إنَّ الخلِيعَ ورَهْطَهُ في عامرٍ ... كالقَلب أُلْبِسَ جُؤْجُؤًا وحَزيما
لا تَغْزُوَنَّ الدهرَ آلَ مُطَرِّفٍ ... لا ظالمًا أبدًا ولا مظلوما
قزمٌ رِباطُ الخيلِ وَسْطَ بُيوتهم ... وأَسِنةٌ زُرْقٌ تُخَالُ نُجوما
ومُخَرَّقٍ عنه القميصُ تَخالُهُ ... وَسْطَ البيوت من الحياء سَقِيما
حتى إذا رُفِعَ اللواءُ رأيتَهُ ... تحتَ اللواءِ على الخَمِيس زَعِيما
لن تَستِطيع بأن تُحوِّل عِزَّهُم ... حتى تُحَوِّل ذا الهِضاب يَسُوما
إن سَالمُوك فَدَعْهُمُ من هذه ... وارقُدْ كَفَي لك بالرُّقاد نَعِيما
قوله: " لا ظالما أبدا ولا مظلوما " هذه رواية محالة؛ وإنما الرواية الصحيحة التي بها يصح معنى البيت: " لا ظالما فيهم ولا مظلوما " لأنه قد يكون ظالما لغيرهم أو مظلوما من غيرهم فيستجير بهم لرد ظلامته، أو لاستدفاع مكروه عقوبته ولابد لهم من إجارته، وعلى رواية أبي علي ﵀ قد نهى كل ظالم ومظلوم أن يقربهم على العموم؛ وهذا إلى الذم أدنى منه إلى المدح. وهذه الرواية على أختلال معناها فيها حشو من اللفظ لا فائدة له، وهو قوله: أبدًا؛ لأن ما تقدم من قوله: " لا تقربن الدهر " يُغني عن إعادة " أبدًا ". وقوله: " ومخرق عنه القميص " هكذا رواه أبو علي ﵀ بالخفض على معنى وربّ مخرَّقٍ، فهو على هذا كناية عن رجل مجهول، والكلام مستأنف منقطع مما قبله؛ وليس كذلك؛ وإنما هو: ومخرَّق عنه القميص، نسقًا على ما قبله، وتعني به الخليع الممدوح المتقدم الذكر؛ ألا ترى قوله:
قوم رباط الخيل وسط بيوتهم
وكذا وكذا ثم قال: ومخرق عنه القميص تخاله وسط البيوت، فالخيل والأسنة وسط البيوت، هي لهذا الكائن وسط البيوت؛ وفي صفته بخرق القميص قولان: أحدهما أن ذلك إشارة الة جذب العفاة له؛ والثاني أنه يؤثر بجيد ثيابه فيكسوها ويكتفي بمعاوزها؛ كما قال رجل من بني سعد:
1 / 79