وقد ذكر أبو الفرج ابن الجوزي قال: كنا عند شيخنا أبي الوقت عبد الأول، وفي السياق: وكان آخر عهدنا به أنه نظر إلى السماء وضحك وقال: {.. ياليت قومي يعلمون ، بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} وقضى.
الثالث: أن هذا عمل الناس وعادتهم قديما وحديثا يقرءون (يس) عند المحتضر.
الرابع: أن الصحابة لو فهموا من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((اقرءوا (يس) عند موتاكم)) قراءتها عند القبر لما أخلوا به وكان ذلك أمرا معتادا مشهورا بينهم.
الخامس: أن انتفاعه باستماعها وحضور قلبه وذهنه عند قراءتها في آخر عهده بالدنيا هو المقصود، وأما قراءتها عند قبره فإنه لا يثاب على ذلك لأن الثواب إما بالقراءة أو بالاستماع وهو عمل وقد انقطع من الميت. اه من كلام ابن القيم.
وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحق الأشبيلي على هذا فقال: ذكر ما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم، ثم قال: ذكر أبو عمر بن عبد البر من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام))، ويروى هذا من حديث أبي هريرة مرفوعا قال: ((فإن لم يعرفه وسلم عليه رد عليه السلام)).
قال: ويروى من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلا استأنس به حتى يقوم))، واحتج الحافظ أبو محمد في هذا الباب بما رواه أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)).
صفحة ٣٦