال: وقد انفرد بثلاث صفات عن سائر أنهار الأرض:
أحدها: أنه أطول أنهار الأرض من مبتداه إلى منتهاه وذلك يستلزم لطافته بسبب كثرة الجريان.
الثانية: أنه يجري في رمال وصخور؛ فيسلم عن الأرض الخنزة والحماة والوحل الذي لا يكاد أن يخلو منه نهر.
الثالثة: أن الحجر فيه لا يخضر كما يخضر في غيره، وهو يزيد في أيام نقص الأنهار وزيادته إنما هي من الأمطار التي تقع في تلك البلاد ومبتداه وأوله الخراب الذي هو جنوبي خط الاستواء؛ ولذلك تعسر الوقوف عليه ولم يتصل بنا من أخباره إلا ما نقل عن اليونان ونسب إلى بطليموس أنه ينحدر من جبل القمر من عشرة مسيلات منه بين كل نهر منها والآخر درجة في الطول، فالغربي منها عند طول: ثمان وأربعين والثاني عند طول: تسع وأربعين وعلى ذلك حتى يكون النهر العاشر منها عند طول: سبع وخمسين.
وتصب هذه الأنهار العشرة في بطيحتين، كل خمسة أنهار تصب في بطيحة، وقد تقدم ذكرهما آنفا، ثم يخرج من كل واحدة من البطيحتين أربعة أنهار وينصب منها نهران في الأنهار الأخر؛ فتصير ستة أنهار، وتسير الأنهار الستة إلى جهة الشمال حتي تصب في بحيرة مدورة عند خط الاستواء، وهي بحيرة كورا
صفحة ٤٩