ولما كان الحس المشترك من جهة واحدا، ومن جهة كثيرا، اما الجهة التى هو بها واحد، فمن جهة انه يدرك جميع المحسوسات الخمس. واما الجهة التى هو بها كثير فمن جهة الآلات، اعنى من جهة ان له عينا واذنا وانفا. وكان هذا الحاس هو موضوع النوم واليقظة، وهو عام لقوى كثيرة من قوى الحيوان. ولذلك ما يقول ارسطو انه واجب ان يعدل المرء بين هاتين القوتين ولا يميل الى احداهما دون الاخرى. وذلك انه متى ملنا الى النوم اكثر مما ينبغى، تبلدت النفس والآلات الطبيعية التى بها تفعل. ومتى ملنا الى اليقظة، فسدت القوى والآلات الطبيعية التى تخصها. فقد ظهر من هذا لاى قوة من قوى النفس يوجد النوم والسهر.
ولما كانت هذه القوى لا بد لها من موضوع خاص، وذلك هو العضو الذى فيه هذه القوة، فينبغى ان نفحص عن هذا العضو اى عضو هو، وان كانت توجد لاكثر من عضو واحد، فلايها توجد اولا، ولايها توجد ثانيا، وعن اى سبب توجد، وكيف توجد.
صفحة ٥٩