الفرح بالنجح لا يدع مجالا للشماتة بخيبة الأعداء، إن العثمانيين أولو نجدة، رضينا أن نفوز ولا نبالي أن يرجع الأغيار بإخفاق.
الله الله، ما أطيب شذا الحرية، وما أرق نسائمها! ضاقت بنا بلاد الله ونحن اليوم نمرح بين الخافقين جذلا. دنوا دنوا أيتها الآمال المولية، إنا لنحسبك بعد اليوم ثابتة غير مزعزعة، بضاعتنا ردت إلينا، لا نطلب من عدو لنا ما بين جنبيه، ذاك عطاء من الله، ولا نحاول حسابا على ما مضى، إنا في حاجة إلى راحة يتلوها العمل.
أهلا بوزراء الدولة وشيوخ تجاريبها، أحق الموضع بكم هذه المقاعد، ملك مهزول، وأهوال ناصبة، ومكايد مثبوتة، وأعداء مختبئون لا ينهض بهذه الأعباء غيركم، فإن جاوزتم بنا الهلكات وانتهيتم إلى الموضع الذي تركنا فيه الآباء، فآمال أصابت وجدود ساعفت، وإن حالت فتن الأعداء دون ما تريدون، فشقاء لم نستحقه ساقه قدر محتم وفناء موعود.
لن نقترح الآن شيئا، أنتم أعلم بما ينبغي؛ لأنكم في الدار ونحن نازحون عنها، خلا شيئا واحدا نطالبكم به ما تحركت في أفواهنا ألسن: أن تحموا شيخنا الوطن، وأن لا تجعلوا عصره السابع آخر عصوره، الإخلاص معان والصدق مرجو، فإن قصرت سواعدكم وصلناها بسواعدنا، أمامكم السلطان وعلى آثاركم الأمة، هكذا تنتظم مواكب المجد.
رحمة الله على حسن فهمي وصميم وزكي ثلاثة أغصان علت في أرض الوطن، في ربيع الحياة، هصرتها يد الموت بمنجل الجمعية، جمعهم التراب كما تجمع الحرية والمساواة والإخاء كلمة العدل، سلام على تلك الأرواح الطاهرة، لعل النهضة الثانية أثبت من الأولى.
الفصل الرابع عشر
كم تحت هذه السماء من أعين باكية!
هل يعقل الدهر وهل يسمع؟
فما الذي يشكو له الموجع؟
تجري صروف لا على نية
صفحة غير معروفة