المقالة الثانية
1
[aphorism]
قال بقراط: إذا كان النوم في مرض الأمراض يحدث وجعا فذلك من علامات الموت. وإذا كان النوم ينفع فليس ذلك من علامات الموت.
[commentary]
تلخيصه: أنه عند النوم تجتمع الحرارة في باطن الأبدان. فإذا لم يقو على غلبه دل على صعوبة المرض. وهذا أضر ما يكون في الحميات إذا كان في وقت انحطاط النوبة، فإن في هذه الحالة أقوى ما تكون الطبيعة على حل المرض. فأما * الضرر (1) الحادث عند نوم المريض في ابتداء النوائب فلا يدل على مكروه لأنه من مقتضى تلك الحالة إذا الحرارة والكيموسات تغور إلى عمق البدن سيما عند الاقشعرار والنافض. فإذا نفق النوم في هذه الحالة تطاولت مدة أعراض المرض، ولذلك يوم المريض في هذه الحالة بالانتباه لتميل PageVW0P006B الحرارة والروح إلى ظاهر البدن فتقاوم العارض.
2
[aphorism]
قال بقراط: متى سكن النوم اختلاط الذهن فتلك علامة صالحة.
[commentary]
تلخيصه: هذا * بعض (2) ما يشمله اللفظ العام المتقدم وهو قوله «إذا كان النوم في مرض من الأمراض يحدث وجعا».
3
[aphorism]
قال بقراط: النوم والأرق إذا جاوز كل واحد منهما المقدار القصد فتلك علامة رديئة.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لأن النوم المفرط يكون من برد الدماغ، ومتى خالطته الرطوبة * حدث (3) عنه السرسام البارد أو اليبس حدث عنه الجمود. والأرق من سخونة الدماغ أو لغلبة المرة الصفراء عليه. وغلط من ظن بأوائل السبات أنها نوم طويل وأن من خاصية السبات أن يعسر الانتباه منه.
4
[aphorism]
قال بقراط: لا الشبع ولا الجوع ولا غيرهما من جميع الأشياء * محمود (4) إذا كان مجاوزا لمقدار الطبيعة.
[commentary]
تلخيصه: هذا لأن الصحة إنما هي بالاعتدال، فما جاوز الاعتدال لم يكن محمودا.
5
[aphorism]
قال بقراط: الإعياء الذي لا * يعرف (5) له سبب منذر بمرض.
[commentary]
تلخيصه: وهذا يدل على كيموس رديء وامتلاء. وقد يحس معه بألم القرحة فيدل على رداءة الكيموس. ويحس بألم الورم فيدل على كثرة الفضل. وبهما فيدل على اجتماعهما.
6
[aphorism]
قال بقراط: من يوجعه شيء من بدنه ولا يحس * بوجعه (6) في أكثر حالاته فعقله مختلط.
[commentary]
تلخيصه: يعني الحال التي منها يكون الوجع وهي الورم الحار والشرخ والجرح وما أشبهه.
7
[aphorism]
قال بقراط: الأبدان التي تهزل في زمان طويل فينبغي أن تكون إعادتها بالتغذية إلى الخصب بتمهل، والأبدان التي ضمرت في زمان يسير ففي زمان يسير.
[commentary]
تلخيصه: لأن من قصف في زمان طويل فذلك من ذوبان اللحم وضعف القوى والهضم فيرد إلى الخصب بتمهل. ولا نفعل ذلك فيمن ضمر في زمان يسير لأن سبب هذا الضمور استفراغ الرطوبات والأعضاء قوية فيتأتى أن * يغذى (7) غذاء قويا.
8
[aphorism]
قال بقراط: الناقه من المرض إذا كان ينال من الغذاء وليس يقوى فذلك يدل على أنه يحمل على بدنه أكثر مما يحتمل، وإذا كان ذلك وهو لا ينال منه دل PageVW0P007A على أن بدنه محتاج إلى استفراغ.
[commentary]
تلخيصه: معنى «ينال» أي يشتهي، فمن اشتهى ويتناول من الغذاء ولم يغذ دل على أنه يحتمل على بدنه أكثر مما يحمل فيصير كلا. ومن * كان (8) يشتهي قدر ما يكتفي به ففي بدنه أخلاط رديئة تحتاج إلى استفراغ.
9
[aphorism]
قال بقراط: كل بدن تريد تنقيته فينبغي أن تجعل ما تريد إخراجه منه يجري فيه سهولة.
