تحقيق جزء من علل ابن أبي حاتم
محقق
سعد بن عبد الله الحميد وخالد بن عبد الرحمن الجريسي
الناشر
مطابع الحميضي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هجري
مكان النشر
الرياض
فوُجِدَ الأَمْرُ على ذلك، فقال السائل: أَشْهَدُ أنَّ هذا العلمَ إلهامٌ....
وبكلِّ حالٍ: فالجَهابذةُ النُّقَّاد العارفون بعللِ الحديثِ أفرادٌ قليلٌ من أهل الحديث جِدًّا، وأولُ مَنِ اشتُهِرَ في الكلام في نقد الحديث: ابنُ سِيرين، ثم خلَفَهُ أيوبُ السَّخْتِياني، وأخَذَ ذلك عنه شُعْبةُ، وأخَذَ عن شُعْبةَ يحيى القَطَّانُ وابنُ مَهْدي، وأخَذَ عنهما أحمدُ وعليُّ بنُ المَديني وابنُ مَعِين، وأخَذَ عنهم مثلُ البخاريِّ وأبي داود وأبي زرعة وأبي حاتِم، وكان أبو زرعة في زمانه يقول: قلَّ مَنْ يَفْهَمُ هذا، ما أعزَّهُ! إذا رَفَعْتَ هذا عن واحدٍ واثنين، فما أقلَّ ما تَجِدُ مَن يُحْسِنُ هذا! ولمَّا مات أبو زرعة قال أبو حاتِم: ذهَبَ الذي كان يُحْسِنُ هذا المعنى - يعني: أبا زرعة - ما بقي بِمِصْرَ ولا بالعراقِ واحدٌ يُحْسِنُ هذا. وقيل له بعد موت أبي زرعة: يُعْرَفُ اليومَ واحدٌ يَعْرِفُ هذا؟ قال: لا.
وجاء بعد هؤلاءِ جماعةٌ، منهم: النَّسَائيُّ، والعُقَيْلي، وابنُ عَدِيٍّ، والدَّارَقُطْني، وقَلَّ مَنْ جاء بعدهم مَنْ هو بارعٌ في معرفة ذلك، حتى قال أبو الفَرَجِ ابنُ الجَوْزي في أول كتابه "الموضوعات" (١): قَلَّ من يَفْهَمُ هذا، بل عُدِمَ، والله أعلم» . اهـ.
وذكر الحافظُ ابن حجر (٢) عن العَلاَئي أنه قال: «وهذا الفَنُّ أغمضُ أنواعِ الحديث، وأَدَقُّها مَسْلَكًا، ولا يقومُ به إلا مَنْ منحَهُ اللهُ
_________
(١) (١/١٤٥) .
(٢) في "النكت" (٢/٧١١، ٧٧٧) .
1 / 29