مثال ذلك من اجتهد في تجويد فتل هدوب عمامة له ، و تدقيق خيوطها ، وتحسين فتلها [و عقدها] (¬1) ، وعقدها بالغا حتى إنه إذا لم يكن جيدا كثيرا ، رجع فتله ، وأتقن فتله مرة أخرى ، لغير إرادة شهرته حتى يعرف بجودة الصنعة ليؤجر،ولا لإرادة بيعه ، ولا إرادته متى بدا له بيعه ، بل ذلك لنفسه ، ولم تحضره نية في ذلك لله إلا تلذذ نفسه في كونه كذلك فليس له بذلك ثواب في الآخرة ، وإن تركه كذلك غير مفتول لقلة همته لا لشغل أهم منه ، ولا نية له في تركه لله ، ولا عن قناعة ، فلا ثواب له في الآخرة بتركه له كذلك غير مفتول على ما ذكرنا على رأي بعض العلماء في الحإلىن.
ومثله من (¬2) يجود نقش خشب بابه المنصوب على جهتي لوحي الباب ، والخشب الذي أعلاه ، والخشبة المنصوبة في طرف أحد لوحي الباب اجتهادا بالغا ، ويثقب خشبا يجعله أعلى الباب ، ويجتهد في تجويد الثقوب على صورة حسنة لا نية له غير التلذذ بذلك كذلك أو يبذل لغيره أستاذا لعمل ذلك فهو [من] (¬3) المباح ، وليس له[61/ب] ثواب على فعل ذلك ، أي أنه لا نية له فيه لله تعالى .
وإن[31/أ] وضع ذلك كذلك ألواحا وخشبا غير منقوشة تعاجزا لم تحضر به فيه نية لله تعالى إلا تعاجزه ، وليس في نفسه أنه لا يريد [53/ج]كذلك قناعة بل في نفسه أنه بعد حين لينقشه أو يبذل لأستاذ على نقشه بعد حين، ولم يكن تركه في ذلك الوقت بشاغل شغله هو أهم من ذلك لا بل تعاجزا وتغافلا وتسويفا ، فليس له بتركيب بابه على هذا الوجه ثواب.
¬__________
(¬1) سقط في أ و ب.
(¬2) في أ و ب " من يحق أن " وهي غير واضحة في السياق .
(¬3) سقط في ج .
صفحة ٨٩