202

تخجيل من حرف التوراة والإنجيل

محقق

محمود عبد الرحمن قدح

الناشر

مكتبة العبيكان،الرياض

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩هـ/١٩٩٨م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

Creeds and Sects
من بسطت يداه في دنياه، وأهمته العناية بأخراه أن يجمع من وجوه هذه الطائفة الزائفة جمعًا كثيفًا، ويحضر إنجيلهم ويقررهم بهذه الفصول على النبوة والعبودية، ليهلك من هلك/ (١/٦٩/ب) عن بيِّنةٍ ويحيى من حَيَّى عن بيِّنةٍ.
وأما قول يوحنا: "وقد عَيِيَ يسوع من تعب الطريق"، فدليل على الحدث، ظاهر لمن له ناظر. وليت شعري كيف يعتقد ربوبية رجل ذي رأس وعينين، وقذال١ وأذنين، وفم ولسان وكف وبنان، يأكل ويشرب، ويعيا ويتعب، ويهان ويضرب، ويقتل في زعمه ويصلب؟!.
على أَنَّا نسأل النصارى فنقول: من هو هذا الذي عطش وعيي من تعب الطريق؟! فإن قالوا: هو اللاهوت، أكذبتهم التوراة إذ تقول: "إن الله خالق العالم بأسره وما مسه إعياء ولا تعب"٢.
وإن قالوا: هو الناسوت، أبطلوا الاتّحاد، إذ لم يبق لاهوت متميّز عن ناسوت حتى يضاف إليه الإعياء والتعب، وإذا كان الإله منَزَّهًا عن التعب والإعياء وقد تعب المسيح وعيي، فذلك دليل على كذب النصارى فيما هذوا به من الاتّحاد، اللهم إلاّ أن يفسروا الاتّحاد بما ظهر على يده من آيات الإله من إحياء الميّت وتطهير الأبرص وغير ذلك. فيقودهم القول بذلك إلى مساواة المسيح / (١/٧٠/أ) غيره، ويصير لا خصوصية له بهذا الاتّحاد. فإن راموا تفرقة بين المسيح وبين غيره ممن أحيا الميّت وطهر الأبرص وفعل أضعاف فعل المسيح لم يقدروا على ذلك، وقد حكى لوقا في إنجيله: "أن رجلًا من الفريسين طلب إلى يسوع أن يأكل عنده خبزًا، فلما دخل بيته حضرت إليه امرأة خاطئة، وصبَّت

١ القَذَال: جماع مؤخر الرأس، ويكون من الفرس معقد العذار خلف الناصية. والجمع: "أَقذِلَة وقُذُل". (ر: المصباح المنير ص ٤٩٥) .
٢ ورد النص في سفر أشعيا ٤٠/٢٨، كالآتي: "إله الدهر الرّبّ خالق أطراف الأرض لا يكل ولا يعيا". فلعل مراد المؤلِّف في نسبة النصّ إلى التوراة أي جنس الكتب القديمة المتقدمة على الإنجيل، وذلك من إطلاق اسم الجزء على الكل.

1 / 226