تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

السمرقندي ت. 373 هجري
130

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

محقق

يوسف علي بديوي

الناشر

دار ابن كثير

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

مكان النشر

دمشق - بيروت

لِأَهْلِ الدُّنْيَا لَأَضَاءَتْ لَهُمْ. وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَفَظَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُدِلُّونَهُ عَلَى مَسَاكِنِهِ فِي الْجَنَّةِ. فَإِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ رُفِعَ لَهُ قَصْرٌ مِنْ فِضَّةٍ شُرُفُهُ مِنَ الذَّهَبِ. فَإِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ اسْتَقْبَلَهُ وَصَائِفُ كَثِيرَةٌ كَاللُّؤْلُؤِ الْمَنْثُورِ، مَعَهُمُ الْحُلِيُّ وَالْحُلَلُ وَآنِيَةُ الْفِضَّةِ وَأَكْوَابُ الذَّهَبِ، وَالْمَلَائِكَةُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَدْخُلُ، فَإِذَا رَأَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْمَنَازِلِ وَالْكَرَامَةِ، تَهَيَّأَ لِلنُّزُولِ، فَتَقُولُ لَهُ حَفَظَتُهُ مَا تُرِيدُ؟ فَيَقُولُ أُرِيدُ النُّزُولَ إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ، فَيَقُولُونَ لَهُ: سِرْ فَإِنَّ لَكَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا. فَإِذَا سَارَ رُفِعَ لَهُ قَصْرٌ مِنْ ذَهَبٍ شُرُفُهُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، فَإِذَا دَنَا مِنْهُ اسْتَقْبَلَتْهُ الْوَصَائِفُ كَاللُّؤْلُؤِ الْمَنْثُورِ، مَعَهُنَّ آنِيَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِنَّ السَّلَامَ، فَيُرِيدُ النُّزُولَ فِيهَا، فَتَقُولُ لَهُ حَفَظَتُهُ سِرْ فَإِنَّ لَكَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا، فَإِذَا سَارَ رُفِعَ لَهُ قَصْرٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ يُرَى بَاطِنُهُ مِنْ ظَاهِرِهِ، مِنْ صَفَائِهِ فَإِذَا دَنَا اسْتَقْبَلَتْهُ الْوَصَائِفُ، كَمَا اسْتَقْبَلَتْهُ مِنَ الْقَصْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، يُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِنَّ السَّلَامَ، فَإِذَا دَخَلَ اسْتَقْبَلَتْهُ حَوْرَاءُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً، لَا تُشْبِهُ الْحُلَّةُ الْأُخْرَى، لَيْسَ عَلَيْهِ مَفْصِلٌ إِلَّا وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، يُوجَدُ رِيحُهَا مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَى وَجْهِهَا أَبْصَرَ وَجْهُهُ فِيهِ مِنْ صَفَاءِ وَجْهِهَا. فَإِذَا نَظَرَ إِلَى صَدْرِهَا أَبْصَرَ كَبِدَهَا مِنْ رِقَّةِ ثِيَابِهَا، وَيُبْصِرُ مُخَّ سَاقِهَا مِنْ رِقَّةِ عَظْمِهَا وَجِلْدِهَا، وَهِيَ فِي بَيْتٍ فَرْسَخٍ فِي فَرْسَخٍ، وَسُمْكُهُ، أَيْ طُولُهُ، مِثْلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ آلَافِ مِصْرَاعٍ مِنْ ذَهَبٍ، فِيهِ بِسَاطٌ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلٌ بِاللُّؤْلُؤِ قَدْ طَبَّقَ الْبَيْتَ، وَفِيهِ سَرِيرٌ عَلَيْهِ مِنَ الْفُرُشِ بِمَنْزِلَةِ سَبْعِينَ غُرْفَةٍ مِنْ غُرَفِ الدُّنْيَا. فَإِذَا جَلَسَ وَاشْتَهَى الثَّمَرَةَ سَارَتْ إِلَيْهِ الثَّمَرَةُ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْهَا أَوْ يَذْهَبَ بِهِ سَرِيرُهُ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْهَا. وَهَذَا كُلُّهُ ثَوَابُ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَتَّقُونَ شُرْبَ الْخَمْرِ وَالْفَوَاحِشِ. قَالَ: وَيُسَاقُ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا دَنَوْا مِنْهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا فَاسْتَقْبَلَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِمَقَامِعِ الْحَدِيدِ، فَإِذَا دَخَلُوا النَّارَ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ عُضْوٌ إِلَّا لَزِمَهُ عَذَابٌ، إِمَّا حَيَّةٌ تَنْهَشُهُ، أَوْ نَارٌ تَسْفَعُهُ، أَوْ مَلَكٌ يَضْرِبُهُ، فَإِذَا ضَرَبَهُ الْمَلَكُ هَوَى فِي النَّارِ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ عَامًا، لَا يَبْلُغُ قَرَارَهَا، ثُمَّ يَرْفَعُهُ اللَّهَبُ وَيَضْرِبُهُ الْمَلَكُ، فَيَهْوِي فِي النَّارِ فَإِذَا بَدَا بِرَأْسِهِ ضَرَبَهُ الْأُخْرَى وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ٥٦] .

1 / 150