[commentary]
تلخيصه: أراد به تقطع الأخلاط وتلطفها وتفتح السدد وتوسع المجاري وقبل إلا أنه البطن ممن يراد أن يسقيه مسهلا يستعد لذلك.
10
[aphorism]
قال بقراط: البدن الذي ليس بالنقي كلما غذوته زدته شرا.
[commentary]
تلخيصه : وهذا لأنه يفسد بفساد الكيموس الرديء. وأكثر ذلك يعرض إذا كانت المعدة ممتلئة كيموسات رديئة.
11
[aphorism]
قال بقراط: لأن يملأ البدن من الشراب أسهل من أن يملأ من الطعام.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لما في الشراب من الحرارة والرطوبة وبهما يسهل الهضم، ولذلك قال بقراط «من احتاج بدنه إلى زيادة سريعة فأبلغ الأشياء في رد قوته الشيء الرطب، ومن احتاج من ذلك إلى ما هو أسرع فتقويته * بالشراب (9) ». وعنى بالرطب ما كان من الأشربة له مع رطوبة غلظ، فإن الشراب المائي يرد ولا * يغذو (10) إلا قليلا. فأما أحمر الغليظ * يغذو (11) ويقوى بسرعة.
12
[aphorism]
قال بقراط: البقايا * التي (12) تبقى من الأمراض بعد البحران من عادتها أن تجلب عودة من المرض.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لأنه بقية رديئة ورطوبة غريبة وتصاراها أن تؤول إلى العفونة.
13
[aphorism]
قال بقراط: من يأتيه البرحان فقد يصعب مرضه في الليلة التي قبل نومه الحمى التي يأتي فيها البحران ثم في الليلة التي بعدها يكون أخف على الأمر الأكثر.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لأن الطبيعة إذا أخذت في * تمييز (13) الجيد من الرديء اضطر المريض إلى اضطراب وقلق. وإنما يخف في الليلة التي بعدها لأن أكثر البحران يؤول إلى السلامة * إلا (14) في حال الوباء.
14
[aphorism]
قال بقراط: عند استطلاق البطن قد ينتفع بأختلاف ألوان البراز إذا لم يكن تغيرها إلى أنواع رديئة.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لأن اختلاف أنواع البراز يدل على استفراغ أصناف كثيرة PageVW0P007B من الكيموسات فيكون * نقاء (15) البدن أصح وأوكد، لكن إن كان من ذوبان وعفونة فلا.
15
[aphorism]
قال بقراط: متى اشتكى الحلق أو خرجت في البدن بثور أو خراجات فينبغي أن تنظر وتتفقد ما يبرز من البدن فإنه إن كان الغالب عليه المرار فالبدن معه عليل، وإن كان ما يبرز منه مثل ما يبرز من البدن الصحيح فكن على ثقة في التقدم على أن تغذو البدن.
[commentary]
تلخيصه: أنه متى قويت الطبيعة على دفع الفضول الرديئة إلى خارج نقي البدن منها كان البراز خلوا من المرار فيغذى العليل. وإن كان في البراز مرار دل على أن البدن غير نقي فيستفرغ أولا ثم يغذى لما ذكر قبل وهو قوله «كلما غذوته رديئة شرا».
16
[aphorism]
قال بقراط: متى كان إنسان جوع فلا يتعب.
[commentary]
تلخيص: يعني بالجوع هاهنا عدم * الغذاء (16) . وعادم الغذاء يمنع الجوع من الرياضة والإسهال والفصد وسائر الحركات، فإن القوة مع هذه الحركات في هذه الحالة تجوز.
17
[aphorism]
قال بقراط: متى ورد على البدن غذاء خارج من الطبيعة كثيرا فإن ذلك يحدث مرضا ويدلك على ذلك برؤه.
