55

التلخيص في أصول الفقه

محقق

عبد الله جولم النبالي وبشير أحمد العمري

الناشر

دار البشائر الإسلامية ومكتبة دار الباز

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣١٧ هجري

مكان النشر

بيروت ومكة المكرمة

فَإنَّا نجوز اتِّفَاق الْعُقَلَاء على مدركه بِالدَّلِيلِ. وَلَا يستبدع أَن يجمع الْبَريَّة على معرفَة الله تَعَالَى بِالدَّلِيلِ. ثمَّ لَا يَقْتَضِي إِجْمَاعهم الْعلم الضَّرُورِيّ.
[٦٩] فَإِن قيل: لَو كَانَ إِدْرَاك الْحسن والقبح متوقفا على وُرُود الشَّرَائِع لما علم الْحسن والقبح من يعْتَقد بطلَان الشَّرَائِع. وَنحن نعلم أَن الدهرية والبراهمة يعلمُونَ الْحسن والقبح مَعَ جحدهم أصل الشَّرَائِع.
قُلْنَا: إِن كُنْتُم تعنون بالْحسنِ والقبيح مَا تميل إِلَيْهِ الطباع وتهواه النُّفُوس فِي غريزة الجبلات وتنفر عَنْهَا من اللَّذَّات والاهتزاز والفرح والآلام وضروب الضَّرَر والترح فَهَذَا مَا لَا نناقشكم فِيهِ: وَإِن كُنْتُم تعنون بالْحسنِ والقبح مَا يتَعَلَّق بالتكليف فهم لَا يعرفونه. وَإِن خيل لَهُم أَنهم يعرفونه فهم مقلدون غير موقنين. وَهَذَا كَمَا أَن الْعَوام الَّذين لم يسندوا العقائد إِلَى الْأَدِلَّة. وَلم يسبروها حق سبرها وَلم يميزوا بَين مواقع الشُّبْهَة والأدلة لَو قطعُوا آرابا مَا انتكصوا على أَعْقَابهم. وهم غير عارفين بِاللَّه تَعَالَى عِنْدهم فكم من مقلد يحْسب نَفسه عَالما وَالْأَمر على خلاف مَا يقدره.

1 / 159