[20] قلت حاصل هذا القول انهم لم يدعوا تجويز خلاف ما اظهروا من ضرورة امتناع تراخى المفعول عن فعله مجانا وبغير قياس اداهم اليه بل ادعوا ذلك من قبل البرهان الذى اداهم الى حدوث العالم كما لم تدع الفلاسفة رد الضرورة المعروفة فى تعدد العلم والمعلوم الى اتحادهما فى حق البارى سبحانه الا من قبل برهان زعموا اداهم الى ذلك فى حق القديم وأكثر من ذلك من ادعى من الفلاسفة رد الضرورة فى ان الصانع يعرف ولا بد مصنوعه اذ قال فى الله سبحانه انه لا يعرف الا ذاته .
[21] وهذا القول اذا قوبل هو من جنس مقابلة الفاسد بالفاسد وذلك ان كل ما كان معروفا عرفانا يقينا وعاما فى جميع الموجودات فلا يوجد برهان يناقضه وكل ما وجد برهان يناقضه فانما كان مظنونا به انه تعين لا انه كان فى الحقيقة فلذلك ان كان من المعروف بنفسه اليقينى تعدد العلم والمعلوم فى الشاهد والغائب فنحن نقطع انه لا برهان عند الفلاسفة على اتحادهما فى حق البارى سبحانه واما ان كان القول بتعدد العلم والمعلوم ظنا فيمكن ان يكون عند الفلاسفة برهان وكذلك ان كان من المعروف بنفسه انه لا يتاخر مفعول الفاعل عن فعله ويدعى رده الاشعرية من قبل ان عندهم فى ذلك برهانا فنحن نعلم على القطع انه ليس عندهم فى ذلك برهان .
صفحة ١٥