============================================================
الشهيد شرح معالمر العدل والتوحيد الطريقة الثانية: القياس، وهي تستدعي أركانا أربعة: الأصل. والفرع. والعلة. والحكم.
فإنه متى ثبت أن الحكم في محل الوفاق معلل بعلة ثم وجدنا تلك العلة في محل النزاع لزم لا محالة ثبوت الحكم في محل النزاع. والمعتمد في تقرير هذه الطريقة بيان أن الحكم في الأصل معلل بالعلة الموجودة في الفرع، ولهم على إثبات علة الأصل دليلان: الأول الطرد والعكس، كما قال أصحاب أبي هاشم(1)؛ استدلالا على إثبات الصانع بالقياس، قالوا: إن أفعالنا محتاجة إلينا لوقوعها على حسب قصودنا ودواعينا بقاء وإتيانا، وحاجتها إلينا إنما هو في حدوثها؛ لأنه الذي يقف على قصودنا ودواعينا وجودا وعدما، فيجب أن تكون الحاجة معللة، فما شاركها في العلة وجب مشاركته في الحكم، فإذا قيل لهم: لم لا تكون الحاجة معللة بأمر آخر؟ قالوا: لا دليل عليه.
الثاني: السبر والتقسيم، نذكر أقساما غير منحصرة مثل ما قاله الأشعرية: السواد إنما كان مرئيا؛ لأنه موجود، والله تعالى موجود، فيجب أن يكون مرثيا. ثم يحتج على آن علة صحة رؤية السواد هو الوجود بأن علة هذه الصحة إما كونه سوادا أو لونا أو عرضا أو محدثا، فإذا بطلت هذه الأقسام سوى الوجود ثبت أن علة صحة الرؤية هو الوجود.
فإذا قيل لهم: لعل وراء ما ذكرتموه أمرا آخر يمكن تعليل هذه الصحة به. قالوا: لا دليل عليه: واعلم أن مدار هذين الأمرين في إثبات علة الأصل على أن ما لا دليل عليه وجب نفيه، وقد سبق الكلام عليه.
- عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن أبان الجبائي أبو هاشم (321ه)، من أبناء أبان مولى عشمان: عالم بالكلام، من كبار المعتزلة. له آراء انفرد بها، وتبعته فرقة سميت "البهشمية" نسبة إلى كنيته أبي هاشم. الزركلي: الأعلام 7/4، كحالة: معجم المؤلفين 5/ 230 .
صفحة ٣٧