وأخرج الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه، عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله تعالى))، وكون الأموات يعذبون في قبورهم ويتألمون من سوء أعمال أقربائهم الأحياء، وينتفعون بما يسديه الأحياء إليهم شيء لا يأتي عليه الحصر من الأحاديث والآثار عن السلف، ذكر بعضا من ذلك ابن كثير في تفسير سورة الروم عند قوله تعالى: {فإنك لا تسمع الموتى}[الروم:52].
رابعا: القراءة على الأموات أمر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان وصححه عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((اقرءوا (يس) على موتاكم))، قال النووي رحمه الله في كتابه (الأذكار) ما نصه: قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعا اه.
(قلت): فسكوت الإمام أبي داود عن تضعيفه يدل على أنه صالح وأنه لا يبعد عن درجة الحسن لغيره، وأقل ما يقال فيه أنه نافع للعمل به، دافع لاعتراض المعترض أو إنكار المنكر لذلك العمل. خصوصا وأنه قد جرى عليه عمل الفقهاء في كثير من الأمصار سلفا وخلفا واشتهر بين الناس كما قرر ذلك الشيخ ابن القيم في كتاب الروح كما سيأتي وغيره من أئمة السلف.
والحديث الضعيف إذا جرى عليه العمل تقوى، وانتهض، وصار له مزية على غيره، ويستأنس به أهل الاعتبار والنظر، ويفرحون للعمل به، ويعتبرون ذلك داخلا في دائرة السنة النبوية، ولا يبادرون إلى الإنكار أو الحكم بالبدعة والضلالة والمخالفة.
صفحة ١٤