[commentary]
تلخيص: أنه يمكن أن يفهم من معنى قوله «كثيرا» * أي (17) أكثر من أن تحتمله طبيعته وقوته فقد يكون الطعام المتناول يسيرا وهو بالإضافة إلى القوة كثيرا. ولهذا قيل إن الكثرة على ضربين: كثرة بحسب الأوعية وكثرة بحسب القوة، وهذه حالة تنقضي الاستفراغ بالفصد أو الشرط أو لدلك أو الرياضة أو الإمساك عن الطعام وذلك استفراغ بطريق العرض. فأما التنقية بالدواء فلا * يسميها (18) بقراط استفراغا ولا يستعمل في هذه الحالة وتسمى هذه الحالة حال كثرة لا حال فساد ما دام بحيث إذا استفرغ الفاضل قدرت الطبيعة على إحالة الباقي كالخمر الذي قد خمص قليلا، فقد تعود الطبيعة الخمرية بأن يراد عليه من الخمر. فأما إذا كان بحيث لا سبيل * إلا (19) رقة إلى الحالة الطبيعة فحينئذ يطلق عليه أسلم الفساد. ويجوز أن يفهم من لفظة بقراط الغذاء الخارج في كيفيته عن مجرى الطبيعة. وهذا لا يحدث مضرة إلا بمقدار من PageVW0P008A الكميت، فإن النيروج والأفيون ليس يغذوان ولا يحدثان مضرة إلا بمقدار من الكميت. ويجوز أن يفهم منه الطعام الكثير جدا الخارج عن العادة وكلها حق. ومعنى قوله * «والبرء (20) يدل على ذلك» فكأنه بقول متى حدث عقيب ما ذكرنا مرض فاستفرغ البدن فانتفع باستفراغه دل أنه إنما يحدث المرض من كثرة الغذاء.
18
[aphorism]
قال بقراط: ما كان من الأشياء يغذو سريعا دفعة فخروجه أيضا يكون سريعا.
[commentary]
تلخيصه: معنى قوله «يغذو سريعا» أي بعد تناولها بزمان يسير. ومعنى قوله «دفعة» أي توفى البدن غذاءه كله في مدة سريعة. ويعلم أنه يعظم النبض وقوته * واستفاد (21) البدن قوة. وأبلغ الأشياء كلها فيما ذكرنا الشراب على تفاوت درجاتها وبالضد منها لحم البقر والمكسور والعدس، فإنها يغذو بعد تناولها بزمان طويل قليلا قليلا. وقد تكتسب الأغذية بالمعدة هذه الحالة. وبحسب سرعة إغذائها سرعة خروجها بالبراز والبول. وقيل: أراد بالخروج التخلل فإن الطعام السريع الاستحالة سريع التخلل وبالضد وهذا أيضا حق إلا أن لفظ الخروج قل ما * استعمل (22) فيه.
19
[aphorism]
قال بقراط: إن التقدم بالقضية في الأمراض الحادة بالموت كانت أو بالبرء ليس يكون غاية الثقة.
[commentary]
تلخيصه: المرض الحاد هو الذي له مع سرعة انقضائه عظيم. فإن حمى يوم سريعة الانقضاء وليس بمرض حاد. وإنما لم يكن الحكم فيها بغاية الثقة لسرعة * تغير (23) المرض الكائن عن الكيموسات الرديئة وسرعة انصبابها من موضع إلى موضع.
20
[aphorism]
قال بقراط: من كان بطنه شبابه لينا فإنه إذا شاخ يبس بطنه، ومن كان في شبابه يابس البطن فإنه إذا شاخ لان بطنه.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لا يكون دائما لكن في أكثر الحالات وفيمن يكون تدبيره تدبيرا واحدا، وينبغي أن يعلم أنه إنما يلين بطنه الشباب. أما البرودة في معدته فيتناول بسببها من الطعام أكثر مما يجذبه الكبد. فإذا شاخ وتعاقم هذا البرد قلت هذه الشهوة فتجف البراز لعلة ما يتناول بقياس ما ينفرذ إلى الكبد. وأما لكثرة انصباب المرة الصفراء PageVW0P008B إلى أمعائه وتقل هذه المادة أعنى الصفراوية إذا شاخ فيبس بطنه. وأما من قبل ضعف القوة الماسكة لاستيلاء الرطوبة عليها فتقوى هذه القوة التي ضعفت بالرطوبة بمقارنة اليبوسة إياها عند الشيخوخة، وهذا فيمن معدته حارة. فأما من كانت معدته باردة فإنها في وقت الشيخوخة يصير إلى الإفراط من البرد فتبقى القوة الماسكة على ضعفها فيبقى لين الطبيعة. وذلك لأن مع المزاج المفرط يضعف الأفعال وييبس بطن الشباب إما لقلة ما يتناول بقياس ما ينفذ إلى الكبد لقلة الشهوة بسبب حرارة فم المعدة فإذا شاخ قلت هذه الحرارة فقويت الشهوة * وقل (24) النفوذ بالإضافة إلى ما يتناول فلان بطنه، أو لقلة تولد المرار وانصبابه بسبب برودة الكبد فقد يعاقم هذا البرد إذا شاخ فيضعف نفوذ إلى الكبد فيلين البطن، وقد يمكن أن يبقى على ما كان من قبل. وأما لشدة القوة الماسكة بسبب اليبس فإذا شاخ أفرط هذا اليبس فضعفت هذه القوة فلان البطن.
