التلخيص في أصول الفقه

أبو المعالي الجويني ت. 478 هجري
144

التلخيص في أصول الفقه

محقق

عبد الله جولم النبالي وبشير أحمد العمري

الناشر

دار البشائر الإسلامية ومكتبة دار الباز

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣١٧ هجري

مكان النشر

بيروت ومكة المكرمة

هِيَ الْقَرَائِن الدَّالَّة على خلاف الْإِلْزَام والإيجاب نَحْو مَا يدل على الْإِبَاحَة وَالنَّدْب أَو اقْتِضَاء التهديد. وَقد تحقق انْتِفَاء هَذِه الْقَرَائِن فِي حق الهاذي. فَهَذَا لَو زَعَمُوا أَن هَذِه الصِّيغَة تكون أمرا لَا على جِهَة التَّوَاضُع والاصطلاح. [١٩٩] فَإِن قَالُوا: إِنَّهَا أَمر تواضعا وَلَيْسَ ينْصَرف وصفهَا بِكَوْنِهَا أمرا إِلَى نَفسهَا وجنسها. وَلَكِن اصْطلحَ أَرْبَاب اللُّغَات على تثبيت هَذَا الْوَصْف لَهَا عِنْد تعريها عَن الْمَوَانِع والدوافع. وَجُمْلَة الْقَرَائِن المنافية لاقْتِضَاء الْإِلْزَام وَهَذَا مَا يعول عَلَيْهِ من ينتمي إِلَى التَّحْقِيق من هَذِه الفئة. فَنَقُول: إِذا زعمتم أَن أهل اللُّغَة اصْطَلحُوا على تَسْمِيَة هَذِه الصِّيغَة أمرا وإلزاما وإيجابا عِنْد فقد قَرَائِن الْإِبَاحَة وَالنَّدْب والوعيد فَبِمَ تنكرون على من [٢١ / ب] يعكس عَلَيْكُم / دعواكم. وَيَقُول لَا بل وضعوها للاذن وَالْإِطْلَاق وَالْإِبَاحَة عِنْد تجردها عَن قَرَائِن الْإِلْزَام وَالنَّدْب والوعيد. فتتقابل الدعوتان وتتساقطان على مَا سنوضحه فِي بَاب الْوَقْف إِن شَاءَ الله ﷿. [٢٠٠] ثمَّ يَتَّضِح ذَلِك بِمَا عَلَيْهِ الْمعول فِي إِثْبَات اللُّغَات ونفيها فَنَقُول: معاشر الْمُخَالفين! إِلَى مَا تسندون علمكُم بِمَا ادعيتموه فَإِن أسندتموه إِلَى اضطرار انتسبتم إِلَى التَّصْرِيح بالعناد. وَأول مَا يلزمكم عَلَيْهِ أَن تقابلوا دعواكم فِي ضد مقصودها فتتقابل دعوتا الِاضْطِرَار وتتساقطان. وَإِن أَنْتُم أسندتم علمكُم إِلَى دلَالَة عقلية فقد أخطاتم مقصدكم، فَإِن الْعُقُول لَا يتَوَصَّل بهَا إِلَى مجاري اللُّغَات، وَتَخْصِيص الْأَسَامِي بالمسميات. وَإِن أَنْتُم أسندتم علمكُم إِلَى سَماع وَهُوَ مَا يتلَقَّى مِنْهُ اللُّغَات فَلَا تخلون إِمَّا أَن تزعموا: أَن

1 / 248