85

فصل

[تعقيب على قصة نوح عليه السلام ]

ثم إن لله تعالى أن يعتب أنبياءه وأصفياءه ، ويؤدبهم كما تقدم ، ويطلبهم بالنقير والقطمير (1)، من غير أن يلحقهم في ذلك نقص من كمالهم ، ولا غض من أقدارهم ، حتى يتمحصوا للعبودية ، والقيام في نطاق الخدمة ، والقعود على بساط القربة.

ألا ترى كيف نهى الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم عن النظر لبعض المباحات فقال : ( لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ) [الحجر : 15 / 88]. ونهاه أن يتبع النظرة الأولى ثانية ، فقال له : ( ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ) [الكهف : 18 / 28] مع قوله تعالى في مقام آخر : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) [الأعراف : 7 / 32].

فإذا لم يحرم أكل الطيبات والتمتع بالزينة إذا كانت من كسب الحلال ، والنظر في الحسن من التمتع والزينة فكيف يحرم النظر إليها؟ لكن كما قال المشايخ : حسنات الأبرار سيئات المقربين!.

جاء في الصحيح ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح (2): «ما كان لنبي أن يكون له خائنة الأعين».

يعني الإشارة بالعين في الأوامر حتى يفصح بها.

فالنقير : النكتة (النقرة) في ظهر نواة التمرة.

والقطمير : القشرة الرقيقة على نواة التمرة كاللفافة لها.

صفحة ٩٥