21
[aphorism]
قال بقراط: شرب الشراب يشفي من الجوع.
[commentary]
تلخيصه: يعنى الجوع الكلي الحادث بسبب برودة المزاج أو بسبب كيموس حامض سواء كان ذلك من البلغم أو من السود والشراب يشفي عنهما جميعا، لا الجوع الحادث بسبب الإمساك عن الطعام. فإن الشراب يضر هؤلاء وتشنجهم تشنجا رطبا.
22
[aphorism]
قال بقراط: ما كان من الأمراض يحدث من الامتلاء فشفاؤه يكون بالاستفراغ، وما كان منها يحدث من الاستفراغ فشفاؤه يكون بالامتلاء، وشفاء سائر الأمراض يكون بالمضادة.
[commentary]
تلخيص: وهذا إذا كان الامتلاء باقيا وكان المرض يجد في حال الحدوث فحينئذ يزول المرض بإزالة السبب المحدث له، وذلك يكون بضده، وهذا الجزء من الطب الذي يسمى بالتقدم بالحفظ. فإن كان السبب أخذ في التأثير فالمداواة مركبة من التقدم بالحفظ والشفاء. وإن كان حدث وقوع فيحتاج إلى شفاء خاص.
23
[aphorism]
قال بقراط: البحران يأتي في الأمراض الحادة في أربعة عشر يوما.
[commentary]
تلخيصه: البحران تغيير عظيم يحدث في المرض دفعة إما إلى السلامة PageVW0P009A أو إلى أجود يعنى أجود من المرض وأدون من السلامة، وذلك عندما يقهر الطبيعة المرض؛ وإما إلى العطب أو إلى حال أردأ يعنى أردأ من المرض وأهون من العطب، وذلك حين يقهر القوة. فالأمراض التي يأتي فيها البحران في اليوم الرابع عشر أو فيما دونه مثل الحادي عشر أو التاسع أو السابع أو الخامس فإن بقراط يسميها حادا مطلقا. وما كان منها في السادس كان مذموما، ويقول إنه لا يكون مرض حدته متصلة دائمة ويتجاوز أربعة يوما. فأما إذا اشتد في بعض الأيام وخف من غير إنذار في بعضها فقد يتجاوز هذه المدة يعني الأربعة عشر. والأمراض التي لا يتم بحرانها في هذه الأيام أو لا يكون بل يتأخر إلى يوم الأربعين فلا يسميها حادة مطلقة.
24
[aphorism]
قال بقراط: الرابع منذر بالسابع، وأول الأسبوع اليوم الثامن والمنذر اليوم الحادي عشر لأنه الرابع من الأسبوع الثاني واليوم السابع عشر يوم إنذار لأنه اليوم الرابع من الرابع عشر واليوم السابع من الحادي عشر.
[commentary]
تلخيصه: أيام الإنذار هي الأيام التي تظهر فيها علامة تدل على بحران يأتي فيما بعد فالرابع منذر بالسابع والحاذي عشر بالرابع عشر لأنه اليوم الذي تقع عليه * قسمة (25) الأسبوع الثاني بنصفين، ولذلك السابع عشر ينذر بالعشرين لأن عليه تقع * قسمة (26) الأسبوع الثالث، إلا أنه وصل الأسبوع الثالث بالثاني وفصل الثاني من الأول. فجعل ابتداء الأسبوع الثاني اليوم الثامن ولم يجعل ابتداء الأسبوع الثالث اليوم الخامس عشر، فإنه جعل انقضاءه يوم العشرين والتجربة تدل عليه. فإنه حكى في كتاب أبيديميا أن مرضى أتاهم البحران على هذا الحساب يوم الأربعين وبعده يوم الستين وبعده يوم الثمانين، وعلى هذا القياس انقضاء الثلاثة الأسابيع التي بعد العشرين يوم الأربعين وبعده يوم الستين وبعده يوم الثمانين.
25
[aphorism]
قال بقراط: إن الربع الصيفية تكون في أكثر الأمر قصيرة والخريفية طويلة ولا سيما متى اتصلت بالشتاء.
