واما كيف يعرض فى النوم عن هذه القوى ان المرء يرىء يرى كانه يحس بحواسه الخمس من غير ان تكون هنالك محسوسات خارج النفس، فان ذلك يكون منها بعكس الحركة التى كانت بينها وبين المحسوسات فى اليقظة. وذلك ان فى اليقظة المحسوسات من خارج هى التى حركت الحواس، فحرك الحس المشترك القوة المتخيلة. وهاهنا اذا صورت القوة المتخيلة المعنى الذى احذته من القوة الذاكرة، عادت فحركت الحس المشترك، وحرك الحس المشترك قواه الجزئية. فيعرض لمرء ان يدرك المحسوسات، وان لم تكن موجودة خارجا، لان معانيها قد صارت فى آلات الحواس. ولا فرق بين ان تصير هذه المعانى من خارج او تصير من داخل. وقد يعرض مثل ذلك فى اليقظة للخائف والمريض، وذلك لافراط فعل القوة المتخيلة فى هذه الاحوال، فانها اذا قوى فعلها، عادت فحركت ما كانت عنه متحركة، وهو الحس المشترك. وانما افرطت حركة القوة المتخيلة فى النوم لانها انحلت عن رباط القوة الفكرية وخرجت عن سلطانها. ولضعف هذه القوة، اعنى المفكرة ، فى الخائف والمريض، عرض لهم مثل هذا العارض. فقد تبين من هذا القول ان الرؤيا، سوا كانت صادقة او كاذبت، انها منسوبة الى قوة التخيل.
صفحة ٧١