و لهذا كان أحمد بن حنبل يعطي كل ذي حق حقه كان يعرف ليحيى بن معين معرفته بالفن الأول و يقدمه في معرفة الرجال و يكرمه و يعظمه و كان يحيى يتكلم في الشافعي بكلام ليس بمستقيم حتى أنه أخذ كلامه في قتال البغاة فجاء به إلى أحمد منكرا على الشافعي بعض ما فيه من ذكر قتال البغاة و إدخال ذكر قتال علي و طلحة و الزبير فيه فقال له وهل يمكنه أن يقول في هذا المقام إلا هذا و أظنه قال له لا تتكلم فيما لا تحسن أو نحوه من الكلام الذي فيه إنكار على يحيى لأجل إنكاره على الشافعي في طرق الأحكام التي كان الشافعي أعلم بها منه و إن كان يحيى أعلم بالرجال من الشافعي
و كلام يحيى بن معين و البخاري و مسلم و أبي حاتم و أبي زرعة و النسائي و أبي أحمد بن عدي و الدارقطني و أمثالهم في الرجال و صحيح الحديث و ضعيفه هو مثل كلام مالك و الثوري و الأوزاعي و الشافعي و أمثالهم في الأحكام و معرفة الحلال من الحرام وفي الأئمة من هو إمام مع هؤلاء و هؤلاء مشارك للطائفتين و إن كان بأحد الصنفين
و أكثر أئمة الحديث و الفقه كمالك و الشافعي و أحمد و إسحاق بن راهويه و أبي عبيد و كذلك الأوزاعي و الثوري و الليث هؤلاء و كذلك لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة و لأبي حنيفة أيضا ما له من ذلك و لكن لبعضهم في الإمامة في الصنفين ما ليس للآخر وفي بعضهم من ضعف المعرفة بأحد الصنفين ما ليس في الآخر فرضي الله عن جميع أهل العلم و الإيمان
و نقول
ﵟربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيمﵞ
صفحة ٧٢