وأما الخارجيات فما تقتضي المغالطة بالعرض، كالتشنيع على المخاطب وسوق كلامه إلى الكذب بزيادة أو تأويل أو إيراد ما يحيره من إغلاق العبارة، أو المبالغة في أن المعنى دقيق، أو السفاهة، أو ما يمنعه من الفهم - كالخلط بالحشو والهذيان والتكرار.
الفصل الثامن
في الخطابة
الخطابة صناعة علمية يمكن معها إقناع الجمهور فيما يراد أن يصدقوا به قدر الإمكان.
منفعة الخطابة
وهي في الإقناع أنجح من غيرها، كما أن الجدل في الإلزام أنفع.
وينتفع بها في تقرير المصالح الجزئية المدنية وأصولها الكلية كالعقائد الإلهية والقوانين العلمية.
وموضوعاتها غير محدودة - كما في الجدل - فقد ينظر في الإلهيات والطبيعيات والخلقيات والسياسيات.
أجزاء الخطابة
ويشتمل على عمود وأعوان: فالعمود قول يفيد إقناعا.
والأعوان أقوال وأفعال خارجة تعين عليه؛ وهي إما نصرة " بصيرة - ن " كالشهادة، وأما حيلة تعد المستمع لأن يذعن ويسمى استدراجات؛ والأعداد أما بحسب القائل - لفضائله وشمائله المقتضية لقبول قوله - وأما بحسب القول - كتصرفات في الصوت والكلام يؤدي إليه - وأما بحسب المستمع - وهو إحداث انفعال فيه كالرقة في الاستعطاف والقساوة في الإغراء، أو إيهام خلق الشجاعة أو السخاوة بمدح أو غيره.
أقسام المستمعين
والمستمعون ثلاثة: مخاطب، وحاكم، ونظارة.
والتصديقات المستحصلة أما صناعية تثبت بحجج مقنعة، أو غير صناعية تثبت بسنة مكتوبة.. كوجوب الصلاة - أو غير مكتوبة - كوجوب الإنصاف - وربما تخالفتا كجواز النكاح على الصالحة وأخذ الدية من العاقلة؛ فإن المكتوبة تقتضيها " نقيضها - ن " دون غير المكتوبة؛ أو بشهادة أو بعهد أو بيمين أو بتعذيب أو بما يجري مجرى ذلك.
مبادئ الحجج الخطابية
ومبادئ الحجج الخطابية أصناف ثلاثة: أولها المشهورات الظاهرة التي تحمد في بادئ الرأي مغافصة، كقول القائل: " انصر أخاك وإن كان ظالما " وربما خالفت الحقيقية فإنها تقتضي " أن لا تنصر الظالم وإن كان أخا " والحقيقية تحمد بحسب الظاهر في الأغلب ولا ينعكس؛ ومنها ما يحمده قوم أو شخص وينتفع به في مخاطباتهم.
وثانيهما المقبولات ممن يوثق بصدقه كنبي أو إمام، أو يظن صادقا كحكيم أو شاعر.
وثالثهما المظنونات، كما يقال: " زيد متكلم مع الأعداء جهارا فهو متهم " وربما يكون مقابله مظنونا باعتبار آخر، كما يقال ذلك بعينه في نفي التهمة عنه.
تأليفات الخطابة
وتأليفاتها: ما يظن منتجا فهي مقنعة بحسب المواد والصور معا ويستعمل القياس والتمثيل فيها ويسميان " تثبيتا " ويسمى القياس " ضميرا " لحذف كبراه أو " تفكيرا " لاشتماله على أوسط يستنبط بالفكر، ويسمى التمثيل " إقناعا " والمنتج عنه بسرعة " برهانا " .
والقياس الظني قد لا يكون منتجا في الحقيقة، كموجبتين في الشكل الثاني، ويسمى " رواسم " .
والتمثيل قد يكون خاليا عن الجامع.
وقد يقع الاستقراء فيها أيضا، ويقنع بجزئيات كثيرة.
والتوبيخ فيها كالخلف.
والمقدمة التي من شأنها أن تصير جزء يثبت فهي موضوع، وينبغي أن لا يكون دقيقا علميا ولا واضحا عن ذكره غنى.
ما تستنبط منه الخطابة
والقوانين التي تستنبط منها المواضع تسمى أنواعا، وقلما يبحث في الخطابة عن الضروريات، بل يبحث في الأكثر عن الأكثريات.
والدليل: ضمير على هيئة الشكل الأول، والعلامة: على هيئة الشكلين الأخيرين؛ مثالها: " فلان طاف ليلا فهو لص " " فلان أصفر فهو وجل " " فلان شجاع وظالم فالشجعان ظلمة " .
والرأي قضية كلية ينتفع بها في العمليات، ويستعمل مهملا، كقولنا: " الأصدقاء ناصحون " وربما كان شنيعا ويكتسب بمقارنة حمد، كما يقال: " لا تكن فاضلا لئلا تحسد " .
والأمثلة نافعة جدا، وهي أما شواهد مشهورة - حكايات أو أبعاضها - أو مخترعات غير ممكنة كما يوضح على ألسنة العجم من الحيوان، أو ممكنة يخترعها الخطيب، أو أبيات.
أقسام الخطابة
والمخاطبة إما مشاورة تفيد إذنا أو منعا؛ وأما منافرة تثبت مدحا أو ذما ؛ أو مشاجرة تقتضي شكرا أو شكاية أو اعتذارا. وهذان خصاميان.
أقسام المشهوريات
صفحة ٢٠