فأتى به فقال يا عبد الله أما علمت أن مكة حرام لا يعضد عضاهها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمعرف قال فقال يا أمير المؤمنين لا والله ما حملنى على ذلك إلا أن معى نضوا لى فخشيت ألا يبلغنى أهلى وما معى من زاد ولا نفقة قال فرق له بعدما هم به قال وأمر له ببعير من إبل الصدقة موقر طحينا فأعطاه إياه وقال لا تعودن أن تقطع من شجر الحرم شيئا
فهذا الخبر ينبىء عن أن عمر رضي الله عنه إنما تقدم إلى الذى رآه يقطع من شجر الحرم ويعلفه بعيرا له بالنهى عن العود لمثل ما فعل من قطعه ذلك ولم يأمره بجزاء ولا كفارة لما قطع منه
والصواب من القول فيما على من قطع من شجر المنهى عن قطعه أن يقال عليه قيمة ما قطع منه وذلك لصحة الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهى عن قطعه نظير صحة الخبر عنه بالنهى عن تنفير صيده وقتله
وقد أجمع الجميع من سلف الأمة وخلفهم على أن على قاتل صيده المنهى عنه جزاء فكذلك الواجب من الحكم على قاطع شجره المنهى عن قطعه أن يكون عليه جزاؤه نظير ما على قاتل صيده المنهى عن قتله لا فرق بين ذلك
ومن فرق بين ذلك سئل البرهان على الفرق بين ذلك من أصل أو نظير فلن يقول في أحدهما شيئا إلا ألزم في الآخر مثله
فإن اعتل بالإجماع في الصيد والاختلاف في الشجر
صفحة ١٧