111

تقريب التدمرية

الناشر

دار ابن الجوزي،المملكة العربية السعودسة

الإصدار

الطبعة الأولى

سنة النشر

١٤١٩هـ

مكان النشر

الدمام

* والعبادة أنواع كثيرة:
فمنها الصلاة والذبح، لقوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: ٢] . وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣] . فمن صلى لغير الله فهو مشرك، ومن ذبح لغير الله تقربًا وتعظيمًا فهو مشرك.
- ومنها التوكل لقوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: ٢٣] . وقوله: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ [هود: ١٢٣] .
ولهذا لما كان التوكل خاصًا به كان وحده هو الحسب كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ [الطلاق: ٣] .
فأما قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ٦٤] . فمعناه أن الله هو حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين فقوله: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَكَ﴾ معطوف على الكاف في قوله: ﴿حَسْبُكَ﴾ وليس معطوفًا على ﴿اللَّهُ﴾ كما ظنه بعض الغالطين، فإن هذا يفسد به المعنى إذ يكون المعنى على هذا التقدير: أن الله والمؤمنين حسب النبي ﷺ وهذا باطل، فإن مقام النبي ﷺ أعلى وأقوى من مقام من اتبعه، فكيف يكون الأدنى حسبًا للأعلى والأقوى؟!
- ومنها الخشية والخوف تعبدًا وتقربًا لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٧٥] . وقوله: ﴿فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْن﴾ [المائدة: ٣] . وقوله: ﴿أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ١٣] وقوله: ﴿فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: ٤٠] . فجعل الرهبة له وحده كما جعل العبادة له

1 / 115