يفتح عمو «فهمي» صندوق الطاولة. يلعب الحاج «حمدي» مع أبي دورا ثم يستأذن منصرفا. يحل عمو «فهمي» محله. أتابع اللعب بصعوبة. يلعبان بسرعة فائقة. يتعادلان بعد عشرتين. يقترح عمو «فهمي» عشرة ثالثة تحسم النصر.
تظهر الخادمة قائلة: الغدا جاهز. يغلق عمو «فهمي» صندوق الطاولة وينهض واقفا. نمضي إلى الصالة. ينحني ليرى وجهه في المرايا. يرفع يده ويمر بها على شعره الخفيف. يعتدل واقفا. يلتقط كعكة من الصينية الموضوعة فوق البوفيه. يلتهمها. يشير إلى لوحة عريضة فوق المرآة مخاطبا أبي: إيه رأيك فيها؟ قول بصراحة. أحسن من القديمة ولا لأ؟
يتجه أبي إلى كرسيه. يستوقفه عمو «فهمي» ممسكا بذراعه وهو يلقي نظرة جانبية إلى أختي: إيه رأيك في ذوقي؟ مش عاجبة الست. أتأمل اللوحة. ألوانها داكنة. في ركنها شخص ضئيل جدا غير واضح الملامح يتطلع إلى شيء ما مختف في زحمة من الألوان. ربما قارب مقلوب.
يجلس على رأس المائدة. تجلس «نبيلة» في مواجهته عند الطرف الآخر. ينضم إلينا «شوقي» و«شيرين». يأمر عمو «فهمي» الخادمة بإضاءة النجفة. تنتقل عيناه بسرعة بين أطباق الطعام. تتوقفان عند الدجاج المحمر في الطبق المستطيل. يمد يده إلى دجاجة قائلا لأبي وهو يغمز بعينه: صدر أو ورك؟ يتبادلان الابتسام.
يرفع وركا إلى فمه. ينظر من طرف عينه إلى أختي. تستخدم الشوكة والسكين. يأتي على الورك بسرعة. يمد يده إلى بقية الدجاجة. تنظر إليه في صرامة. يمزق جزءا ويرفعه إلى فمه. تقول: شوف يا بابا، بياكل زي الفلاحين. يواصل التهام الدجاجة دون أن يعبأ.
نختتم بشرائح البطيخ. نغسل أيدينا في الحمام. تحضر الخادمة صينية فوقها عدد من زجاجات الكازوزة «كوثر».
تسأل «نبيلة» أبي: تحب تقيل جوه. يقول إنه يفضل كنبة الفرانده. تحضر له الجلابية البيضاء المخصصة له. يأخذها ويدخل غرفة الضيوف.
تنتهي «خضرة» من إزالة محتويات المائدة وتنظيفها. يلتقط «عمو فهمي» كعكة. يلقي بها في فمه. يطلب مني الجلوس إلى المائدة. يجلس إلى جواري. أفتح كتاب اللغة الإنجليزية. أقرأ الدرس. يشرح لي معاني الكلمات. انتباهي موزع بين صوته الرتيب وأصوات الصبية في الشارع. يعطيني واجبا للحل. يدخل غرفة النوم وتتبعه أختي.
يسود الهدوء. أشرع في الإجابة على الأسئلة. أقوم بعد فترة. أغادر الصالة. أمضي إلى الكنيف البلدي. أتبول. أعود إلى الصالة. أقترب في حذر من غرفة النوم. يتجلى الفراش في مجال رؤيتي. «فهمي» في كلسون أبيض واسع يصل إلى ركبتيه. مستلق على جانبه الأيسر بحيث يواجهني. خلفه «نبيلة» فوق ظهرها. ركبتاها مرفوعتان إلى أعلى. فخذاها عاريتان.
أعود إلى مقعدي. أحدق في اللوحة. يتناهي إلى سمعي صوت مألوف في الخارج. «دندورمة كايماك». عجوز ضيق الخلق يدفع أمامه عربة يد. بها إناءان معدنيان للجيلاتي يغطيهما الشاش. واحد للحليب بطعم مثل القشطة. الآخر للفراولة الطبيعية التي تتخللها بذور النبات. يردد نداءه في كبرياء. أتمنى أن تنزل الخادمة للشراء منه. لا أسمع صوت فتح باب الشقة.
صفحة غير معروفة