182

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

محقق

الدكتور حفني محمد شرف

الناشر

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

مكان النشر

لجنة إحياء التراث الإسلامي

المناسبة أن يقول في العجز وأوفاهم، لا سيما وهي تعطي المعنى الذي يكمل به المدح، وقال: إذا عقدوا يمينًا يريد الحالة التي هي أشد أحوال الحالف، فإنه لو قال: إذا حلفوا لم يعط من المعنى البليغ ما يعطيه عقدوا إذ الحالف قد يحلف لغوًا، وتعقيد اليمين يدل على النية والتصميم، قال الله سبحانه: " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان " فقد اقتضى صدر هذا البيت من جهة اللفظ والمعنى أن يكون تمامه ما ذكره والله أعلم. ومن أمثلة هذا الباب للمحدثين قول البحتري، وهو مما جاءت دلالته لفظية أيضًا طويل: فليس الذي حللته بمحلل ... وليس الذي حرمته بحرام وكقول الآخر خفيف: من غصون كأنهن قدود ... وقدود كأنهن غصون وهذا البيت لا يصلح أن يكون شاهدًا للتسهيم، لكون أوله لا يقتضي آخره لأنه لو قال: من غصون كأنهن قدود ... ذات نور مثل الثغور العذاب أو ذات ورد كأنه الوجنات، حسن أن يكون تمامًا له، ومتى كان التقدير كذلك انخرم ضابط التسهيم، وإنما ذكرته سهوًا كما سها من ذكره قبلي ثم فطنت لذلك بعد إثباته.

1 / 266