[commentary]
تلخيصه: أن جميع الأمراض الصيفية قصيرة لأن الكيموسات تذوب فتتحلل فينقضي المرض فيمن قوته قوية وتنحل قوة الضعيف مع تحلل المادة فيموت PageVW0P009B . والأمر في الشتاء بالضد.
26
[aphorism]
قال بقراط: لأن تكون الحمى بعد التشنج خير من أن يكون التشنج بعد الحمى.
[commentary]
تلخيصه: تشنج إذا حدث للصحيح بغتة فذلك من كيموس بارد لزج، وقد تسخنه الحمى وتلطفه وتحلله. وإذا حدث بعد حمى محرقة فذلك اليبس والآفة عظمت لأن ترطيبه عسر وشدة المرض لا تمهل.
27
[aphorism]
قال بقراط: لا ينبغي أن تغتر بخف يجده المريض بخلاف القياس ولا أن تهولك * أمور (27) صعبة تحدث على من ذلك القياس فإن أكثر ما يعرض ليس بثابت ولا تطول مدته.
[commentary]
تلخيصه: خفة المرض القوي بغتة من غير استفراغ ولا ظهور علامات النضج غير معتمدة كما أن الأعراض الهائلة لا تخشي مع ظهور علامات النضج.
28
[aphorism]
قال بقراط: من كانت به حمى ليست ضعيفة جدا فأن يبقى بدنه على حاله ولا ينقص شيئا أو يذوب بأكثر مما ينبغي رديء لأن الأول ينذر بطول من المرض والثاني يدل على ضعف من القوة.
[commentary]
تلخيصه: إنما يبقى البدن على حاله في هذه الحمى التي ليست بالضعيف جدا إما لفرط الامتلاء أو لكثافة الجلد أو لغلظ الكيموسات. وكل ذلك منذر بطول المرض والهزال المجاوز للمقدار إذا لم يكن سبب الاستفراغ محسوس أو ترك طعام أو سهر أو حركة مفرطة أو هم يدل على ضعف القوة وينبغي أن يقاس بين الحصب البدن وهزاله وبين عظم الحمى وطولها، فإن الحمى متى كانت أعظم وأقوى وأطول كان بهزيلها أكبر لا سيما للصبيان لسرعة انحلال أبدانهم وللمشايخ الهرمي لضعف قواهم.
29
[aphorism]
قال بقراط: ما دام المرض في ابتدائه فإن رأيت أن تحرك شيئا فحرك، فإذا صار المرض إلى منتهاه فينبغي أن يستفر المريض ويسكن.
[commentary]
تلخيصه: أن الأجود في معونة الطبيعة على الإنضاج أن يستعمل الاستفراغ بالفصد أو الإسهال إذ احتاج اليه في ابتداء المرض لثقل المادة فسهل * نضجها (28) لا سيما والمرض في * منتهاه (29) ضعيف والقوة قوية.
30
[aphorism]
قال بقراط: إن جميع الأشياء في أول المرض وآخره أضعف وفي منتهاه أقوى.
[commentary]
تلخيصه: يعني الأعراض كالأرق والكرب وما أشبههما. وأما المرض الذي يرجى فيجب ضرورة أن يكون في المنتهى أمثل.
31
[aphorism]
قال بقراط: إذا كان الناقه يحظى من الطعام فلا يتزيد بدنه شيئا PageVW0.P010A فذلك رديء.
[commentary]
تلخيصه: أنه ربما كان ذلك من قبل ضعف القوة الغاذية وربما كان من قبل فضل أخلاط رديئة.
32
[aphorism]
قال بقراط: إن في أكثر الحالات جميع من حاله رديئة ويحظى من الطعام في أول الأمر فلا يتزيد بدنه شيئا فإنه يؤول بآخره إلى أن لا يحظى من الطعام. فأما ما من يمتنع عليه في أول أمره النيل من الطعام امتناعا * شديدا (30) ثم يحظى منه بآخره فحاله أجود.
[commentary]
تلخيصه: إنما يحظى الناقه من الطعام ولا يتزيد في بدنه لقوته الشهوة ورداءة الحال. فإذا تمادى به الزمان * ازدادت (31) تلك الرداءة وضعف الشهوة. وأما الناقه إذا لم يشبه أولا ثم اشتهى بآخره فحاله أجود لأن الطبيعة في حال الأفلاك ينضج الفضل الذي كان سبب العلة.
