التلخيص في أصول الفقه

أبو المعالي الجويني ت. 478 هجري
161

التلخيص في أصول الفقه

محقق

عبد الله جولم النبالي وبشير أحمد العمري

الناشر

دار البشائر الإسلامية ومكتبة دار الباز

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣١٧ هجري

مكان النشر

بيروت ومكة المكرمة

لَا يصير إِلَى إدعائه، فَلَا مدرك للعلوم بعد انْتِفَاء الضرورات والبداية إِلَّا الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة والسمعية فَبَطل إِسْنَاد هَذَا الْعلم إِلَى دلالات الْعُقُول وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ فِيهَا دلَالَة على مجاري اللُّغَات الثَّابِتَة توقيفا أَو اصْطِلَاحا. وَهَذَا ثَابت وفَاقا لَا حَاجَة لَك إِلَى الْأَطْنَاب فِي إثْبَاته فَلَا يبْقى إِلَّا إِسْنَاد الْعلم إِلَى الدلالات السمعية. فَنَقُول للخصم أَنْتُم لَا تخلون إِمَّا أَن تثبتوا إِفَادَة الصِّيغَة لِمَعْنى بِعَيْنِه من قَضِيَّة اللُّغَة أَو من أَدِلَّة السّمع فَإِن أَنْتُم رمتم إِثْبَات ذَلِك من مُقْتَضى اللُّغَة قيل لكم مدارك اللُّغَات مضبوطة يحصرها وَجْهَان: أَحدهمَا: معاصرة أهل الْوَضع ومشاهدة اصطلاحهم أصلا وإحاطة الْعلم بمرادهم وقرائن أَحْوَالهم الْمُشَاهدَة، فَهَذَا وَجه. وَلَا سَبِيل لمن يُكَلِّمنَا فِي نفي أَو إِثْبَات إِلَى التَّمَسُّك بِهَذَا الْوَجْه للْعلم بِأَنَّهُ لَا أحد مِمَّن يدْرك على مَذَاهِب الْمُخَالفين عاصر الواضعين اللُّغَة. وَالْوَجْه الثَّانِي: النَّقْل عَن أهل اللُّغَة. ثمَّ النَّقْل يَنْقَسِم إِلَى تَوَاتر يعقب الْعلم الضَّرُورِيّ وَإِلَى غَيره. وَلَا سَبِيل للخصم إِلَى ادِّعَاء هَذَا الضَّرْب من النَّقْل لبُطْلَان دَعْوَى الِاضْطِرَار مَعَ ظُهُور الِاخْتِلَاف ووضوحه بَين أَرْبَاب الْعقل وَالشَّرْع فَلم يبْق بعد ذَلِك إِلَّا نقل استفاضة تدل الدّلَالَة على الْقطع بِصِحَّتِهِ أَو نقل آحَاد. وَلَيْسَ مَعَ الْخصم نقل مستفيض يَقْتَضِي الْعلم فِيمَا يرومه ويلتمسه. وإيضاح ذَلِك أَنه لَا يُمكن أَن يُؤثر عَن أَئِمَّة اللُّغَة صُورَة هَذِه الْمَسْأَلَة الَّتِي فِيهَا التَّنَازُع. وَلَو قلت لأرباب اللُّغَة وَقد جمعهم محفل وَاحِد وفَاقا: الْأَمر هَل يَقْتَضِي الْإِيجَاب وَالنَّدْب أَو الْإِبَاحَة وَالْإِطْلَاق وَمَا مُقْتَضَاهُ إِذا تجرد عَن الْقَرَائِن وَإِذا انضمت إِلَيْهِ الْقَرَائِن؟ فَلَا تراهم فِي سؤالك إِلَّا حيارى، فَلَا يَصح بِوَجْه من الْوُجُوه نقل عين هَذِه المسئلة عَنْهُم. [٢٢٠] فَإِن توصل الْخصم إِلَى مقْصده لوُرُود أوَامِر على إِرَادَة الْإِيجَاب فيقابل بصيغ أَمْثَالهَا، وَالْمرَاد بهَا الْإِبَاحَة وَالْإِطْلَاق.

1 / 265