فقال : (( صراط الذين أنعمت عليهم )) بالهداية منك ، في السير فيه إليك ، على ظباء العلم ، في مطى العمل والحلم ، والبلوغ بالتوفيق ، إلى مقاعد التحقيق ، في قواعد التصديق ، لما له تجلى من خزائن الغيب نور برهان جلية الهدى ، فجلا من القلب دجى رين العمى ، وفاض على النفس تقوى قاهرة الهوى ، وسرى إلى الجوارح فجرها بأزمة الإيمان ، في ميادين الإحسان ، حتى وصلوا بالنعمة الإسلامية ، إلى النعمة الأبدية ، من الأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين ، الذين ذاقوا لذة المعرفة وباشروا روح اليقين ، فاستغرقوا في المناجاة لا غيرهم ، لو كانوا في هذه الدنيا محاويج فقراء ، قد فقدوا الغنى وفرقهم البلاء في الحال باعتبار المال ، وكيف لا ، وهم ثمرته ! الكشف لقناع الوهم بسر العلم عن الدارين في بهجة رياض الرضى والسكون ، تحت مقراض القضاء والارتقاء ، من أرض الحظوظ إلى سماء الحقوق ، في مناص مقام الإخلاص ، قد فتح لهم لفناء النفس ، في مجالس الأنس ، باب الاستراحة بالسماع لغرائب ألحان مقال لسان الحال ، بأن ذلك من أجل هداياه والنظر إلى عجائب ما أودع فيه من ودائع أسباب ذرائع الوصول إليه بعطاياه ، فهانت بذلك عليهم عند ذلك مصائب الدنيا واستلذوا مراد الحق فيهم من حيث إنه لم يبق لهم اختيار إلا ما لهم بخيار ، وهم على منازل وأتباعهم منهم ، ولكل درجات مما عملوا .
صفحة ٢٥