33
[aphorism]
قال بقراط: صحة الذهن في كل مرض علامة جيدة وكذلك الهشاشة للطعام وضد * ذلك (32) علامة رديئة.
[commentary]
تلخيصه: أنه ليس يسلم المرض ضرورة مع جودة علامة ما ولا يعطب من رداءة علامة ما فقد تغلب علامة جيدة علامات رديئة، وبالضد مثل جودة التنفس وصحة الذهن والهشاشة للطعام فإنها في الأمراض الحادة تدل على السلامة وإن كانت معها أعلام رديئة. وذلك أن هذه العلامات تدل على قوة الأعضاء الرئيسة لأن جودة النفس تدل على حال القلب والهشاشة للطعام على حال الكبد وجودة وصحة الذهن تدل على حال الدماغ.
34
[aphorism]
قال بقراط: إذا كان ملائما * لطبيعة (33) المريض وسنه وسخنته والوقت الحاضر فخطره أقل منه إذا كان غير ملائم لواحدة من هذه الخصال.
[commentary]
تلخيصه: عنى بالطبيعة المزاج، وإنما صار غير الملائم أشد خطرا لأنه يدل على قوة السبب الفاعل للمرض. فإن الحمى المحرقة في الشتاء الشاتي لا يعرض للشيخ إلا القوة تغلب مزاج الوقت والسن ولا يناقض هذا قوله «البحوحة والنزلة في الشيخ الفاني لا ينضجان» فليس معنى لا يتضح أن يكون. وأخطر على أن كل ما يعرض للشيخ الفاني فهو ذو خطر لضعف قوته ولا ما قاله في أبيديميا إن أكثر من كان يموت من كانت طبيعته مائلة إلى السل فإنه عنى بالطبيعة هناك الخلقة لا المزاج.
35
[aphorism]
قال بقراط: PageVW0P010A إن الأجود في كل مرض أن يكون ما يلي السرة والثنة له ثخن، ومتى كان رقيقا جدا منهوكا رديء، وإذا كان أيضا كذلك فالإسهال معه خطر.
[commentary]
تلخيصه: أقسام البطن ثلاثة ما دوه الشراسيف السرة والثنة وهي ما بين السرة إلى الفرج، وهزال هذه الأعضاء علامة رديئة تدل على ضعفها وتضر بجودة الاستمرار المعدة والكبد ينتفعان بثخن هذه الأغشية. ولا شك أن في الإسهال والقيء مع رقة هذه الأعضاء خطر.
36
[aphorism]
قال بقراط: من كان بدنه صحيحا فأسهل أو قيئ بدواء أسرع إليه الغشي، وكذلك من كان يغتذي بغذاء رديء.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لأن المسهل ينهك الأبدان الصحيحة يضعفها فيحدث الغشي، وكذلك يعرض لمن في بدنه فضول رديئة من أغذية رديئة يناولها، فإذا أثارها الدواء وأظهرت فحدث الغشي.
37
[aphorism]
قال بقراط: من كان بدنه صحيحا فاستعمال الدواء فيه يعسر.
[commentary]
ص: وهذا لأن الدواء المسهل * يتوقى (34) إلى جذب الكيموسات الملائم، فإذا لم نجد فضلا أسرع ما يلائمه باستكراه.
38
[aphorism]
قال بقراط: ما كان من الطعام والشراب أخس قليلا إلا أنه ألذ فينبغي أن يختار على ما هو منه أفضل إلا أنه أكره.
[commentary]
ص: وهذا لأن احتواء المعدة على المشتهى أقوى فيكون الهضم أبلغ، ولذلك يحدث غير المشتهى إما شفيا أو نفخا وخضخضة.
39
[aphorism]
قال بقراط: الكهول في أكثر الأمر يمرضون أقل مما عرض الشبان إلا أن ما يعرض لهم من الأمراض المزمنة على أكثر الأمر يموتون وهي بهم.
[commentary]
ص: أراد الكهول الضابطين، فإن من لم يضبط منهم نفسه فأمراضه أكثر من أمراض الشبان إلا قويا يضعفهم، ولذلك لا يفارقهم أمراضهم المزمنة إلى الممات.
40
[aphorism]
قال بقراط: إن ما يعرض من البحوحة والنزلة للشيخ الفاني لا ينضج.
EDITOR|
(the rest of bk2 is missing in Ox1)
صفحة غير معروفة