يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة، فأخبر أبو سفيان بذلك رسول الله ﷺ فقال: " كذب سعد " ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة.
فحكم النبىُّ ﷺ على قوله بالكذب رغم أنه لم يقصد كذبًا.
ومن الأدلة أيضًا ما رواه مسلم، عن جابر أن عبدا لحاطب جاء إلى رسول الله ﷺ يشكو حاطبا فقال: " يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال النبي ﷺ: كذبت لا يدخلها فإنه قد شهد بدرا والحديبية " فحكم النبى ﷺ بالكذب رغم أنه لم يقصد كذبًا.
فهذه جملة من الأدلة تثبت ما ذهب إليه أهل السنة من تساوى العمد والسهو فى الكذب. وقد ذكر مثل هذا الكلام وهذه الأدلة ابنُ مفلح فى " الآداب الشرعية ". (١)
الحادية عشر: كيف الهروب من الوقوع فى الكذب.
أول أمر يبعد الإنسان به الكذب عن نفسه أن يستثنى فيقول " إن شاء الله "، عملًا بقول الله سبحانه: " وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ..... (٢٤) " الكهف.
والعلماء فى الاستثناء المذكور فى الآية طرفان ووسط (٢):
* قال بعضهم: إن المعنى إذا نسيت الاستثناء ثم ذكرت فقل إن شاء الله ولو كان بعد سنة.
* وقال بعضهم: قالوا لا يصح الاستثناء إلا متصلا.
* وجمع ابن جرير بين المذهبين فقال: الصواب له أن يستثنى ولو بعد حِنثه في يمينه، فيقول إن شاء الله ليخرج بذلك مما يلزمه في هذه الآية، فيسقط عنه الحرج، فأما الكفارة فلا تسقط عنه بحال إلا أن يستثني متصلا بكلامه، ومن قال له ثنياه ولو بعد سنة أراد سقوط الحرج الذي يلزمه بترك الاستثناء دون الكفارة.
_________
(١) الآداب الشرعية لابن مفلح، حـ١، صـ ٦٤، ٦٥
(٢) السابق حـ١، ٦٣.
1 / 59