التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم لعبد العزيز الثميني مج2 من المخطوط
تصانيف
وقيل قد يحسن إظهار ما يضمر من ذلك في أمور أخرى، كقول القائل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وأغنني ما كان الغنى خيرا لي، ولو أطلق لكان جائزا إن كان عنده على ما يدعو به المسلمون، وقيل لا يحتاج إلى إضمار ما ذكر، ولا على إظهاره، لأن موضع الدعاء هو ذلك؛ ولا وجه لاشتراط ما ذكر. واختير أنه يجب عليه إذا دعا ربه أن يغنيه، أو نحو ذلك أن يقول: ما كان ذلك خيرا لي في ديني ودنياي ولا يرسله؛ لأن من يشترط في مثل ذلك خرج دعاؤه مخرج السخط والاستصغار بنعم الله عليه. ولا ينبغي للعبد أن يسأل ربه إلا إن كان في دعائه مطيعا له.
.فصل
الدعاء أيضا على ضربين:
* أحدهما: يفعله الله لعبده ولو لم يدعه، مثل ما حكاه عن ملائكته في قوله: {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما...} الآية (سورة غافر: الآية 7). وقد علمنا أنه يدخل عباده المؤمنين الجنة، وأنه يغفر للذين تابوا، وإن لم يدعه بذلك داع.
* والثاني: ما ليس من حكم الله أن يفعله إلا بعد الدعاء، كدعاء الأنبياء للأشياء التي لولا دعاؤهم بها لما اتفق كونها على سبيل ما اتفقت عليه من الكثرة، ومواقيت الأفعال، لعلم الله تعالى أن ذلك لا يكون موجبا للحجة ولا موافقا موضع المصلحة إلا إن كانت بعد الدعاء.
والمؤمنون يوجهون دعاءهم إلى الله في النصر على الكفار وفي الاستقاء وكشف المكاره، رغبة إلى الله وطمعا في أن اجتهادهم سبب في اجتلاب ما سألوه. وقد يجري أيضا مجرى التقدييس والتسبيح والذكر. والإجابة تكون بموافقة الإرادة.
صفحة ٦٩